"وحدة الساحات" تعود إلى الواجهة.. هل ينخرط العراق في الصراع الإقليمي؟

شفق نيوز/ في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، أكدت "فصائل المقاومة
الإسلامية في العراق" جهوزيتها للصراع مع إسرائيل، سواء عبر "حرب شاملة
أو عمليات محدودة"، فيما شددت لجنة الأمن والدفاع النيابية على ضرورة أن تكون
أي مشاركة عراقية في الصراعات الخارجية مرتبطة بقرار عربي أو دولي وليس منفردة.
وفي ظل التطورات الجديدة في المنطقة، ذهبت توقعات المراقبين إلى عودة
"وحدة الساحات" واشتراك الفصائل العراقية بالصراع الذي سيعطي الضوء
الأخضر لانطلاق عمليات إسرائيلية بدعم أمريكي أو مشتركة بينهما ضد العراق.
ومصطلح "وحدة الساحات" أطلق لأول مرة بعد المعركة التي أطلقتها
حماس في آيار/مايو عام 2021، ردا على القرارات التي اتخذتها إسرائيل في حي الشيخ
جراح بالقدس.
وعقب اندلاع هجوم "حماس" على إسرائيل في 7 تشرين الأول أكتوبر
2023، عاد قادة ما يُعرف ب"محور المقاومة" يتحدثون عن "وحدة
الساحات" بوصفها هدفاً استراتيجياً على الدولة العبرية.
وتأتي هذه المواقف عقب استئناف إسرائيل هجماتها على قطاع غزة، مما أنهى
الهدنة الهشة التي استمرت لأسابيع، كما تزامنت مع بدء الهجمات الأمريكية ضد
الحوثيين في اليمن، في إطار مواجهة التهديدات التي تستهدف الملاحة البحرية، حسب
قولهم.
وفي تطور جديد شهده اليوم السبت، أعلن الجيش الإسرائيلي، اعتراض ثلاثة
صواريخ أُطلقت من جنوب لبنان، في أول خرق من هذا النوع منذ الاتفاق على وقف إطلاق
النار بين الجانبين.
حرب استباقية مؤقتة
وفي هذا السياق، يعتبر مهدي الكعبي، القيادي في حركة النجباء، أن الضربات
الأمريكية على اليمن هي "حرب استباقية لحماية إسرائيل".
ويشير الكعبي، إلى أن "المقاومة الإسلامية كانت ولا تزال في حالة جهوزية
تامة منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى، ومستعدة لمواجهة أي تصعيد ضدها".
ويضيف الكعبي، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "جميع السيناريوهات
مطروحة، بما في ذلك حرب شاملة، خاصة وأن إيران وحلفاءها في المنطقة يرفضون التفاوض
تحت الضغط والتهديد".
يذكر أن مصدراً رفيعاً كشف لوكالة شفق نيوز، الأسبوع الماضي، عن إجراء قائد
الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني زيارة خاطفة غير معلنة إلى بغداد.
ووفقاً للمصدر فإن قاآني عقد اجتماعاً مهماً مع قيادات في الإطار التنسيقي
وبحضور قادة الفصائل والحشد الشعبي، للتأكيد على ضرورة التزام العراق بجانب الحياد
وعدم التدخل في الملف السوري إلى جانب ضبط الملف الأمني ومنع أي اجتهادات خارج
إطار الدولة، وسط تحذير من تداعيات وخيمة، فضلاً عن مناقشة الأحداث المتوقعة بعد
الهجوم الأميريكي على الحوثيين في اليمن.
كما حمل قاآني رسائل إيرانية للحكومة العراقية من بينها دعم الموقف في
البقاء بهذا التوازن وعدم الانخراط مع أي طرف ضد آخر لكن في حال تعرض العراق لضربة
إسرائيلية فإن إيران لن تسكت وستكون داعمة لأي موقف يصدر من الحكومة أو أي ردة فعل
تصدر من الفصائل المسلحة.
التزام بالقواعد الدولية
من جهته، يقول علي نعمة البنداوي، عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، إن "الحكومة
العراقية ملتزمة بالقوانين الدولية، ولا يمكن السماح لأي جهة سياسية أو فصيل مسلح
بتنفيذ عمليات عسكرية دون موافقة رسمية من الحكومة".
ووفقاً لحديث البنداوي، لوكالة شفق نيوز، فإن بغداد لن تتورط في صراعات
خارجية، بل ستركز على تعزيز الأمن الداخلي وحماية السيادة العراقية.
ويتابع البنداوي، قائلاً "أما المشاركة الخارجية، فهذا القرار لا
ينبغي أن يكون عراقياً فقط، بل من المفترض أن يكون هناك قرار عربي أو أممي أو
دولي، حينها سيكون العراق مستعداً للمشاركة أما بمفرده وبهذه الطريقة، فهذه قضايا
إعلامية لا أكثر".
وفيما يتعلق بتقارير عن تهديدات إسرائيلية محتملة ضد العراق، يؤكد البنداوي،
أن "السياسة الخارجية العراقية تمكنت من تحييد البلاد عن التصعيد"،
معتبراً أن "العراق لن يكون ساحة مفتوحة للصراعات، كما حدث في سوريا ولبنان
وغزة".
"وحدة الساحات" وعودة متوقعة
ومع تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية والأمريكية، يرى الخبير الأمني
والاستراتيجي أحمد الشريفي، أن "المنطقة تقترب من معادلة الاشتباك الإقليمي، ما
يزيد احتمالات عودة وحدة الساحات، وهو النهج الذي تعتمده إيران وحلفاؤها في إطار استراتيجية
الردع الوقائي لمنع استهدافها بشكل مباشر".
وفي حديث لوكالة شفق نيوز، يشير الشريفي، إلى أن "حكومة محمد شياع
السوداني تواجه خيارات صعبة، حيث لا يمكنها الانفصال عن الإطار التنسيقي، الذي
منحها الشرعية البرلمانية، وفي الوقت ذاته تجد صعوبة في ضبط الفصائل المسلحة
ومنعها من تنفيذ عمليات عابرة للحدود، مما قد يسبب إحراجاً سياسياً وعسكرياً مع
الولايات المتحدة".
وفي ظل انهيار الهدنة في غزة وتصاعد العمليات، يتوقع الخبير الاستراتيجي،
أن "الفصائل لن تقف مكتوفة الأيدي، بل ستختار المواجهة لنصرة القضية
الفلسطينية، كما تحدثوا عن ذلك في خطاباتهم، وعندها لا نستبعد انطلاق عمليات
إسرائيلية بدعم أمريكي أو مشتركة بينهما ضد العراق".
وقبل أيام قليلة، كشفت مصادر مطلعة، لوكالة شفق نيوز، عن إيصال وزير الدفاع
الأمريكي، بيت هيغسيث رسالة تحذير شديدة اللهجة الى رئيس الوزراء العراقي محمد
شياع السوداني، خلال اتصاله معه الأحد الماضي.
وأبلغ هيغسيث، بحسب المصدر، السوداني بأن أي تدخل للفصائل المسلحة
العراقية، بشأن الاستهداف الأمريكي ضد الحوثيين في اليمن، سيدفع واشنطن لرد عسكري
سريع ضد تلك الفصائل داخل العراق، ولهذا يجب منعها من أي تدخل كما حصل سابقاً في
حرب لبنان وغزة.
كما أكد وزير الدفاع الأمريكي، على السوداني بضرورة الإسراع بحسم ملف نزع
سلاح الفصائل المسلحة والعمل على تفكيكها، وأكد أن هذا الملف محل اهتمام كبير لدى
الرئيس ترامب وإدارته.
مع استمرار التصعيد العسكري في غزة واليمن ولبنان، وتزايد المؤشرات على
عودة الفصائل المسلحة العراقية إلى دائرة المواجهة، يرجح المراقبون أن تشهد
المرحلة المقبلة تصعيداً إسرائيلياً بدعم أمريكي ضد أهداف داخل العراق، في حال
قررت الفصائل تنفيذ عمليات خارج الحدود.
وفي ظل هذه التحديات، تبقى الحكومة العراقية أمام اختبار صعب بين الحفاظ
على التوازن الدبلوماسي وبين ضغوط الداخل والخارج، في وقت تتجه فيه المنطقة نحو
مرحلة جديدة من عدم الاستقرار، قد تكون تداعياتها أوسع
وأخطر من أي وقت مضى.