نهاية المغامرات السعودية ووسطية بايدن ترسم ملامح "شرق أوسط جديد"
شفق نيوز/ رأى موقع "نشرة السياسات العالمية" (وورلد بوليتكس ريفيو) الأمريكي، أن الدول المتنافسة في الشرق الأوسط، بدأت تميل إلى التعاملات الدبلوماسية بعد فترة من الصراع وتصاعد التوترات ومن أبرزها الصراع السعودي-الإيراني الذي كاد ان يتحول الى مواجهة مباشرة بينهما ويورط الولايات المتحدة في الحرب.
وأوضح الموقع الأمريكي، في تقرير له ترجمته وكالة شفق نيوز، أن الصراع بين إيران والسعودية لأجل الهيمنة في الشرق الأوسط خلال العقد الماضي، تغلغل في كل قضية إقليمية تقريبا، مما أدى إلى كسر التحالفات الدولية واستمرار الحروب في أنحاء المنطقة كافة، في حين أن تنافسهما هذا أثار مخاوف من حدوث صراع مباشر بين القوتين كان من الممكن أن يجر الولايات المتحدة فيه.
حرب بالوكالة
وبحسب التقرير، فإن السعودية عززت من "مغامراتها" الاقليمية بعد ان تم تعيين محمد بن سلمان، الابن القوي للملك سلمان، وليا للعهد في العام 2017، مشيرا إلى صراعات بالوكالة مع ايران، من خلال الحرب السورية الى الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، حيث كان الطرفان يدعمان أنظمة أو جماعات مسلحة انخرطت في أعمال عدائية مباشرة وكادت تتسبب بصدام مباشر بين الخصمين، مثلما جرى على سبيل المثال في الهجمات الصاروخية التي استهدفت منشآت نفطية سعودية في العام 2019، والتي القيت مسؤوليتها على جماعات موالية لايران.
وبين التقرير الأمريكي، أن نهج المواجهة الذي اعتمدته إدارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب تجاه طهران، كاد يدفع الولايات المتحدة وإيران إلى حافة الحرب في يناير/كانون الثاني العام 2020 (اغتيال قاسم سليماني وابو مهدي المهندس)، مع تداعيات مباشرة على الرياض.
شرق أوسط "متصالح"
وبالتزامن مع محاولات الولايات المتحدة وإيران التوصل لاتفاق نووي جديد، هناك تحركات أوسع في أنحاء الشرق الأوسط كافة، بهدف إصلاح العلاقات المتوترة بفعل مختلف ساحات النزاعات والمنافسة في المنطقة.
ونوه التقرير الأمريكي، إلى توترات تصاعدت مؤخراً بين الرياض وواشنطن، جراء تحالف السعودية مع روسيا، للإبقاء على أسعار النفط العالمية مرتفعة، برغم أن واشنطن مارست ضغوطاً لأجل زيادة الانتاج.
وقف إطلاق النار
وفي اطار التغييرات الاقليمية الجارية، لفت التقرير إلى وقف اطلاق النار الأخير في اليمن، والى ان الحرب الاهلية الجارية هناك قد تتواصل، ما يدفع لاستمرار اسوأ كارثة انسانية في العالم حاليا.
وبالاضافة الى ذلك، فان الحرب الأهلية السورية دخلت مرحلة المماطلة، مع أنها أصبحت أقل دموية، لكنها تظل بؤرة ملتهبة، وفقاً لتقرير (وورلد بوليتكس ريفيو) الأمريكي.
وبالنسبة إلى الحرب الليبية، فانها دخلت مرحلة استراحة منذ تطبيق وقف اطلاق النار في تشرين الاول/اكتوبر 2020، وتسمية الحكومة الانتقالية في اذار/مارس 2021، إلا أن عملية الانتقال السياسي نحو الانتخابات، دخلت جموداً متوتراً.
وحذر التقرير الأمريكي، الدول التي تشهد الآن أشبه بالهدنة، بالقول إن "غياب الاقتتال في هذه الدول، لا يشكل أي ضمانة بأن سلاما دائما سيتحقق".
