معهد إيطالي: العراق عالق بأزماته بما فيها سعي بغداد لتقويض "سلطة" اقليم كوردستان
شفق نيوز/ سلط "المعهد الايطالي لدراسات السياسة الدولية" الذي يتخذ من مدينة ميلان مقرا له، الضوء على التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه العراق، بما في ذلك محاولة الحشد الشعبي تقويض اقليم كوردستان، متناولا زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى بغداد، معتبرا ان هدفها الاساسي اضعاف القوة القتالية لحزب العمال الكوردستاني.
وذكر المعهد الإيطالي في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز؛ ان "العراق بلد يتصارع مع التحديات الإقليمية والمحلية"، مشيرا إلى أن زيارة أردوغان إلى بغداد واربيل، جاءت على خلفية تعميق تعاون الجوار، وذلك في أول زيارة له منذ أكثر من عقد من الزمن، مضيفا انه بينما تسعى بغداد الى رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية مع تركيا من أجل التعامل مع المخاوف المشتركة في ميادين الطاقة والمياه والأمن، فان ما تسعى انقرة خلفه من وراء اصلاح العلاقات مع العراق، هو بشكل أساسي أضعاف حزب العمال الكوردستاني.
وبحسب التقرير، فإن زيارة اردوغان شملت الاجتماع مع رئيس اقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني، ورئيس وزراء حكومة الإقليم مسرور بارزاني، وهو ما يشير الى ان انقرة مهتمة بمساعدة بغداد على تسوية الخلافات مع إقليم كوردستان، بما في ذلك الخلافات النفطية التي لم تتم معالجتها والتي تشكل بدرجة كبيرة علاقات بغداد مع حكومة الإقليم.
ولفت التقرير الى ان الاقليم يعاني من قطع صادرات النفط الى تركيا، ومن تآكل ادارته على يد حكومة بغداد المتاثرة بطهران.
وتابع التقرير ان علاقات بغداد الوثيقة مع ايران، يحول العراق الى بلد غير مستقر حتى على المستوى الإقليمي، مضيفا أنه في ظل التوترات الاقليمية المتزايدة، اصبح اكثر صعوبة على العراق ألا ينزلق الى التوترات الاقليمية بين ايران واسرائيل، بينما يحاول ايضا ان يحقق التوازن بحذر ايضا بين مصالحه مع ايران ومع الغرب.
ونقل التقرير عن الباحث اروين فان فين، قوله ان"لدى العراق وتركيا لائحة طويلة من الأسباب لكي يحتفظ بعلاقات وثيقة مبدئيا، مثل المياه والطاقة وخطوط الانابيب والطرق والأمن والتجارة، إلا أن الدافع الرئيسي لتركيا للتقارب المتواصل هو الحد من القوة القتالية لحزب العمال الكوردستاني، وخصوصا في سنجار ومخمور".
أما العراق، بحسب اروين فان فين، فانه يسعى "الى تحسين التواصل والتجارة"، مضيفا ان بغداد لم تكن قط جزءا من الصراع بين تركيا وحزب العمال الكوردستاني، وهي لا تريد ان تكون كذلك". لكن اروين فان فين تابع قائلا انه "يبدو ان الحظر الذي فرضه العراق مؤخرا على حزب العمال الكوردستاني هو بمثابة خطوة لبناء الثقة، إلا أنه رمزي، لأن بغداد تتمتع بسلطة محدودة في مناطق اقليم كوردستان الخاضعة لسيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني حيث ينشط حزب العمال الكوردستاني".
ونقل التقرير عن اروين فان فين تحذيره من أنه "من دون رغبة تركية أكبر للمضي قدما في بنود الاجندة التي تهم العراق، فان الحوار الحالي يجازف بالسقوط في رمال الانقسامات العراقية المعتادة والغطرسة التركية".
أما الباحث رانج علاء الدين، من معهد "مجلس الشرق الاوسط"الاميركي، فيقول ان بغداد قامت بالحد من الحكم الذاتي لإقليم كوردستان تدريجيا بموجب توجيهات ونفوذ قوات الحشد الشعبي، مضيفا انه "ليس صدفة ان نهج بغداد العدائي ازاء اقليم كوردستان، قد تطور تزامنا مع صعود قوات الحشد الشعبي وأهميتها السياسية، حيث سيطرت على البرلمان ومارست نفوذا كبيرا على مكتب رئاسة الحكومة".
وتابع علاء الدين بأنه من خلال الدعم من ايران، فان قوات الحشد الشعبي انخرطت في مفاوضات مع حكومة الاقليم وحزبها الحاكم، الحزب الديمقراطي الكردستاني، تحت أساليب الإكراه والترهيب"، مضيفا ان قوات الحشد الشعبي حققت بعض المكاسب السياسية والقانونية، مستخدمة في بعض الأحيان المحكمة العليا.
وفي هذا المجال، نقل التقرير عن علاء الدين اشارته الى ما وصفه ب"الحكيم المريب" الذي أصدرته المحكمة العليا في فبراير/ شباط 2022، بأن صادرات النفط من الاقليم غير قانونية، والى الغاء المحكمة كوتا الاقليات في انتخابات الاقليم ، وهو القرار الذي ادى الى مقاطعة الحزب الديمقراطي الكوردستاني للانتخابات البرلمانية في الإقليم. واعتبر علاء الدين أن هذه المقاطعة تشير الى "بداية نظام سياسي تسيطر عليه إيران في العراق، والذي ظل في طور التشكيل منذ فترة طويلة".
ونقل التقرير عن الباحثة لورينا ستيلا مارتيني قولها إن النزاع النفطي لا يزال يؤدي دوراً حاسماً في تحديد العلاقات بين بغداد واربيل، موضحة أنها مسألة ليست جديدة قبل عشر سنوات، حيث ان الحكومة المركزية في العام 2014، ردت على قيام الإقليم بتصدير النفط الى تركيا، عبر تجميد مدفوعات الميزانية لأربيل.
وتابعت مارتيني قولها إنه طوال العامين الماضيين، سعت الحكومة الاتحادية بعدة وسائل فرض سيطرتها على قطاع النفط الكوردي، وهو ما يتضح في قانون ميزانية العام 2023 أو من خلال الحكم الأخير للمحكمة العليا الذي يدعو اربيل الى تسليم كل ما لديها إيرادات النفط والغاز لبغداد.
ولفتت إلى أن هذا النزاع حول السيطرة على تصدير النفط وإيراداته، يعرقل ايضا اعادة فتح خط أنابيب كركوك - جيهان المتوقف منذ آذار/ مارس 2023، وهو ما له تداعيات اقتصادية مدمرة على اربيل. وقالت مراتيني إن حول النزاع المتعلق بخط الأنابيب "سيخبرنا الكثير عن تطور العلاقات بين بغداد واربيل".
ونقل التقرير عن الباحث في "معهد واشنطن" الأمريكي مايكل نايتس قوله إنه "يجري استخدام الاراضي العراقية كنقطة انطلاق لشن هجمات على اسرائيل"، مشيرا الى انه كان هناك 69 هجوما على اسرائيل من قبل "المقاومة الاسلامية في العراق" منذ 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023.
وبحسب نايتس، فإنه "يبدو من المستحيل على العراق ان يبقى بعيدا عن التوترات الإيرانية الاسرائيلية اذ ان العديد من الميليشيات المدعومة من إيران هي جزء من هيئة الحشد الشعبي، التي تعتبر من الفروع الرسمية لقوات الأمن العراقية، وهو ما يعني أن إحدى هيئات الدولة العراقية تهاجم دولة اجنبية، بلا اذن من القائد الاعلى للقوات العراقية، اي رئيس الوزراء محمد شياع السوداني".
واعتبر نايتس انه ذلك لا يمثل نموذجا لابقاء العراق خارج الصراع، وليس نموذجاً لكيفية تحقيق التوازن بين المصالح الإيرانية والغربية، مضيفا ان الهجوم الاسرائيلي على قاعدة لقوات الحشد الشعبي جنوب بغداد في 20 ابريل/ نيسان يمثل "طلقة تحذيرية مفادها ان العراق لا يمكنه البقاء على الحياد طالما ان اراضيه تستخدم لضرب اسرائيل".
كما نقل التقرير عن الباحث في "مجلس العلاقات الخارجية الأوروبي" حمزة حداد قوله انه الى جانب "التحديات القديمة التي تواجهها كل حكومة عراقية، مثل العلاقات الداخلية بين بغداد واربيل، فإن التحديات التي تواجه رئيس الوزراء السوداني حاليا هي احتمالات الانجرار الى حرب إقليمية أوسع نطاقا وعدم امكانية الوصول الى الأرباح الآتية من مبيعات النفط في نيويورك".
وبحسب حداد، فانه طالما ان العراق لا يزال في المرحلة الانتقالية المتمثلة في دمج الجماعات شبه العسكرية ضمن الاجهزة الامنية للدولة، فان بعض الجماعات المسلحة التي تتمتع باستقلالية أكبر، "ستظل تشكل تحديا طالما استمر النزاع في غزة". ولفت إلى أنه بالتزامن مع ذلك، فإن الحكومة الأمريكية، فرضت منذ بداية ولاية السوداني، قيودا مشددة على العراق للوصول الى هذه الاموال، خشية من عمليات تهريب الدولار الأمريكي إلى إيران".
ولهذا، يقول حداد، انه يتحتم على حكومة السوداني أن تستمر في وضع الترتيبات مع وزارة الخزانة الأمريكية خلال تطبيق اصلاحاتها المالية الخاصة للوصول الى الاحتياطيات الاجنبية بالدولار الامريكي.
ترجمة: وكالة شفق نيوز