أوروبا تتجاهل الحل الوحيد.. عوائل الدواعش الأجانب في المخيمات "ورقة سياسية"

أوروبا تتجاهل الحل الوحيد.. عوائل الدواعش الأجانب في المخيمات "ورقة سياسية"
2023-06-08T15:37:11+00:00

شفق نيوز/ مجدداً تعود قضية عوائل عناصر تنظيم داعش الأجانب التي ما زالت موجودة في مخيمات بالعراق وسوريا، إلى الواجهة الإعلامية لتسليط الضوء على ما تشكله من مخاطر أمنية محتملة.

وتقرير للصحفي المتخصص بالجماعات الإرهابية، وسيم نصر، من موقع "فرانس24"، يشير إلى أن قضية عناصر داعش الأجانب وعائلاتهم، ما زالت تتفاعل مع الدعوات المتواصلة لدولهم الأصلية بضرورة العمل على استعادتهم وإغلاق هذا الملف نهائيا.

وهذا ما جاء اليوم الخميس، على لسان وزير الخارجية السعودي الذي اعتبر أنه "من غير المقبول" ألا تقوم الدول الغنية باستعادة مواطنيها من هؤلاء.

موضوع "سياسي بامتياز"

ويعتبر نصر أن الموضوع "سياسي بامتياز"، ويحمل في ثناياه جملة من القضايا الأمنية والاجتماعية والإنسانية الشائكة، وأن الحل الوحيد له هو استعادة الدول الأوروبية تحديدا لمواطنيها الموجودين في مخيمات الاحتجاز.

وعقد التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، اليوم الخميس، مؤتمراً في العاصمة السعودية الرياض، جاءت خلاله دعوات سعودية وأمريكية للدول الغربية لاستعادة مواطنيها ممن قاتلوا في صفوف التنظيم مع عائلاتهم، المحتجزين في سجون ومخيمات العراق وسوريا.

وفي مستهل الاجتماع وبحضور وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، اعتبر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أنه "أمر محبط وغير مقبول إطلاقا" عدم قيام بعض الدول الغنية والمتطورة باستعادة مواطنيها، متوجها إليها بالقول "يجب أن تتحملوا مسؤولياتكم".

من جهته، أشاد بلينكن بالدول التي أقدمت على تلك الخطوة، قائلا إن "استعادة الرعايا أمر أساسي لتقليص الأعداد في مخيمات الاحتجاز مثل مخيم الهول الذي يستقبل نحو 10 آلاف أجنبي".

وأكد وزير الخارجية الأمريكي أمام الدول الأعضاء في التحالف الذي تأسس في 2014 أن "الإخفاق في استعادة المقاتلين قد يؤدي بهم إلى حمل السلاح من جديد".

"وصمة عار" للديمقراطيات الغربية

وسيم نصر، يعتبر أن موضوع "الدعوات للدول الغربية تحديدا لاستعادة مواطنيها أعضاء التنظيم ليست جديدة. أذكر أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كان قد دعا خلال ولايته الدول الأوروبية لاسترداد مواطنيها".

وأورد نصر أن الأعداد الأكبر من هؤلاء محتجزون في العراق وسوريا "وسط ظروف إنسانية سيئة للغاية، وانعدام لآفاق الحلول السياسية لقضيتهم، وهناك دول أقدمت بالفعل على استرجاع رعاياها كالغرب والدول الآسيوية وكندا مثلا، في حين ما زالت الدول الأوروبية تحديدا تماطل بهذا الموضوع".

وأشار نصر إلى أنه "يمكن تقسيم أزمة هؤلاء إلى ثلاثة أجزاء: الرجال المقاتلون، النساء والأطفال، والأطفال الذين كبروا وبلغوا في مخيمات الاحتجاز".

التجنيد في المخيمات

ويرسم نصر صورة إنسانية قاتمة لمستقبل الفئة الأخيرة، معتبرا أن هؤلاء ضحايا "معضلة لا علاقة لهم بها، وهي معضلة قانونية تتمثل بكيفية محاكمتهم. وأثناء هذه الفترة وطول مدة انتظارهم، تتقلص الحلول السياسية لأزمتهم، وبالتالي يبقون عرضة للتجنيد في تلك المخيمات ولتبني الأفكار المتطرفة ".

وأضاف "ما ذنب الأطفال الذين ولدوا في المخيمات مثلا لأن يتحملوا هذا المصير. إنها وصمة عار على جبين الديمقراطيات الغربية، وهذا قد يؤسس لفوز خطاب التنظيم القائل بأن دول هؤلاء تخلت عنهم للأبد".

مخاوف أوروبية أمنية

ويحتجز عشرات آلاف الأشخاص بينهم أفراد عائلات دواعش من أكثر من 60 جنسية في مخيمات الهول وروج وغويران شمال شرق سوريا الخاضعين لإدارة الكورد، وفي السجون العراقية.

