نداء لإنقاذ مدارس العراق.. أكثر من 3 ملايين طفل عراقي بلا تعليم
شفق نيوز/ حذر موقع "ميدل إيست مونيتور" الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له، من خطورة مستقبل الوضع التعليمي في العراق، منتقدا القرار "الكارثي" للحكومة العراقية بإغلاق مخيمات النازحين من دون مهلة زمنية مسبقة كافية، فيما المناطق المنكوبة التي لم يتمكن النازحون من العودة اليها، ليست مهيئة لاستقبال التلاميذ بشكل خاص.
وما زالت المنظمات الدولية مثل اليونيسيف تطلق تحذيرات حول مخاطر عدم قدرة الأطفال على ارتياد المدارس، ومدى تأثير ذلك على المجتمع ككل في المستقبل. وكل هذه المنظمات تحذر من أن تأخر الأطفال في التعلم، بالإضافة إلى المعاناة النفسية كالإحساس بالانعزال والقلق وعدم القدرة على التواصل التي تلحق بهم.
ثلاثة ملايين طفل خارج المدرسة
لكن التدهور، كما يحذر "ميدل إيست مونيتور"، يتعدى قضية أطفال مخيمات النازحين. والعراق يترنح حاليا ما بين الفوضى والكارثة واحتمال فشل الدولة والنظام التعليمي المتدهور، بعدما كان العراق يتمتع بأحد أفضل الأنظمة التعليمية في المنطقة.
واشار تقرير الموقع البريطاني إلى أن عقودا من الحروب والعقوبات والاحتلال العسكري ألحقت أضرارا لا يمكن تصورها للبنى التحتية العراقية ودمرت أحد اعمدة المجتمع، أي التعليم. واعتبر ايضا ان محدودية استثمار الحكومة في القطاع التعليمي، و استمرار القلاقل السياسية والعنف والتهجير الواسع لعائلات، دمرت كلها خدمات القطاع التعليمي.
وهناك اليوم، 3.2 مليون طفل بعمر الالتحاق بالمدرسة، خارج النظام التدريسي ويعيشون في مناطق متأثرة بالنزاعات. وهؤلاء الأطفال أكثر عرضة للاستغلال وسوء المعاملة بما في ذلك الزواج المبكر بالنسبة خاصة للفتيات، وعمالة الاطفال والتجنيد في صفوف القوى المسلحة.
تراجع تخصيصات التعليم
وبعدما اشار الى ان الاضرار تطال نحو 90 في المئة من الأطفال التلاميذ، تابع أن مدرسة من بين كل مدرستين، لحقت بها أضرار، والعديد من المدارس تعمل بمناوبات متعددة، وعدد الاساتذة المؤهلين يتراجع في كل المراحل التعليمية.
وذكر التقرير ان الميزانية الاتحادية للعراق تشهد تراجعا مستمرا خلال السنوات الماضية، ولا تخصص سوى أقل من 6 في المئة من للقطاع التعليمي، ما جعل العراق يقبع في ذيل لائحة دول الشرق الاوسط تعليميا.
وبعدما اشار الى الموصل التي لحقت بها أضرار هائلة بسبب الحرب على ارهاب داعش، ذكر التقرير انه بالنسبة إلى أطفال العائلات النازحة، الذين يتعافون من الصدمات النفسية المرتبطة بالنزاعات، يحتاجون بشكل ضروري الى استئناف التعليم لما يمنحهم من شعور بالأمان والحياة الطبيعية. لكن النقص في الكادر التعليمي، حيث يعيش العديد من المعلمين ايضا حالة نزوح، بالاضافة الى عدم كفاية المباني التعليمية، كلها تعرقل بشكل كبير امكانية الوصول الى العلم. وهناك غرف مدرسية تكتظ بنحو 60 تلميذا، ما يمنع إمكانية وصول تلاميذ اخرين الى الحصص الدراسية.
فرار الطبقة المتعلمة
واستعان الموقع البريطاني بتقرير لمجلس النازحين النرويجي يقدم تحليلا شاملا للنظام التعليمي في العراق، ويسلط الضوء على إنكار الحق بالتعلم يطال نحو 45 الف تلميذ يتشبه بان اهاليهم لهم علاقة بداعش.
وخلال الاعوام الـ18 الماضية، فان عددا كبيرا من الطبقة العراقية المتعلمة بما في ذلك المدرسين، فروا بالالاف بعد تعرض زملاء لهم الى الاغتيالات، وهو ما ترك اثارا مدمرة. وهناك أكثر من 830 عملية اغتيال تم توثيقها، بينها 380 حالة طالت أكاديميين وأطباء، و210 حالات اغتيال طالت محامين وقضاة، و243 اغتيال استهدفت صحافيين وإعلاميين.
والى جانب ذلك، يخشى العديد من الأكاديميين من التدخل السياسي في القطاع التعليمي، وهو عائق إضافي امام التطور. أما الخدمات التعليمية الخاصة بالتعليم العالي، فانه مرتبط بإشراف الحكومة، وهو بالتالي يخضع للمحاصصة والفساد.
ضرر الإغلاق العام على المدارس
وتابع الموقع ان الاغلاق العام للمدارس الذي جرى في شباط/فبراير الماضي بسبب جائحة كورونا، أثر على اكثر من 10 ملايين طفل تتراوح اعمارهم بين 6 سنوات و17 سنة في انحاء العراق، وهو ما ساهم في تدهور أكبر في التعليم لملايين الاطفال الذي خسروا فرص التعلم خلال السنوات الماضية.
ومن اجل تخفيف ازمة التعليم التي تواجه الاطفال العراقيين حاليا، تقترح المنظمة النرويجية في تقريرها خطوات عاجلة يتحتم على الحكومة العراقية اتخاذها، من بينها زيادة عدد الاستاذة المتمرنين في المدارس الحكومية، وتوفير المزيد من التجهيزات للمدارس الابتدائية والثانوية، والسماح للأطفال المحرومين من الهويات والوثائق المدنية، حضور الدراسة.
جيل جديد يعاني الحرمان
واعتبر ان النازحين والتلاميذ المشردين الذين حرموا من الالتحاق بالمدارس لسنوات، يحتاجون الى دعم وبرامج تدريس سريعة، لتمكينهم من الاندماج في النظام التعليمي.
ويشدد التقرير على اهمية دعم تعليم الأطفال باعتباره استثمارا في مستقبل العراق. واذا لم يحدث ذلك، يقول التقرير، فإن "جيلا جديدا من اطفال العراق، سيعاني من المزيد من الحرمان... وأن احتمالات قيام مجتمع عراقي مستقر ويشمل الجميع، سيتم تقويضها".
ترجمة: وكالة شفق نيوز