ميزان القوى يتبدل.. كورد سوريا في موقف دفاعي أمام نوايا تركيا "السيئة"
شفق نيوز/ ذكرت وكالة "رويترز" الإخبارية أن فصائل كورد سوريا اصبحت في موقف دفاعي فيما تحاول الحفاظ على المكاسب السياسية التي حققتها طوال 13 عاما من الحرب الأهلية، وذلك بعدما حشدت الفصائل المعادية لها والمدعومة من تركيا، قواتها ضدهم، وسيطرت على الحكم في دمشق.
وأشار التقرير، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أن الكورد الموجودين في سوريا، هم جزء من جماعة عرقية تمتد عبر العراق وإيران وتركيا وأرمينيا وسوريا، وهو كانوا من بين الفائزين القلة في الصراع السوري، حيث يسيطرون على نحو ربع مساحة البلد، ويقودون جماعة مسلحة قوية تعتبر حليفا رئيسيا للولايات المتحدة في مواجهة تنظيم داعش.
تغيير زلزالي
وأوضح التقرير أن موازين القوى مالت ضدهم منذ اجتاح مسلحو هيئة تحرير الشام الإسلامية دمشق، وأطاحوا بالرئيس بشار الأسد، مضيفا أن هذا التغيير الزلزالي قد يؤدي إلى نفوذ أعمق لتركيا، في وقت يثير فيه تغيير الإدارة الأمريكية تساؤلات حول المدة التي ستستمر فيها واشنطن في دعم القوات التي يقودها الكورد.
ونقل التقرير عن الباحث في معهد "سنتشري انترناشيونال" الأمريكي آرون لوند قوله إن الجماعات الكوردية السورية "تواجه مشكلة عميقة للغاية"، موضحا أن "التوازن تحول بشكل أساسي في سوريا لصالح الفصائل المدعومة من تركيا أو المتحالفة معها، ويبدو أن تركيا مصممة على استغلال ذلك بالكامل".
ولفت التقرير إلى أن هذا التحول انعكس بتجدد الاشتباك للسيطرة على الشمال فيما حققت الجماعات المدعومة من تركيا، تحت اسم "الجيش الوطني السوري"، تقدما عسكريا ضد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) التي يقودها الكورد.
نوايا تركيا
ونقل التقرير عن القيادي الكبير في الإدارة التي يقودها الكورد فنار الكعيط، قوله إن الإطاحة بالأسد الذي قمع الكورد لسنوات طويلة، تمثل فرصة لإعادة تماسك الدولة المنقسمة، موضحا أن الإدارة الذاتية مستعدة للحوار مع تركيا، إلا أن الصراع في الشمال أظهر أن أنقرة لديها "نوايا سيئة"، محذرا من أن ذلك "سيدفع المنطقة بالتأكيد نحو صراع جديد".
وبعدما ذكّر التقرير بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعرب عن اعتقاده بأن الدول الاجنبية ستوقف دعمها للمقاتلين الكورد بعد الإطاحة بالأسد، فيما تحاول أنقرة عزل "وحدات حماية الشعب"، الجناح العسكري الذي يقود قوات سوريا الديمقراطية.
ونقل التقرير عن مسؤول تركي قوله إن السبب الجذري للصراع "ليس وجهة نظر تركيا تجاه المنطقة، وإنما أن حزب العمال الكوردستاني، ووحدات حماية الشعب، هي بمثابة تنظيم إرهابي"، معتبرا ان على مسلحي التنظيمين "إلقاء أسلحتهم ومغادرة سوريا".
وفي مقابلة مع "رويترز"، أقر قائد "قسد" مظلوم عبدي، للمرة الأولى الخميس الماضي، بوجود مقاتلي حزب العمال الكوردستاني في سوريا مشيراً إلى أنهم ساعدوا في محاربة داعش وسيعودون إلى ديارهم في حالة الاتفاق على وقف كامل لإطلاق النار مع تركيا، لكنه نفى اي علاقات تنظيمية مع حزب العمال الكوردستاني.
نسوية وإسلامية
وذكر التقرير أن القيادة الجديدة في دمشق، تظهر الدفء تجاه انقرة وتشير الى رغبتها في اعادة سوريا باكملها الى السلطة المركزية، وهو ما يمثل تحديا محتملا لفكرة اللامركزية التي يفضلها الكورد.
ونقل التقرير عن دبلوماسي غربي كبير قوله إنه "من الواضح أن الأتراك يستطيعون التأثير عليهم (هيئة تحرير الشام) اكثر من اي شخص اخر"، لكن مسؤولا تركيا قال إن الهيئة لم تكن أبدا تحت سيطرة انقرة، واصفاً اياها بانها هيكل "كنا نتواصل معه بسبب الظروف"، مضيفا أن العديد من الدول الغربية تفعل ذلك ايضا.
ولفت التقرير إلى أن سياسات الكورد منذ تطبيق إدارتهم الذاتية، والتي تركز على الاشتراكية والنسوية، تختلف بشكل كبير عن اسلامية هيئة تحرير الشام.
وتابع التقرير؛ أن فصائل "الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا، صعدت حملتها ضد قوات سوريا الديمقراطية مع سقوط الأسد، واستولت على مدينة منبج في 9 ديسمبر/كانون الأول، في حين توسطت واشنطن لوقف لاطلاق النار، الا ان قوات سوريا الديمقراطية قالت ان تركيا وحلفائها لم يلتزموا به، بينما نفى مسؤول في وزارة الدفاع التركية وجود مثل هذا الاتفاق.
وذكّر التقرير بأن مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الادنى باربرا ليف، يوم الجمعة الماضي، قالت إن واشنطن تعمل مع انقرة وقوات سوريا الديمقراطية لايجاد "انتقال منظم فيما يتعلق بدور قوات سوريا الديمقراطية في ذلك الجزء من البلاد".
وتابع التقرير أنه بينما قالت إدارة الرئيس جو بايدن إن القوات الأمريكية ستحتفظ بوجودها العسكري في سوريا، إلا أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب قد يعمد إلى سحبها بعدما يتولى منصبه في 20 يناير/كانون الثاني المقبل، مذكرا بأن ترامب خلال ولايته الاولى حاول الانسحاب من سوريا لكنه واجه ضغوطا في الداخل ومن حلفاء الولايات المتحدة.
ونقل التقرير عن رسالة مؤرخة 17 كانون الأول/ديسمبر الحالي، كتبتها القيادية الكوردية البارزة الهام احمد الى الرئيس المنتخب ترامب، ان انقرة تستعد لغزو شمال شرق سوريا قبل توليه منصبه، موضحة أن خطة تركيا "تهدد بالغاء سنوات من التقدم في تأمين الاستقرار ومكافحة الإرهاب، ونعتقد أن لديك القدرة على منع هذه الكارثة".
كما نقل التقرير عن متحدث باسم المرحلة الانتقالية لترامب، قوله "نواصل مراقبة الوضع في سوريا، والرئيس ترامب ملتزم بالحد من التهديدات للسلام والاستقرار في الشرق الاوسط وحماية الامريكيين هنا في الداخل".
ونقل التقرير عن الخبير في الشأن السوري في جامعة اوكلاهوما الأمريكية جوشوا لانديس قوله إن "الكورد في وضع لا يحسدون عليه، وبمجرد أن تعزز دمشق قوتها، فإنها ستتحرك في المنطقة. ولا يمكن للولايات المتحدة أن تبقى هناك إلى الأبد".
وكان زعيم هيئة تحرير الشام احمد الشرع (أبو محمد الجولاني) لهيئة الاذاعة البريطانية أن الكورد "جزء من شعبنا.. ويجب ألا يكون هناك تقسيم لسوريا"، لكنه لفت إلى أن الأسلحة يجب أن تكون بالكامل في أيدي الدولة، مشيراً إلى أن المشكلة يمكن أن تحل من خلال الحوار والتفاوض.
لكن التقرير نقل عن مسؤول كوردي قوله إن الإدارة الكوردية تريد "سوريا ديمقراطية، لا مركزية، وتمثل كافة السوريين من كافة الطوائف والاديان والاعراق"، واصفاً ذلك بأنها من الخطوط الحمراء، مع أن قوات سوريا الديمقراطية ستكون "نواة للجيش السوري القادم".
ترجمة: وكالة شفق نيوز