من هو عبد الوهاب الساعدي الذي يهتف المتظاهرون باسمه؟
شفق نيوز/ يحضر اسم عبد الوهاب الساعدي، القائد السابق لقوات مكافحة الإرهاب العراقي المقال منذ سبتمبر/أيلول من مهامه، بقوة في المظاهرات التي تهز البلاد منذ بداية الشهر الجاري تشرين الاول اكتوبر، وواجهتها قوات الأمن بعنف كبير، ما خلف مقتل أكثر من مئة شخص. فبالإضافة إلى مطالبهم الاجتماعية، يطالب المتظاهرون بإعادة الساعدي لمنصبه. فمن هو هذا القائد العسكري الذي كان وراء نجاحات الجيش العراقي في دحر تنظيم "الدولة الإسلامية"؟
لم تكن الأسباب الاجتماعية وحدها وراء اندلاع احتجاجات غير مسبوقة في العراق، استخدمت فيها قوات الأمن الرصاص ما أدى إلى مقتل أكثر من مئة شخص، وإنما كانت إقالة القائد السابق لقوات جهاز مكافحة الإرهاب عبد الوهاب الساعدي (56 عاما) في سبتمبر/أيلول من ضمن هذه الأسباب، ورفع بموجبها المتظاهرون شعارات مطالبة بإعادته إلى منصبه.
من هو الساعدي؟
ولد الساعدي في مدينة الصدر شرق بغداد في 1963. حصل على شهادة البكلوريوس في علوم الفيزياء ورتبة ملازم في الجيش من الكلية العسكرية العراقية، قبل أن يدرس في كلية الأركان العراقية التي تخرج منها في 1996.
قاد عمليات تحرير عدة مناطق من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" بينها بيجي، أكبر مصفاة نفط عراقية، والفلوجة، والموصل التي اعتبرت آخر معقل للتنظيم الإرهابي في العراق. وتحول الساعدي إلى بطل عسكري عراقي في بضعة سنوات، لتمكنه في مدة من الزمن برؤية عسكرية ناجحة في القضاء على أي أمل لتنظيم "الدولة الإسلامية" في البقاء على الأراضي العراقية.
ولا يزال العراقيون يتذكرون تلك الطفلة، التي ظهرت في فيديو تقاسمه الكثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي تبحث عنه باكية في أحد أزقة الموصل، لتشكره على تخليص المدينة من قبضة تنظيم "الدولة الإسلامية". واحتضنها الساعدي بدفء كبير، وكان هذا المشهد للساعدي، العسكري والإنسان، محط إعجاب وتقدير من العراقيين.
تعاطف المتظاهرين العراقيين مع الساعدي
وتلقى العديد من العراقيين باستغراب كبير إعفاء عبد الوهاب الساعدي من مهامه كقائد قوات مكافحة الإرهاب في سبتمبر/أيلول، شعر معها هؤلاء بنوع من الظلم بحق الكفاءات العراقية التي تقدم الشيء الكثير لبلدها. وشكل اسمه رمز الحيف الممكن أن تلاقيه الكفاءات العراقية من قبل السلطات.
الناشط العراقي غضنفر لعيبي، أكد لفرانس24 أن إقالة عبد الوهاب الساعدي كانت من بين الأسباب التي دفعت العراقيين، خاصة الشباب منهم، إلى التظاهر للتنديد بالقرار والمطالبة بإعادته إلى منصبه، إضافة إلى مطالبتهم باعتماد الكفاءة في التعيين في مناصب المسؤولية.
وهذا التعاطف الواسع مع عبد الوهاب الساعدي، فسره الناشط العراقي بأن القائد السابق لقوات مكافحة الإرهاب في العراق "شخص شجاع، أشرف على تحرير ثلاثة مقاطعات من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية"، وكان دائما في الصفوف الأمامية بشهادة الجنود العراقيين".
و"استغرب العراقيون"، يقول لعيبي، "قرار إقالته"، مؤكدا أن "المظاهرات ستتواصل حتى تحقيق مطالب العراقيين، بينها إعادة القائد السابق لجهاز مكافحة الإرهاب عبد الوهاب الساعدي إلى منصبه"، منددا في الوقت نفسه بـ"الطريقة التي تمت مكافأته بها".
ما هي أسباب إعفاء الساعدي من مهامه على رأس جهاز مكافحة الإرهاب؟
ولم تعرف الأسباب الحقيقية التي تم بناء عليها إعفاء الساعدي من مهامه. وإن كان الساعدي قد أورد في تصريحات له لوسائل الإعلام أنه تلقى إجابة بخصوص ذلك من قبل رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، فسر فيها أن الإعفاء يدخل في إطار إداري عادي، تم نقله بموجبه إلى إدارة وزارة الدفاع.
لكن وسائل إعلام مختلفة تناقلت ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية التي أفادت استنادا إلى مصادرها، بأن قياديين في فصيلين من "الحشد الشعبي"، المقرب من إيران، مارسا ضغوطا لإبعاد الساعدي من قيادة قوات مكافحة الإرهاب وتنصيب إحدى الشخصيات العسكرية المقربة من إيران.
وفي رد منه، علق الساعدي لوسائل اعلام محلية بأن الإقالة هي "إهانة له ولرتبته العسكرية"، مذكرا بدوره الكبير في قيادة قوات مكافحة الإرهاب بالقول: "لم أجلب رتبتي من الشارع، وجميع الضباط في قيادة القوات الأمنية الآن، تدربوا على يدي في كلية الأركان".
وفضل الساعدي أن يحال على التقاعد بدل نقله بهذه الطريقة من مسؤولية الإشراف على قوات مكافحة الإرهاب إلى الإدارة في وزارة الدفاع، مشيرا، في تصريحاته للموقع العراقي المذكور، إلى أن المعركة ضد الإرهابيين لم تنته بعد، وفضل البقاء في منصبه لأجل ذلك عندما عرضت عليه حقيبة وزارة الدفاع في وقت سابق.
وأكد الساعدي أنه برغم كل ذلك "ملتزم بتطبيق أوامر القائد العام للقوات المسلحة باعتباره رجلا عسكريا"، فيما طالب بـ"حفظ كرامته وإحالته على التقاعد في حال كانت قيادة القوات المسلحة لا ترغب بوجوده".
فهل أصابت الحكومة العراقية في إعفاء الساعدي من مهامه؟ الباحث العراقي في الحركات الجهادية هشام الهاشمي، اعتبر في تدوينة له أن "الحرب على تنظيم ’الدولة الإسلامية‘ لا تزال مستمرة، وتجميد رموز النصر في هذا الوقت خلل كبير، يحفز معنويات العدو، ويضعف ثقة المواطن بقرارات القيادة العسكرية".