إيرادات كبيرة.. هل ينجح العراق بتحقيق "المستحيل السياحي"؟

شفق نيوز/ سلط موقع "دوتشيه فيله" الألماني، الضوء على محاولات
العراق تنويع اقتصاده بعيدا عن النفط، خصوصا من خلال السياحة، وضرورة وجود
"رؤية سياحية" على غرار رؤية 2030 السعودية، ليكون العراق قادرا على
استقطاب السياح الذين يتوقع ان تكون غالبيتهم من العرب وليس من الغربيين.
وتناول التقرير
الألماني، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، وجاء بعنوان "خطط العراق السياحية
الطموحة: حلم مستحيل يتحقق؟"، إحدى ساحات وسط بغداد والمحاطة بانواع المباني
التاريخية التي يرغب السياح في مشاهدتها، وتتضمن مسجدين قيدمين، واحدى اقدم
الجامعات في العالم العربي، وقلعة تعود الى 800 عام، والكنيسة الأقدم في المدينة،
والمقر السابق لحكومة بغداد خلال ايام الحكم العثماني.
لكن التقرير اشار
الى المنطقة المحيطة بساحة السراي وسط بغداد، التي تحمل أيضا آثار جروح من تاريخ
العراق المعاصر، الذي ساهم في تنفير السياح طوال سنوات، يقع على بعد خطوات منها شارع
المتنبي الذي شهد في العام 2007، انفجار سيارة مفخخة ما ادى الى مقتل 30 شخصا
وتدمير جزء كبير من الشارع الرئيس، الذي يشتهر ببيع الكتب، كما ان شارع الرشيد المجاور
تحول في العام 2019، الى خط جبهة خطيرة حيث اشتبك المحتجون وقوات الامن خلال
التظاهرات المعارضة للحكومة.
ولفت التقرير الألماني
إلى أن، الامور تبدلت كثيرا خلال السنوات الـ5 الماضية، حيث شهد العراق مرحلة
طويلة من الهدوء والأمن النسبي، ولهذا فان المسؤولين العراقيين، احتفلوا في هذه
المنطقة في اواخر شباط/ فبراير، ببغداد كعاصمة للسياحة العربية للعام 2025، وهو
لقب سنوي تجدده المنظمة العربية للسياحة، التابعة لجامعة الدول العربية، مذكرا بما
قاله رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال الاحتفال، وهو يتسلم المفتاح
الرمزي من كبار الشخصيات الممثلة لسلطنة عمان التي كانت تحمل لقب 2024، بانه
"من خلال تضحيات شعبه، فان العراق استعاد مكانته اللائقة كدولة مؤثرة، تجذب
السياح من كافة انحاء العالم لتجربة حضاراته الغنية".
الابتعاد عن
النفط
وذكر التقرير، أن
العراق، على غرار العديد من الدول الاخرى المنتجة للنفط في المنطقة، والتي تشعر
بالقلق ازاء ابتعاد العالم عن الوقود الأحفوري، يحرص على أن ينوع مصادر دخله
وتحفيز فرص العمل في القطاع الخاص، بدلا من قطاع النفط او القطاع العام.
ولفت التقرير إلى
أن السياحة، وخصوصا الدينية، توفر مساهمة مباشرة بنحو 3% في الناتج المحلي
الاجمالي للعراق، إلا ان الحكومة العراقية مصممة على تعزيز هذه المساهمة لتصل الى
10% من خلال التركيز على ميادين اخرى يؤمنها العراق، مضيفا انه طموح ليس مستبعدا،
حيث انه في دول مثل مصر وتونس والمغرب والامارات، والتي تشهد ازدهارا سياحيا، فان
هذا القطاع يوفر ما بين 7% و9% من الدخل القومي.
واشار إلى أن ما
بين 6 و10 ملايين سائح ديني يزورون العراق سنويا، غالبيتهم من ايران وتركيا، حيث
يزورون بعض أهم المزارات الاسلامية في العالم، لكن منذ أن خففت الحكومة من شروط
الحصول على التاشيرة للاجانب في العام 2021، طارحة امكانية الحصول على تاشيرة عند
الطلب لمواطني اكثر من 30 دولة، فان هذا الوضع سيتغير، ومع ذلك لفت الى انه من
الصعب الحصول على ارقام دقيقة بالنظر الى اختلاف وسائل جمع اعداد الزوار في
العراق، غير ان سلطات السياحة افادت في العام الماضي ان 400 الف سائح دولي أتوا من
اجل السياحة الثقافية أو الترفيهية.
خطط طموحة
ونقل التقرير عن
مؤسس ورئيس شركة "بيل ويك اند" السياحية علي المخزومي، قوله إن طموحات
العراق السياحية "ممكنة تماما، وقد تغطي 30% من الميزانية العراقية، وانما مع
بعض الشروط طبعا".
وتابع التقرير
ان "العراق يمتلك كل المقومات، بما في ذلك 6 مواقع مدرجة على لائحة التراث
العالمي التابعة لليونسكو، الى جانب المواطنين الذين يتميزون بكرم ضيافة بشكل لا
يمكن تصديقه، بالاضافة الى المعالم الطبيعية، والكنوز الاثرية التي يعود عمرها الى
الاف السنين".
واضاف ان
المجموعات السياحية الغربية والمؤثرين في ميدان السياحة، احتلوا عناوين الصحف
العالمية بزياراتهم الى العراق الذي لا يزال ينظر اليه على انه وجهة خطرة.
ولفت التقرير
الى ان السياح من الدول العربية قد يشكلون التأثير الاقتصادي الأكبر والأكثر
مباشرة، وتابع قائلا أنه برغم أن "زيارة البابا فرانسيس في العام 2021 خلقت
فرقا في النظرة العامة للعراق، إلا أن بعض السكان المحليين قالوا ان الزوار العرب
لم يبدأوا فعليا في المجيء الى العراق من اجل السياحة الثقافية، إلا بعد اقامة
بطولة الخليج لكرة القدم في البصرة في بداية العام 2023".
ونقل التقرير،
عن ديار طلال، وهو أحد مؤسسي "مقهى المسافر العراقي"، وهو منتدى يجمع
حوالي 100 الف عضو على وسائل التواصل الاجتماعي، قوله أن "بطولة كأس الخليج
في البصرة كانت اللحظة التي فتح فيها العراق ابوابه للزوار العرب، وأصبحنا نرى
اشخاصا من السعودية، البحرين، الكويت، وغيرها يأتون الى هنا للسياحة، وليس فقط
لاسباب دينية".
وبعدما لفت
التقرير الى ازدهار السياحة الداخلية ايضا، حيث مثلا يزور حوالي 20 الف عراقي
اماكن مثل موقع بابل القديمة شهريا، قال انه من الواضح أن "هناك عقبات كبيرة
تواجه السياحة العراقية، حيث لا تزال العديد من الدول الغربية تنصح مواطنيها بعدم
السفر الى العراق، وانه على الرغم من منح مواطني دول الخليج الاعفاء من تاشيرة
السفر لحضور مباريات كرة القدم في البصرة، إلا أن مواطني الدول العربية الاخرى قد
يواجهون صعوبة في دخول العراق مقارنة بمعظم الأوروبيين".
وإلى جانب ذلك،
لفت التقرير إلى وجود مسائل اخرى مثل النزاعات القائمة في المناطق المجاورة، كما
هو الحال في غزة، والتغيير المناخي حيث ان صيف العراق يصبح غير ملائم للسفر بشكل
متزايد.
وفي حين قال
التقرير، إن البعض يعتبرون ان جزءا من هذه المشاكل غير قابل للحل، الا انه اشار
الى ان امورا كثيرة يمكن القيام بها، ونقل عن طلال قوله "اعتقد أن بلدنا
بحاجة الى رؤية للسياحة" على غرار السعودية التي لديها "رؤية 2030"،
والتي تتضمن اهدافا سياحية.
وبحسب طلال
"فنحن ليس لدينا ذلك ولا اعتقد ان بامكاننا التغيير بدون شيء مشابه
لذلك"، بينما نقل التقرير عن المخزومي قوله "نحتاج الى خطة حقيقية من
الحكومة والكثير من الاستثمارات من اجل دفع الصناعة (السياحية) الى الأمام".
ووفقا للمخزومي،
فإن "السياحة ليست مجرد دليل سياحي، انها تعني الضيافة ايضا، الفنادق،
والمطاعم، وكل شيء، هي صناعة متكاملة".
ترجمة وكالة شفق نيوز