وذكر التقرير، بالجولة الأخيرة من الاشتباكات في بداية ايار/مايو بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، والتي تعتبر الأكثر حدة منذ العام 2014، تعتبر بمثابة تذكير بأن النزاع بين إسرائيل وفلسطين لا يمكن للقوى الاقليمية والولايات المتحدة أن ترتاح من أعبائه ببساطة.
ورأى التقرير ان هذا النزاع الاسرائيلي-الفلسطيني، مثله مثل أي شيء اخر في المنطقة، مرتبط ايضا بالصراع الأكبر بين السعودية وإيران على النفوذ، حيث يبدي زعماء السعودية الصمت حيال القضية الفلسطينية، مقابل الدعم الاسرائيلي لاحتواء إيران.
التطبيع مع إسرائيل
وبعد تطبيع الإمارات والبحرين علاقاتهما مع إسرائيل، خلال الأعوام القليلة الماضية، تساءل التقرير، ما اذا كانت السعودية ستحذو حذو هذه الدول بالتطبيع؟
لكن التقرير، رأى أن تطبيع السعودية مع اسرائيل من دون تسوية نهائية للصراع الاسرائيلي الفلسطيني لم يعد موقفا مقبولا كما كان قبل عودة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لزعامة حكومة تضم أحزابا يمينية متطرفة من المؤكد أنها ستتسبب بإبعاد شركاء إسرائيل الجدد في الخليج.
وطرح التقرير تساؤلات من بينها عما اذا كانت ادارة بايدن ستعيد توجيه السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط بشكل كبير، وماذا سيكون معنى ذلك بالنسبة للمنطقة، وهل سينجح التحرك نحو الانخراط الدبلوماسي في اخماد النزاعات المختلفة في المنطقة؟ وهل ستتسبب تشكيلة الحكومة الإسرائيلية الجديدة برفع الصراع الاسرائيلي الفلسطيني إلى مستوى أعلى في قائمة الأولويات في واشنطن وعواصم المنطقة؟
في المقابل، مايزال العداء بين إسرائيل وإيران بعيداً عن التوجهات الجديدة في المنطقة (التقارب السعودي الإيراني، والتركي مع كل من سوريا ومصر، عودة سوريا للجامعة العربية)، حيث انخرط الطرفان في هجمات سرية متبادلة تهدد بالتصعيد إلى صراع مفتوح، وفقاً للتقرير.
العراق
وتساءل التقرير، لماذا يمثل قرار الجامعة العربية بإعادة ضم سوريا انتصاراً كبيراً لنظام الرئيس بشار الأسد، وكيف يمكن أن تؤدي السياسات المحلية غير المستقرة في العراق، إلى تقويض مصداقيتها كوسيط إقليمي، فيما ما تزال عملية إعادة دمج العراق إقليميا، قائمة.
وختم التقرير بالقول انه تم التقليل من اهمية بؤرة الاشتعال التي طال امدها للصراع الاسرائيلي الفلسطيني كأولوية في واشنطن والخليج خلال رئاسة ترامب، وانه وبدلا من ذلك، تحولت الشراكة الاستراتيجية لاسرائيل مع دول الخليج العربية لمواجهة ايران الى صيغة رسمية من خلال اقامة علاقات دبلوماسية مع الامارات والبحرين، واحتمال حدوث المزيد من صفقات التطبيع.
وفي المقابل، فان مقاربة ادارة بايدن كانت اكثر تقليدية حول هذه القضية، الا انه حتى الان لم يكن لذلك تاثير ملموس، مضيفا ان الاشتباك الاخير بين اسرائيل والفلسطينيين في غزة يمثل مؤشرا، معربا عن الامل في ان يظل الصراع بين الطرفين على نار هادئة برغم انه خيار اصبح اكثر صعوبة، مضيفا ان الحكومة الاسرائيلية اليمينية المتطرفة برئاسة نتنياهو تساهم في زيادة حدة التوتر.