يهدد عرش النفط العراقي.. "اتفاق الثلاثاء" يضع بغداد بمواجهة واشنطن وموسكو

يهدد عرش النفط العراقي.. "اتفاق الثلاثاء" يضع بغداد بمواجهة واشنطن وموسكو
2025-03-20 20:53

شفق نيوز/ أطلق مختصون في المجال النفطي، يوم الخميس، تحذيرات من تداعيات الاتفاق على إيقاف استهداف البنية التحتية للطاقة في الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العراقي، الذي يعتمد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات من خلال احتمال تراجع الطلب على نفطه أو انخفاض أسعاره.

وقال محللون غربيون، إن وقف إطلاق النار المحتمل في اوكرانيا قد يؤدي إلى تخفيف العقوبات، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة إمدادات النفط وخفض الأسعار.

وتتفق عضو لجنة النفط والغاز النيابية انتصار الجزائري، مع هذا الرأي، مؤكدة لوكالة شفق نيوز، أن "كل اتفاق يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط سوف يؤثر على العراق، على اعتبار أن 95 بالمئة من رواتب العاملين في الحكومة العراقية تعتمد على الثروة النفطية، ولا يوجد بديلاً عنها في الوقت الحاضر".

 

تنسيق واشنطن وموسكو

وبداية، وقبل تحليل تأثيرات الاتفاق على الاقتصاد العراقي، يجب أخذ بعين الاعتبار، أن "أي تنسيق بين موسكو وواشنطن في قطاع الطاقة، قد يعني تحولات في سياسة العرض العالمي للنفط، خاصة إذا أدى إلى زيادة الإنتاج من كلا البلدين"، وفق أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة بوخارست، نوار السعدي.

وأوضح السعدي لوكالة شفق نيوز، أن "الولايات المتحدة، بعد ثورة النفط الصخري، أصبحت لاعباً رئيسياً في السوق النفطية، وروسيا بدورها تعد ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم بعد السعودية، وأي زيادة في الإنتاج من قبلهما تعني بالضرورة ارتفاع العرض في الأسواق، وهو ما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار".

واضاف ان "العراق، باعتباره دولة تعتمد على النفط كمصدر أساسي لإيراداتها، سيتأثر سلباً في حال شهد السوق انخفاضاً في الأسعار، مما قد يفاقم العجز المالي ويفرض تحديات على الموازنة العامة".

ولا يقتصر تأثر العراق على بالأسعار فقط، حيث يبين السعدي، أن "العراق لاعب في سوق الطاقة يتنافس مع الولايات المتحدة وروسيا على نفس الأسواق التصديرية، خصوصاً في آسيا وأوروبا".

وتابع: "وفي حال كان هناك تعاون أمريكي - روسي في مشاريع الطاقة، فقد يعزز ذلك نفوذهما في هذه الأسواق، سواء عبر خفض الأسعار لجذب المشترين أو من خلال توفير بدائل أكثر استقراراً من النفط العراقي، ما قد يؤدي إلى تراجع حصة العراق في بعض الأسواق التقليدية".

وبالتالي بحسب السعدي، "لا يمكن تجاهل انعكاسات هذا الاتفاق المحتمل على منظمة أوبك، الذي يعتمد العراق على تنسيقها لضبط الإنتاج وتثبيت الأسعار عند مستويات مقبولة، ورغم أن روسيا شريكاً في تحالف أوبك+، لكنها لطالما انتهجت سياسة إنتاجية تخدم مصالحها الذاتية أكثر من التزامها الصارم بسياسات خفض الإنتاج".

سيناريو كارثي على العراق

وبين أن "روسيا، إذا قررت بالتنسيق مع الولايات المتحدة، تجاوز سياسات أوبك+ وزيادة الإنتاج لمصالحها الاقتصادية، فإن ذلك قد يؤدي إلى انهيار أسعار النفط، وهو سيناريو سيكون كارثياً على العراق الذي يحتاج إلى سعر معين لتحقيق التوازن في موازنته المالية".

وبناءً على ذلك، فإن "الاتفاق قد يؤثر وينعكس بشكل مباشر على الاقتصاد العراقي، الذي يعتمد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، حيث تمثل العائدات النفطية أكثر من 90% من إجمالي الإيرادات العامة"، بحسب الباحث الاقتصادي، أحمد عيد.