ومنذ إعلان القضاء على تنظيم داعش، تطالب الإدارة الذاتية الكوردية الدول المعنية باستعادة رعاياها من أفراد التنظيم الموجودين في مخيمات، خصوصا في مخيم الهول الذي يشهد أعمال قتل وعنف وفوضى وحوادث أمنية.

لكن على الرغم من النداءات، لم تستعد غالبية الدول مواطنيها. وقد تسلمت دول قليلة عددا من مواطنيها، مثل أوزبكستان وكازاخستان وكوسوفو. واكتفت أخرى، خاصة الأوروبية، باستعادة أعداد محدودة من النساء والأطفال.

بالنسبة لوسيم نصر، يخضع قرار الدول الأوروبية بشأن استعادة هؤلاء لمعايير متعددة أهمها خشية الدول من الرأي العام لديها بشأن هذه القضية، فضلا عن المخاوف من أثرهم داخل السجون ومخاطر تجنيدهم لعناصر أخرى أثناء سجنهم.

لكن من جهة أخرى، هؤلاء متواجدون هناك دون محاكمات، أي أنهم حتى اليوم لم يواجهوا العقوبات القانونية المنصفة جراء ما اقترفوا. فهل يكون الحل بإبقائهم على هذه الوضعية؟.

إشكالية أخرى يطرحها نصر، "الدول الإقليمية تخشى بطبيعة الحال هرب هؤلاء من المخيمات، أو أن تخضع قضيتهم لتسوية سياسية إقليمية محلية تؤدي أيضا إلى إطلاق سراحهم. هذا سيعيد الأمور إلى المربع الأول وستعود دوامة العنف من جديد".

الحل الوحيد

يذكر أنه في آذار/ مارس الماضي، حذر قائد القيادة الوسطى للجيش الأمريكي (سنتكوم)، مايكل كوريلا، من خطر مقاتلي التنظيم المحتجزين في العراق وسوريا، معتبرا أنهم "جيش حقيقي قيد الاعتقال، وفي حال تحريرهم سيشكلون خطرا كبيرا".

وأوضح المسؤول العسكري الأمريكي أنه "ما من حلول عسكرية لقضية هؤلاء".

استنتاج كوريلا يوافق عليه وسيم نصر، "من المؤكد أنه ما من حلول عسكرية لهؤلاء، موضوعهم سياسي بامتياز. الحل الوحيد هو أن تقوم الدول الأوروبية باسترداد رعاياها ومحاكمتهم لديها. لكن في ظل الظروف السياسية الحالية أخشى أن هذا لن يحصل. ما من حلول في المدى المنظور".

ورقة سياسية

وبينما أصدرت المحاكم العراقية المئات من الأحكام بالإعدام أو السجن مدى الحياة بحق المتهمين بالانتماء إلى التنظيم، تحذّر الإدارة الذاتية الكوردية في شمال شرق سوريا من أنها لا تتمتع بالقدرات الكافية من أجل مواصلة احتجازهم، ناهيك عن محاكمتهم.

وبحسب نصر فإنه "مع الأخذ بعين الاعتبار المخاوف الكوردية، إلا أن هؤلاء يبقون ورقة ضغط بيد الكورد لتحقيق مكاسب سياسية".

وأضاف "هذا يقع في خانة التطورات السياسية والعسكرية في شمال سوريا. أما حول المحتجزين في العراق قبل ثلاث سنوات سلم الكورد عددا من الفرنسيين من أعضاء التنظيم للعراق، الذي أصدر أحكاما بالإعدام بحق بعضهم. ومع أنه تم إعدام العراقيين، إلا أن هؤلاء ما زالوا يقبعون في السجون، بمعنى آخر هم ورقة مساومة ومصالح بين العراق وفرنسا".

ولم يغفل وسيم نصر فداحة الأوضاع التي تحذر منها الإدارة الكوردية في المخيمات التي تخضع لسيطرتها، "على مر السنوات، نشأت سلطة بديلة داخل المخيمات خارجة عن سلطة الكورد، حتى بات الموضوع يتطلب التخطيط والتحضير لعملية عسكرية جدية لدخولها من أجل اعتقال شخص مطلوب".

وتابع "كل هذا يؤدي إلى أن الحل الوحيد لهذه القضية، هو أن تقوم الدول باستعادة مواطنيها من تلك المخيمات ومحاكمتهم لديها، وأن تعمل على استعادة النساء والأطفال. دون هذا لن تكون هناك حلول جدية لهذه القضية، وسيبقى المعتقلون من تنظيم ’الدولة الإسلامية‘ هاجسا لدى دول المنطقة التي تخشى عودتهم لنشاطهم".

وبحسب تقديرات نشرت في تقرير لمجلس الأمن الدولي في شباط/ فبراير، ما زال لدى التنظيم "ما بين 5 إلى 7 آلاف عنصر ومؤيد ينتشرون بين العراق وسوريا، نحو نصفهم من المقاتلين".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon