ملامح تحالف شيعي جديد قد يغيّر الخارطة السياسية في العراق
شفق نيوز/ كشفت مصادر سياسية مطلعة عن تغييرات سياسية من المرجح أنها ستؤثر على توزيع الخارطة الانتخابية في التنافس المقبل على مقاعد مجالس المحافظات، بعد توسع "التشققات" داخل الإطار التنسيقي ككل وفي بعض كتله أيضاً، بما يشكل "مفاجأة غير معتادة".
ويقول مصدر مقرب من الإطار التنسيقي لوكالة شفق نيوز، إن "تحالفاً سياسياً جديداً باتت ملامحه شبه واضحة سيخرج من عباءة الإطار التنسيقي يضم مبدئياً ثلاثة أطراف ستشكل أشبه ما يكون بالند للإطار الذي تفرد بزعامته رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي".
التحالف الجديد
ويوضح المصدر "التحالف الجديد يضم تيار الفراتين بزعامة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وابن عمه القيادي في ائتلاف دولة القانون محمد الصيهود، إلى جانب كتلة الصادقون الممثلة لحركة عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، وهناك مشاورات تجري لانضمام زعيم تحالف الفتح هادي العامري".
غير أنه يشير إلى أن "التحالف لم يُسمَ لغاية الآن تحت أي عنوان حيث أن رئيس الوزراء يسعى إلى ضم تمثيل سنيّ للتحالف لكي لا يكون ذا صبغة واحدة، وهي مساعٍ يرى السوداني أنها قد تتحقق قبيل بدأ التنافس في انتخابات مجالس المحافظات".
زيارة العامري
وبهذا الصدد يوضح المصدر، أن الهدف من لقاء السوداني والعامري هو التنسيق للانتخابات المقبلة "حيث تجري مشاورات جادة بين السوداني والعامري الذي أبدى اهتماماً بالانضمام للتحالف الجديد لخوض انتخابات مجالس المحافظات وقد يستمر هذا الوفاق إلى الانتخابات البرلمانية ما لم تحدث مفاجآت"، بحسب ما يرجح المصدر.
وفي حال استمر "الفيتو" المفروض على رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وتياره "الفراتين" حول مشاركته في الانتخابات المحلية، بحسب ما أبلغ مصدر مطلع وكالة شفق نيوز في وقت سابق بهذا الأمر "من المرجح أن تكون مشاركة السوداني بالانتخابات تحت غطاء التحالف الجديد مما يجعل تشخيص مرشحيه أمر خفي على غير تحالفه"، يقول المصدر المقرب من الإطار التنسيقي.
"ثوار بدر"
وبشأن حصول ملامح انشقاق في منظمة بدر التي يتزعمها هادي العامري، يقول مصدر سياسي مطلع آخر، إن "هناك خلافات حادة داخل منظمة بدر حيث أن بعض قيادات الخط الأول للمنظمة أبدت استياءً من استحواذ أشخاص مقربون من العامري على صناعة القرار في المنظمة".
ويوضح المصدر في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي فتح قناة تواصل مع قيادات منظمة بدر المنزعجة من سياسة العامري في إدارة المنظمة ليضمهم إلى دولة القانون".
ويشير إلى أن "المالكي كان مستاء جداً من سياسة التقريب التي انتهجها العامري مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر خلال الأزمة السياسية قبل تشكيل حكومة السوداني، وتواصله مع البدريين المنزعجين يأتي لسحب البساط من تحت أي زعامة شيعية محتملة غيره".
السوداني يغير موقفه
يقول المصدر المقرب من الإطار التنسيقي، إن "رئيس الوزراء وبعد لقائه بالعامري، وجذبه مرشحين لديهم جمهور سواء داخل كتلته الفراتين أو غيرها، بات متحمساً جداً لخوض انتخابات مجالس المحافظات على الرغم من أنه لم يكن بهذا الحماس في الفترة السابقة، إلا أن هذه المتغيرات شجعته على خوض المغامرة".
وكان مصدر مطلع قد أبلغ وكالة شفق نيوز في وقت سابق، بأن القيادي في ائتلاف دولة القانون محمد الصيهود اختار قيادياً في حركة عصائب أهل الحق كمرشح لمنصب محافظ بغداد في الانتخابات المحلية المقبلة، ما تسبب بخلاف بينه وبين المالكي الذي يرى أن اختيار المرشحين للانتخابات المحلية والبرلمانية يجب أن يكون عن طريقه.
تصدعات داخل دولة القانون
مصدر مطلع ثالث يؤكد لوكالة شفق نيوز "تذمر" بعض القيادات في الإطار التنسيقي وائتلاف دولة القانون من "إصرار" زعيم الائتلاف نوري المالكي على "التفرد بالقرار" ومن المرجح أنهم سيغادرون بأقرب فرصة لخوض الانتخابات منفردين أو منضوين في تحالف السوداني أو غيره.
ويقول المصدر "لا يخفى أن كتل الإطار التنسيقي عندما اجتمعت تحت هذا المسمى لم تكن متجانسة ولا متوافقة إلا أن خوفها من خطر التيار الصدري خصوصاً بعد تحالفه مع الكورد والسنة وتشكيل التحالف الثلاثي في حينها، حيث رأى الجميع أن مصالحهم باتت مهددة ومن المتوقع جداً أن يُسلبون امتيازاتهم ما دفعهم إلى التكتل للحفاظ على المكتسبات ودرء الخطر".
ويضيف "كان من المتوقع تصدع الإطار في أي وقت أو على أقل تقدير أن استمرار بقاء حيدر العبادي وائتلافه وعمار الحكيم وتياره لم يكن في الحسابات البعيدة المدى، كما أن احتدام الخلاف ووصوله إلى مرحلة خطيرة مع الصدر والذي بلغ ذروته في أحداث المنطقة الخضراء والدور الذي لعبه العامري لتقريب وجهات النظر جعل الأخير أيضاً مرشحاً للانسحاب من الإطار".
ويستدرك المصدر "تصدع ائتلاف دولة القانون أمر لم يكن بالحسبان لكن سياسات زعيم الائتلاف نوري المالكي لم ترق لعدد من قيادات الائتلاف وبعضهم نواب لدولة القانون".
ويتابع المصدر "البعض من هؤلاء حدد مصيره السياسي بالانضمام لتحالف السوداني أما الآخرون فمن المرجح أنهم يتحينون الفرصة للخروج من دولة القانون في حال تلقوا ضمانات من تحالفات أخرى".
ويختم المصدر بالقول "من المرجح أن المالكي سيخوض انتخابات مجالس المحافظات بائتلاف دولة القانون بعيداً عن الإطار التنسيقي معولاً على جمهوره".
الصدر وخارطة الانتخابات
وعلى وقع هذه التغيرات السياسية تبدو نتائج انتخابات مجالس المحافظات وربما الانتخابات البرلمانية أيضاً مفتوحة على كل التوقعات ونتائجها ومن الصعب التكهن بها كما في السابق، إذ من المرجح أن تعلو كفة السوداني وتحالفه، كما من الممكن أن لا يحصد المالكي أعلى الأصوات الشيعية كما حدث في الجولات الانتخابية السابقة، خصوصاً إذا ما وضعنا في الحسبان أن التيار الصدري خارج الصراع الانتخابي، مما يفسح المجال لقوى شيعية أخرى أن تبرز كبديل لـ"الكهول السياسية" المعتادة منذ 20 عاماً.
في المقابل يرجح المصدر المقرب من الإطار التنسيقي، انضمام تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم إلى تحالف السوداني، غير أنه استبعد انضمام ائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي لهذا التحالف "في الوقت الحالي، لكن ربما تحدث متغيرات في التوجهات".
وبشأن الموقف من التيار الصدري وزعيمه، يقول المصدر "تحالف السوداني ليس لديه موقف محدد تجاه الصدر سواء بمحاولة إعادته للعملية السياسية وضمه للتحالف، أو بعدم التحالف معه في حال عاد للعمل السياسي، فهو يحترم رغبة الصدر باعتزال العمل السياسي حالياً ولا يطمح لفتح قناة اتصال معه لعدم إحراجه كونه أعلن بشكل واضح أنه لن يتدخل بالعملية السياسية بأي شكل من الأشكال".
لقاء السوداني والمالكي
وعن لقاء السوداني مع زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، يبين المصدر أن الغرض منه "ترطيب الأجواء حيث لا يريد السوداني أي تعكير لأجواء الانتخابات التي بات يعول عليها كثيراً كاختبار لشعبيته بعد الأعمال الخدمية التي قدمتها حكومته في المناطق المنسية".
يشار إلى أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أطلق في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 حملة خدمات في مناطق أطراف بغداد وغيرها من المناطق التي تفتقر للخدمات الأساسية، إلى جانب أعمال أخرى وسط العاصمة بغداد، لاقت ترحيباً من المواطنين.
وبهذا الصدد يقول المصدر "السوداني يعد العدة للانتخابات البرلمانية، وانتخابات مجالس المحافظات هي مجرد اختبار أولي، لذلك هو لا يرغب بأي محاولات لإفشال جهوده في المعترك الانتخابي".
ويتابع "زيارة السوداني للمالكي والحكيم ومن قبلهما العامري، تأتي ضمن جدول أعماله حيث يطمح إلى جمع الجميع في تحالف جديد مغاير لمسمى الإطار التنسيقي يكون هو في واجهته وليس كما كان وضعه في الإطار التنسيقي في الخط الثاني".
لقاء الحكيم
يقول المصدر المقرب من الإطار، إن "زيارة السوداني لزعيم تيار الحكمة عمار الحكيم تحصيل حاصل، فالحكيم يبدي انفتاحاً على السوداني وهو أيضاً يعول على نجاح حكومته حيث أن نتائج الانتخابات الأخيرة صدمت الحكيم بعدما تبين له أن حجمه الانتخابي تضاءل بشكل كبير قياساً بانتخابات عام 2018، لذلك هو يحاول توظيف أي نجاح لهذه الحكومة لصالحه".
ويضيف "السوداني لا يشعر بأي تهديد من أي طرف باستثناء المالكي، حتى الصدر لا يرى فيه أي خطر على وجوده لكونه حدد موقفه بعدم المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات، لذلك السوداني مطمئن لمعظم القوى الشيعية بأنها داعمة له أو أنها لن تعلن حرباً ضده قبيل الانتخابات".
التصريحات الواردة هنا إلى جانب تصريحات سابقة من نواب ومسؤولين عراقيين لوكالة شفق نيوز، بالإضافة إلى تسريبات سبق أن حصلت عليها الوكالة تشير إلى أن حكومة السوداني التي تشكلت بـ"انسجام غير مسبوق" بين الكتل السياسية في تشكيل الحكومات السابقة، تسير نحو إحداث "تغييرات" في الخارطة السياسية قد لا تكون متوقعة، وفي الوقت نفسه تُظهر الخلافات العميقة داخل البيوتات الشيعية والسنية والكوردية أن المجريات تتجه نحو الحسم النهائي لتحديد الفاعل الأكثر تأثيراً في شارعه من الزعامات الثلاث الكوردية والسنية والشيعية.
وكما اعتاد العراقيون على مفاجآت ما بعد كل انتخابات من تغير في التوزيع السياسي قد لا يكون منسجماً مع نتائج التصويت، يبدو أن انتخابات مجالس المحافظات المقبلة ستقلل من هذه المفاجآت حيث من المرجح أن يكون الحسم للصندوق الانتخابي دون تدخلات واضحة.