مساهمة مهمة في الأدب العالمي: "الجدران الهامسة" رواية كوردية صادقة وقاسية
شفق نيوز/ قدم "منتدى الشرق الأوسط" الأمريكي قراءة نقدية في رواية "الجدران الهامسة" (Whispering Walls) للكاتبة والشاعرة الكوردية تشومان هردي، معتبراً أن الرواية لا تشكل ارتباطاً بالكورد فقط، وإنما لها صداها في العديد من المجتمعات الأخرى وخصوصاً هؤلاء الذين يقيمون في الشتات، واصفاً الرواية بأنها مساهمة مهمة في التراث الأدبي العالمي.
وذكر المنتدى الأمريكي في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، حول الرواية الصادرة حديثا أنها تتناول حياة ثلاثة أشقاء، يمثلون الشخصيات الرئيسية في الرواية، إلى جانب أفراد آخرين من عائلاتهم، حيث تدور الأحداث في بريطانيا وإقليم كوردستان، وتصطحب القراء ذهاباً وإياباً بين المكانين في تناغم جميل كما لو أن الجغرافيا لا أهمية لها.
التفاصيل الساحرة
وأشار التقرير إلى أن هردي تستخدم تفاصيل ساحرة ودقيقة من بريطانيا، الموطن المتبنى لاثنتين من الأشقاء، هما لانا وهيوا، إلى جانب تفاصيل حية لمسقط رأسهم جميعاً في إقليم كوردستان حيث ما يزال الأخ الثالث جارا، يعيش.
وتابع التقرير أن جارا ليس الرابط الوحيد بين المكانين، إذ أن هناك أيضاً والديهم المتوفين بالإضافة إلى شقيقهم الشهيد كاوا وشقيقتهم تارا التي انتحرت، وذلك ضمن سياق أجواء من الحنين التي تجعل من الرواية بمثابة تكريم لعصر انقضى، وإنما في ظل كثافة الوقت المعاصر وحيويته.
وأوضح التقرير أن الرواية تجري على خلفية حرب العراق في العام 2003، أو بشكل أكثر دقة، في الأسابيع التي سبقت الحرب، حيث تحول هاردي هذا إلى جدول زمني لتصوير المشاعر المختلطة حول مفهوم الحرب، وحالة الكورد الذين يعيشون في ظل دكتاتورية وحشية، والإشكاليات الفلسفية التي لا يوجد أمام شخصياتها خيار سوى أن تتعامل معها.
القضايا المحرمة
واعتبر التقرير أن الأسلوب "الفج" لهاردي في روايتها أحياناً، يشكل تحدياً واضحاً ليس فقط في مواجهة الأنظمة التي قمعت الكورد، وإنما أيضاً فيما يتعلق بشعبها، الذي وصفه بأنه غارق في تناقضات اجتماعية وسياسية.
وأوضح أن الرواية تضغط لطرح قضايا تعتبر من المحرمات منذ فترة طويلة مثل علاقات الحب بين الأعراق المختلفة والجنس والسلطة الأبوية، ولهذا فإن رواية "الجدران الهامسة" تتخطى الروايات النمطية وتفكك المعايير التقليدية.
ورأى التقرير أن الرواية تحاول استثارة ردود فعل معينة، وتستند على دوافع نسوية وشعرية قوية، وتخلق سلسلة من الحكايات الصادقة التي تصور حياة شديدة التعقيد.
وتابع أن الرواية لا تتضمن أبطالاً معصومين، والشخصيات فيها برغم أنها عادية إلا أنها معقدة ومتعلمة بشكل عالٍ، وهي تعكس النفسية الكوردية التي أصيبت بصدمة نفسية بسبب عقود من الحرب والقمع والقهر العنصري.
ومع ذلك، يقول التقرير إن المرونة هي القاسم المشترك بين شخصيات هاردي على مدى الرواية، وهي سمة حاضرة في الجانب الشعري من لانا وفي حواراتها مع عامر، صديقها العربي الهادئ، مضيفاً أن دقة تلك المحادثات بينهما هي التي تجعل الكتاب نصاً قوياً.
وأضاف أن بالإمكان ملاحظة ذلك أيضاً من خلال شخصية هيوا الذي يتمتع بروح لطيفة ولا يخفي نقاط ضعفه، برغم أنه رجل، وهو يمتلك قوة مميزة تساعده على التنقل في حياته العائلية والتغلب على صدماته التي لم يتم حلها.
التحرر من القمع
وتابع التقرير أن شقيقهم جارا، المقيم في السليمانية، ربما هو من يمثل عناصر التناقض في المجتمع الكوردي، فهو صحفي متحمس ويعلق آمالاً كبيرة على شعبه في التحرر من الاستبداد والقمع، وبرغم ذلك فإنه محاط بأشخاص لديهم الكثير من الإشكاليات الاجتماعية. وهو أيضاً متزوج من سيدة كانت زوجة أخيه الثائر الوسيم كاوا الذي قتل وهو في المقاومة ضد نظام صدام حسين.
وفي الختام، وصف التقرير الرواية بأنها أصيلة بشكل ليس تجميليا. وقال إن "الجدران الهامسة" رواية تتناول أيضاً النجاحات الصغيرة التي تشكل كيان شخصياتها، وهي نجاحات صغيرة مهمة في أهم لحظات الحياة.
وأضاف أنه كتاب يتناول المفارقات التي شكلت مجتمع هردي، وهو بمثابة لمحة عن العالم الكوردي الذي لا يعرف عنه الغرباء سوى القليل، ومختلف عن تمثيله الكاريكاتيري في وسائل الإعلام الرئيسية، وخصوصاً في الغرب.
وتابع التقرير أن هردي وضعت كتاباً لا يرتبط بشكل مؤلم بالعديد من الكورد فحسب، بل له أيضاً صداه لدى العديد من المجتمعات الأخرى، وخصوصاً هؤلاء الذين يعيشون في الشتات.
وختم قائلاً إن "الجدران الهامسة" يمثل مساهمة شديدة الأهمية في المشهد الأدبي العالمي.