واتفق عيد خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، بأن "أي تفاهم بين موسكو وواشنطن في قطاع الطاقة قد يؤدي إلى تحولات كبيرة في سوق النفط، ما قد ينعكس على العراق من خلال احتمال تراجع الطلب على نفطه أو انخفاض أسعاره".

وأشار إلى أن "العراق ينتج حالياً حوالي 4.3 مليون برميل يومياً، ويعتمد على تصدير ما يقارب 3.4 مليون برميل يومياً، وفي حال قل الطلب أو تذبذبت الأسعار، فهذا سيشكل خطراً على الاستقرار المالي للعراق".

ونبه الخبير الاقتصادي، إلى أن "العراق يعتمد في موازنته على سعر برميل النفط عند 70 دولاراً، وأي انخفاض في الأسعار نتيجة للتحالفات الجديدة في السوق، قد يؤدي إلى زيادة العجز المالي، الذي يبلغ حالياً 64 تريليون دينار".

وزاد بالقول: "كما أن أي تراجع في الإيرادات سيؤثر على خطط الحكومة في دفع الرواتب والمشاريع التنموية، حيث تعتمد الدولة على تمويل رواتب نحو 9 ملايين موظف يشكلون العمود الفقري للاستهلاك المحلي".

وفي حال تم الاتفاق، فإن الحكومة العراقية، "في موقف لا تحسد عليه"، وفق وصف عيد، ما يتطلب اتخاذ "استراتيجيات بديلة لمواجهة التغيرات المحتملة في سوق النفط العالمية، خاصة مع التقلبات السياسية والاقتصادية التي تؤثر على القرار النفطي لدى كبرى الدول المنتجة للطاقة".

قلق من التعاون في الطاقة

لكن الخبير الاقتصادي، مصطفى فرج، توقف قليلاً عند هذا الاتفاق، ونوّه بأن "روسيا وأوكرانيا على هدنة مؤقتة تشمل حماية منشآت الطاقة والبنى التحتية لمدة 30 يوماً، مع العمل على محادثات أوسع لتسوية الأزمة، ولم يُذكر وجود اتفاق مباشر بينهما بشأن قطاع الطاقة العالمي".

ورغم ذلك، "قد يؤثر التقارب الأمريكي - الروسي على أسواق الطاقة عالمياً، ما قد ينعكس على صادرات النفط العراقية عبر التأثير على الأسعار والتوازنات"، بحسب ما تحدث به فرج للوكالة، مرجحاً أنه "في حال أدى الاتفاق إلى استقرار أسواق الطاقة أو تقليل التوترات الجيوسياسية، فقد ينعكس ذلك إيجابياً على أسعار النفط، مما يعزز عائدات العراق النفطية".

لكن إذا شمل التعاون بين واشنطن وموسكو تنسيقاً في الإنتاج أو زيادة في الإمدادات، فقد يؤدي ذلك، وفق فرج، إلى "تراجع الأسعار، مما يضر بالاقتصاد العراقي المعتمد على النفط، وبالإضافة إلى ذلك، فأن أي تغييرات في السياسة تجاه إيران قد تؤثر على تدفقات التجارة والطاقة في العراق".

بدوره، وقف الخبير النفطي، حمزة الجواهري، على مسافة قريبة مما طرحه مصطفى فرج، إذ قال إن "مثل هذا الاتفاق لا يؤثر على العراق، حيث إن الدول التي تشتري النفط العراقي هي باقية، وأن 67 بالمئة من النفط العراقي يذهب إلى شرق آسيا، لذلك الإنتاج ومسارات التصدير هي نفسها".

وذكر الجواهري لوكالة شفق نيوز، "لكن تبقى الواردات مرتبطة بأسعار النفط العالمية التي تتأثر سلباً أو إيجاباً بصعودها أو انخفاضها".

وتعززت مخاوف المختصين بعد أن شهدت أسعار النفط تراجعاً بعد يوم واحد من موافقة روسيا، أول أمس الثلاثاء، على اقتراح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بأن تتوقف موسكو وكييف عن مهاجمة البنية التحتية للطاقة الخاصة بكل منهما مؤقتاً، وهو ما قد يؤدي إلى دخول المزيد من النفط الروسي إلى الأسواق العالمية.

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon