"نيوزويك": بايدن يخسر أكبر معاركه في سوريا
شفق نيوز/ خلصت مجلة "نيوزويك" الأمريكية إلى أن سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه سوريا، تلقت الصفعة الأكبر لها حتى الآن حيث رحبت الجامعة العربية بعودة الرئيس بشار الأسد على الرغم من معارضة الولايات المتحدة لحكمه، وهي عودة تحمل معها رسالة للولايات المتحدة لإنهاء وجودها العسكري المستمر والعقوبات التي تستهدف السوريين.
وفي تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز؛ نقلت "نيوزويك" عن البعثة السورية لدى الأمم المتحدة قولها إنه فيما يتعلق بتداعيات هذه التطورات على مسألتي الوجود العسكري غير الشرعي للقوات الأمريكية على اجزاء من اراضي سوريا وفرض الولايات المتحدة إجراءات قسرية احادية الجانب على الشعب السوري، فإن موقف دمشق "من هاتين المسألتين هو موقف مبدئي وحازم يقوم على أحكام القانون الدولي ومبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة"، مذكّرة بالوثيقة التأسيسية للأمم المتحدة حول احترام سيادة الدول وعدم استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية، ورفض جرائم العدوان والاحتلال باعتبارها انتهاك خطير للقانون الدولي.
وقالت البعثة السورية للمجلة الامريكية ان الامم المتحدة تتخذ بشكل دوري عدة قرارات تؤكد عدم شرعية الإجراءات القسرية الانفرادية، مشيرة إلى آثارها السلبية على التمتع بحقوق الإنسان وتحقيق التنمية لشعوب الدول المستهدفة.
ولفت التقرير إلى أن الانقسامات العامة فيما يتعلق بالمقاطعة الاقليمية للأسد بدأت في الظهور في وقت مبكر من كانون الأول/ديسمبر العام 2018 ، عندما أعلنت البحرين والإمارات العربية المتحدة أنهما ستعيدان فتح سفارتيهما في دمشق، مضيفة أن التفاعلات الرسمية لسوريا مع القوى الإقليمية آخذة في الازدياد، مشيرة على سبيل المثال إلى زيارة الأسد في العام الماضي إلى الإمارات، والتي كانت اول زيارة له الى دولة عربية أخرى منذ بداية الحرب في العام 2011.
وتابع التقرير؛ أن المحادثات التي توسطت فيها روسيا بين مسؤولين سعوديين وسوريين في مارس/آذار الماضي بعد أسابيع من توصل الرياض وطهران إلى اتفاق بوساطة الصين لإعادة العلاقات بينهما، قد تمكنت من التغلب على بعض العقبات الاخيرة، مضيفا ان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان التقى مع الأسد في 18 أبريل/ نيسان، ثم أعلنت الجامعة العربية عودة الاسد في 7 مايو /أيار.
ولفت التقرير إلى أن دمشق اعتبرت إعادة التأهيل الدبلوماسي لها، بمثابة انتصار لسوريا ودول أخرى في المنطقة. ونقل عن البعثة السورية قولها ان "التفاعلات الايجابية التي تشهدها المنطقة تصب في مصلحة جميع دولها، وتساهم في إعادة الامن والاستقرار الى المنطقة".
وفيما يتعلق الأمر بالسياسة الامريكية، قالت المجلة ان مطالب الحكومة السورية من ادارة بايدن ذات شقين، إذ فيما يتعلق بالصعيد العسكري، فإن البعثة السورية تقول إن "الادارة الامريكية يجب ان تتخلى عن سياساتها العدائية تجاه سوريا، وان تبدأ بسحب قواتها من الاراضي السورية، ووقف دعم الميليشيات والكيانات الارهابية غير الشرعية". كما دعت البعثة السورية من واشنطن الى "التوقف عن إنشاء قواعد عسكرية غير شرعية في سوريا بذرائع ثبت زيفها" مثل الدفاع عن الامن القومي الامريكي على بعد آلاف الأميال من واشنطن".
أما فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي في سوريا، فإن البعثة السورية تؤكد أن "الادارة الامريكية يجب ان تشرع في الرفع الفوري للإجراءات القسرية المفروضة على السوريين، والتي تشكل عقابا جماعيا لهم، وأكبر عقبة أمام تحسين الأوضاع الإنسانية والمعيشية، وتوفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والرعاية الصحية".
وذكر التقرير الأمريكي أن واشنطن اعربت من جهتها عن معارضتها لأي رفع للعقوبات أو تطبيع العلاقات مع الأسد مستشهدة بسجل انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك السجن الجماعي واستهداف المدنيين واستخدام الاسلحة الكيماوية.
ونقل التقرير عن متحدث باسم الخارجية الأمريكية قوله إن "عقوباتنا تظل سارية المفعول بالكامل، ولن يتم تخفيفها في غياب حل للصراع الأساسي بما يتفق مع المبادئ الواردة في قرار مجلس الأمن رقم 2254"، لعام 2015 الذي يدعو الى وقف اطلاق النار والحل السياسي للصراع.
وذكر التقرير بتصريح لوزير الخارجية الامريكي انطوني بلينكن في الاسبوع الماضي أعرب فيه عن رفض واشنطن للتطورات الاخيرة التي أعادت الأسد الى الحظيرة العربية حيث قال في مؤتمر صحفي "لا نعتقد أن سوريا تستحق اعادة قبولها في الجامعة العربية"، مضيفا أنها "نقطة اوضحناها لجميع شركائنا الإقليميين، لكن يتعين عليهم اتخاذ قراراتهم بأنفسهم". وموقفنا واضح: لن نقوم بتطبيع العلاقات مع الأسد ومع ذلك النظام.
ومع ذلك، فإن بلينكن اشار الى ان ادارة بايدن "تتقاسم الأهداف عندما يتعلق الأمر بسوريا مع شركائنا" بما في ذلك السعي لوقف العمليات العدائية، وتوسيع المساعدة الانسانية ودعم انتخابات حرة ونزيهة، الى جانب استمرار العمل على اضعاف داعش وتقليص نفوذ ايران الخبيث ووجودها في سوريا، وفي النطاق الأوسع في المنطقة.
وبحسب بلينكن فإنه من خلال المنظور العربي الذي جرى التعبير عنه في الجامعة العربية، فإنهم "يعتقدون ان بامكانهم متابعة هذه الأهداف من خلال المزيد من الانخراط المباشر، مضيفا انه "قد يكون لدينا منظور مختلف عندما يتعلق الأمر بذلك، ولكن الأهداف لدينا اعتقد هي نفسها. لذلك ، هذا هو المكان الذي ينصب فيه التركيز".
الى ذلك، قال التقرير إن قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من البنتاغون وجناحها السياسي، اعتبرت أن مثل هذه الجهود يجب ان تأخذ في الاعتبار مصالح الادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وكذلك الشعب السوري ككل. ونقل التقرير عن ممثل قوات سوريا الديمقراطية في واشنطن سينام محمد قوله "اننا لا نعارض انهاء معاناة الشعب السوري، الذي عانى كثيرا خلال 13 عاما من الصراع، إلا أن أي حل يجب أن يأخذ في الاعتبار الشعب السوري والتغيير نحو الديمقراطية والاعتراف بحقوق الكورد والنظام اللامركزي".
ونقل التقرير عن الممثل الكوردي قوله ان على "الدول العربية المساعدة في الحوار مع الحكومة السورية من اجل احلال السلام والاستقرار".
وأشار التقرير إلى أن موسكو استضافت مؤخرا مناقشات حول تحقيق تقارب بين دمشق وانقرة، والى ان الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان ومنافسه الانتخابي زعيم المعارضة كمال كيليجدار اوغلو، اعلنا عن استعدادهما لتطبيع العلاقات مع دمشق حيث تمثل عودة اللاجئين السوريين الى وطنهم قضية رئيسية في السباق الانتخابي التركي في الجولة الثانية في 28 مايو/أيار الحالي.
ولفت التقرير إلى أن استئناف التعاون الأمني المباشر بين سوريا وتركيا قد يشكل تهديدا خطيرا لقوات سوريا الديمقراطية بالاضافة الى الوجود الدائم للجنود الأمريكيين الداعمين لها.
الى ذلك، اعتبر التقرير أن يد الأسد في السعي إلى انسحاب القوات الامريكية اصبحت اقوى. وذكر باجتماع عقد في عمان قبل انعقاد القمة العربية، ضم كبار الدبلوماسيين من مصر والعراق والأردن والسعودية وسوريا وهو الأول لهم منذ بدء الصراع السوري، ودعوا خلاله الى انهاء التدخلات الخارجية وعودة سيطرة الحكومة على جميع انحاء سوريا.
وبعد الاجتماع الوزاري في عمان، قال الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي بزيارة الى دمشق، هي الأولى منذ بداية الحرب. ونقلت "نيوزويك" عن البعثة الايرانية لدى الأمم المتحدة قولها ان "سوريا دخلت حقبة جديدة من الاستقرار"، مضيفة أنه "خلال الـ 12 عاما الماضية، اثبتت ايران باستمرار علاقتها بسوريا على أنها لا تشهد صعودا وهبوطا، وكانت فعالة في هزيمة السياسة التدميرية للغرب وداعش". وتابع البيان الايراني قوله ان التطورات الاخيرة في الدول العربية تشير إلى صحة السياسة الايرانية، الامر الذي دفع هذه الدول في النهاية إلى اعادة النظر في سياساتها السابقة والعودة الى المسار الصحيح.
وختمت "نيوزويك" بأن نقلت عن البعثة السورية في نيويورك قولها إن الحكومة السورية مستعدة للعمل مع أي دولة تعارض التدخل العسكري والاقتصادي غير المصرح به، مضيفة أن "ابواب سوريا ستبقى مفتوحة لمن يؤمن بالحوار والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، بعيدا عن سياسات التدخل ومحاولات فرض الاملاءات وتجويع الناس لتقويض خياراتهم الوطنية".
ترجمة: وكالة شفق نيوز