هرباً من الروتين.. جيل Z يقود ثورة العمل الحر في العراق

هرباً من الروتين.. جيل Z يقود ثورة العمل الحر في العراق
2025-11-28T14:30:12+00:00

شفق نيوز- بغداد

في ظل التضخم المتصاعد وتقلبات الاقتصاد العالمي، أصبح العمل الحر في العراق ملجأ للكثير من الشباب لما يوفره من فرصة لزيادة الدخل أكثر مما يحصل عليه الموظف في القطاع الحكومي.

وشهد العراق خلال الأعوام الأخيرة نشاطاً ملحوظاً في اقتصاد العمل الحر وبشكل غير معتاد بعد جائحة كورونا عام 2020 التي فرضت نمطاً جديداً من أنماط العمل.

ويلاحظ أن الأجيال الجديدة جيل "زد" (Z) ينجذبون للعمل الحر أكثر من سواهم، لما يمثل لهم من فرصة لتطوير مهاراتهم أفضل بكثير من الوظائف التقليدية.

ووفق التقديرات، يبلغ متوسط أجر العاملين في القطاع الخاص نحو 2000 دينار عراقي للساعة الواحدة.

وفي قلب منطقة المنصور في العاصمة بغداد، تقف ريا سعيد بين الورود وعطورها لتروي قصة تحولها من عاملة في القطاع الخاص إلى صاحبة مشروع  مستقل.

وتوضح ريا لوكالة شفق نيوز أنها "عملت منذ سنوات في القطاع الخاص، لكن لم يتحسن وضعها المادي ولم تكتسب مهارات وقدرات جديدة".

وتضيف: "الغلاء يسحقنا، ولم يعد بوسعي الاستمرار في عمل طويل يمتد إلى 9 ساعات وأكثر أحياناً، بينما لا أحصل إلا على 750 ألف دينار كراتب شهري"، مبينة أن الراتب لا يكاد يكفيها لشراء الثياب، فضلاً عن ضرورات العيش من الطعام وغيره.

لذلك بدأت ريا مشروعها الشخصي من البيت، وخصصت صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي لبيع الورد بأنواعه، إلا أن بدايتها لم تخل من صعوبات ومعوقات، قائلة: "خسرتُ كثيراً من المال بسبب عدم الدراية وقلة الخبرة بهذه المهنة"، ورغم هذه البداية "المخيبة للآمال" على حد وصفها، واصلت العمل لإيقانها بأنها ستنجح في النهاية.

لذلك قررت ريا افتتاح متجراً صغيراً أمام إحدى الكليات ببغداد، وسرعان ما تحولت الخسائر السابقة إلى أرباح مالية جيدة، ولم تعد الشابة بحاجة إلى ذلك العمل المرهق في القطاع الخاص. 

شابة أخرى تدعى ناهدة الحسني، تدير مشروعاً لبيع الصابون والعطور عبر الإنترنت، وتمكنت من تطوير قدراتها العملية، وأصبح المشروع يدر عليها الكثير من المال.

وتقول الحسني لوكالة شفق نيوز إن "العمل في مشروع خاص يحقق الحرية التامة في التعامل، إذ يصبح الإنسان مدير نفسه في العمل، وهذا ما كنت أتمناه دائماً".

وتؤكد أن "المشروع الشخصي يجعلك تتحكم في عملك وتنظم أوقاتك بعيداً عن الروتين وقلة الرواتب وسلسلة الأوامر الطويلة".

ويبدو أن الشباب لهم موقف مماثل من الفتيات في اعتماد مشاريع شخصية بعيداً عن ضغوطات العمل في القطاعين العام والخاص، إذ يجد كثير منهم أن العمل الحر هو الأنسب لهم.

ويقارن عبد الحسن الزيدي - وهو صاحب محل مرطبات - بين الوظائف والعمل الحر قائلاً إن "الوظيفة مجرد تمشية حال وتسيير الأمور الشهرية، لكنها لا تؤسس لمستقبل الشباب ولا تغطي نفقات العائلة".

ويعتبر الزيدي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز أن بصمة الحضور اليومي في الوظائف، "تسحق الإنسان وتجعله مبرمجاً مثل الروبوت" بعكس العمل الحر الذي يمنح أصحابه مساحة أكبر للحركة التي تضاعف الربح اليومي.

وأسوة بغيره من الأعمال والوظائف، فثمة تحديات يواجهها كثيرون خلال مزاولتهم للعمل الحر، ومن أبرز هذه التحديات - بحسب الزيدي - هي تحمل الخسائر المالية في بداية أي مشروع، والعمل على تطويره بشكل مستمر، وبخلاف ذلك فإن المشروع لن يستمر وينهار.

ويفكر كثير من الشباب في تبني مشاريع صغيرة تغنيهم عن بقية الأعمال، ويجدُ في ذلك العديد من المختصين جوانب إيجابية كبيرة بذلك، غير أن بعضهم ينظرون إلى هذه الظاهرة من زاوية مختلفة.

وفي هذا السياق يشرح الباحث الاقتصادي أحمد عبد ربه أن "هذا النمط لم يعد مجرد خيار فردي بل تحول إلى أحد المحركات الأساسية للاقتصاد الحديث، بفضل ما يوفره من مرونة وقدرته على خلق فرص جديدة".

ويوضح عبد ربه لوكالة شفق نيوز أن "توسع العمل الحر يسهم في تعزيز الابتكار وتنشيط القطاعات الإنتاجية والخدمية على حد سواء".

ويشير إلى أن "إحدى أهم إيجابيات العمل المستقل هي قدرته على استيعاب فئات واسعة من القوى العاملة، خصوصاً الشباب، وتمكينهم من دخول السوق بمهارات متنوعة دون الحاجة للمرور عبر أنظمة التوظيف التقليدية"، منوّهاً إلى أن "العمل الحر يساهم في تحفيز النمو الاقتصادي من خلال تشجيع المنافسة ورفع جودة الخدمات المقدمة".

ورغم ذلك، يحذر عبد ربه من أن "الانتشار غير المنظم لهذا القطاع قد يخلق تحديات جدية، أبرزها غياب الاستقرار المالي للعاملين وافتقارهم لمنظومات حماية اجتماعية فعالة، ما يجعلهم عرضة لمخاطر مهنية ومعيشية".

كما يبين الباحث الاقتصادي أن "توسع سوق العمل الحر دون إطار قانوني واضح قد يؤدي إلى تشتت السوق وتراجع الأسعار، وهو ما يهدد الجدوى الاقتصادية للأنشطة المستقلة".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon