من صنعاء الى سيناء الى الموصل.. مناهج داعش تبتكر "رياضيات جهادية" و"اعدادا ناسفة" (صور)
شفق نيوز/ مر عام وخمسة اشهر على سيطرة تنظيم داعش على مدينة الموصل الواقعة على بعد 405 كم شمال العراق وهي ثاني اكبر مدن البلاد ويتخذها المتشددون معقلا رئيسيا لهم في العراق.
ويحاول التنظيم اظهار نفسه كدولة منظمة يدير القطاعات المختلفة من بينها الصحة والخدمات والطاقة والتعليم وفق منظوره الخاص المنبثق من تفسيره المتشدد للشريعة والقوانين التي يفرضها على السكان.
ويعمل موظفون في الدوائر المؤسسات العامة مدفوعين بالخوف الذي زرعه مسلحو داعش في نفوسهم رغم انهم لا يتقاضون رواتب من المتشددين او من الحكومة العراقية منذ اشهر، حيث قطعت بغداد رواتب موظفي المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش بعد ان قالت ان تلك الاموال تذهب في المحصلة للتنظيم.
وفي قطاع التعليم يختلف الامر فلم يقتصر الموضوع على رواتب المدرسين والمعلمين بل تعدى ذلك واصبح التنظيم يفرض جبايات ورسوم على الطلبة الذين يدخلون المدارس في الموصل في وهو ما دفع الكثيرين لعدم ارسال اطفالهم الى تلك المدارس.
ومنذ شهر ونصف وتنظيم داعش يحاول ان يبدأ العام الدراسي الجديد لكن دون جدوى، فشروطه ومناهجه وامتناع المعلمين والمدرسين على الانتظام بالدوام حال دون ان يفتخر داعش بانه نجح بادارة المؤسسة التعليمة، فكل مرة يحدد موعدا جديدا لبدء الدوام لكن مدارس الموصل خالية من مرتاديها الا من ابناء عناصره.
ويقول احمد سيد غانم احد سكان الموصل ولديه ثلاثة ابناء لم يلتحقوا بالدراسة لهذا العام "داعش فرض رسوم مالية على الطلاب مقابل الدوام فعلى الطالب ان يدفع ما مقدراه شهريا 15 الف دينار للابتدائية و20 الف للمتوسطة و25 الف للاعدادية و30 الف للكليات، يضاف اليها اموال تدفع مقابل استنساخ المناهج التي اعدها داعش وهي مكلفة حيث يصل معدل سعر الكتاب الواحد الى سبعة الاف دينار”.
ويضيف غانم في حديثه لشفق نيوز، "يتم استبدال المناهج بعد انتهاء الكورس الاول وشراء مناهج اخرى للكورس الثاني"،
هذا الامر شكل سببا آخر لاولياء الامور لكي يمنعوا اولادهم من الذهاب الى المدارس، بسبب الوضع المادي الصعب لسكان الموصل، الذي لم يراعيه داعش معلنا ان التعليم في ظل ما تسمى الدولة الاسلامية ليس مجانيا.
الالغام الفكرية والسموم التربوية التي وضعها تنظيم داعش في مناهجه والتي هدفها ترسيخ ثقافة العنف والغلو والتطرف والعدائية لدى الاجيال كانت حافزا اساسيا لاهالي الموصل لمنع ارسال اولادهم الى المدارس.
عبد الحميد اسماعيل معلم لازال متواجدا بالموصل تحدث لنا عبر فيسبوك لصعوبة الاتصال بالموصل قال "الكثير من طلبة الاعدادية قرروا الامتناع عن الدوام وتلقي التلوث التعليمي الذي اعده داعش لهم، وبهذا انهار اول وأهم ركن للعملية التعليمة وهم الطلاب”.
وضرب اسماعيل في حيثه لشفق نيوز مثلا لما يجري بالقول "استبدل التنظيم جميع الامثلة الحية للمعادلات والحسابات الرياضية بامثلة مسخة ومسلحة واوصاف فكرية، مثلا حساب انتاج مصنع عبوات ناسفة في احدى الولايات، وما عدد الروافض الذين يقتلهم انتحاري بسيارته المفخخة، والكلاشنكوف هو نتاج ما يظهر بعد الرسم بالتنقيط، والغاء علامة الجمع (+) حيث عدها التنظيم علامة الصليب، واستبدال منهاج التاريخ بسيرة امرائه وقادته،.. الخ من الخرافات التي يريد داعش تغذيتها”.
المدرسون والمعلمون لم ينتظم الكثير منهم بالدوام بالرغم من تهديد داعش باعتبارهم مرتدين واعتقالهم واحالتهم الى المحكمة الشرعية ومصادرة منازلهم واملاكهم، فالغالبية يرون ان الدوام مساعدة لداعش على تلويث افكار الطلبة، وهناك من منعه الوضع المادي من الانتظام بالدوام لعدم امتلاكه اجور النقل من والى المدرسة.
ويقول المدرس عدي قاسم لشفق نيوز، ”منذ اربعة اشهر لم نتسلم مرتباتنا من الحكومة العراقية وهم يقولون بان التعليم في ظل تنظيم الدولة الاسلامية غير معترف به فلماذا نواظب على الدوام ونحن لم نمتلك ثمن لقمة العيش لاطعام اطفالنا، حتى اننا لا نمتلك اجور النقل للذهاب الى المدارس بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي تشهدته مدينة الموصل”.
واضاف قاسم "التربويون المحاصرون في مدينة الموصل وقعوا بين مطرقة داعش وسندانة الحكومة العراقية التي تصدر تعليماتها بالضد ومن جهة اخرة داعش الذي يخاطبنا بلغة السيف والنار”.
على الطرف الاخر هناك طلبة يخشون من الالتحاق بالمدارس بسبب اوضاع اولياء امورهم الفارين من قبضة داعش منذ سيطرته على مدينة الموصل.
محمد علي الطالب في الصف السادس الابتدائي والذي مر عليه عامان دون الالتحاق بمقعده الدراسي بعد فرار والده وهو شرطي سابق من الموصل ودفعته ظروف النزوح الصعبة ان يترك عائلته واولاده في الموصل.
يقول علي "اخشى ان التحق بالمدارس وداعش يطابق اسمي ويعلم من هو والدي ومن ثم يقوم باخراجنا من منزلنا او نتعرض لملاحقة مع عائلتي”.
ويضيف "حين دخل داعش كنا في حزيران وهي الايام الاخيرة للامتحانات النهائية ثم توقفت الدراسة وخسرت عاما دراسا ثم لم التحق بالعام الثاني وها انا ذا ادخل عامي الثالث دون الالتحاق بامدرسة وكلها سنوات تمضي من عمري”.