مركب العراق ينجرف بشدة صوب "فوضى عارمة"

مركب العراق ينجرف بشدة صوب "فوضى عارمة"
2020-11-13T07:26:01+00:00

شفق نيوز/ يواجه العراق مخاطر انهيار مالي مرجح في العام 2021، قد يقود لتكرار مسلسل تأخر الرواتب على الموظفين، ما لم تحدث معجزة، في بلد مثقل بالديون والأزمات.

صحيح أن البرلمان أعطى الحكومة العراقية ضوءاً اخضر للمضي بالاقتراض لصرف رواتب الموظفين، إلا أن ترنح أسعار النفط وعدم تحصل خطة الإصلاح الحكومية- الورقة البيضاء- على دعم المشرعين، فاقم من تلك المخاوف، في بلد فيه ملايين الموظفين ويعتمد بشكل شبه كامل على سعر برميل النفط. 

واعتبر الخبير والمستشار الاقتصادي الدكتور ناصر الكناني  في تصريحات خاصة لوكالة شفق نيوز، أن العراق يعاني من عجز قيمته 81 تريليون دينار، وذلك بالاضافة الى وجود الديون السابقة التي تقدر ب200 مليار دولار. 

واكد الكناني ان ذلك يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة الى العراق الذي قد يستحيل عليه تسديد هذه الديون حتى لسنوات اخرى مقبلة. 

ورأى الخبير الاقتصادي ان قضية تعطل رواتب الموظفين خلقت نكسات في السوق بأكمله. وذكر بان الرواتب هي استحقاق واجب الدفع برغم انف الدولة التي يجب عليها ان تدفعها، منتقدا فكرة الا يتقاضى الموظف راتبه بسبب التناحر بين الحكومة والبرلمان. 

وحذر الكناني من "فوضى عارمة قادمة" داعيا النواب في البرلمان والوزراء في الحكومة الى النظر نحو هذه الفوضى الاتية التي قال انه "لا يمكن اطلاقا ايقافها" في حال بدأت. 

وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي قال إن معالجة التحديات الاقتصادية مهمة ليست سهلة، وأن الأزمة الحالية منهجية، لا تتعلق بهذه الحكومة وإجراءاتها، وهي تحتاج الى إصلاح حقيقي وجذري وخطط طويلة الأمد لتجاوزها.

وقال رئيس الوزراء إن "ورقة الإصلاح، تحتاج إلى جهود الجميع لتطويرها، والاستفادة من الخبرات الموجودة، من أجل ترجمتها الى واقع عمل طويل الأمد".

واعتبر أن "الورقة البيضاء تمثل بداية الإصلاح الإقتصادي، وعلى الرغم من كونها مطولة وتضم بعض الإجراءات، لكنها ستكون قاعدة نستند إليها في تطوير رؤية البلد المستقبلية".

وحث الكاظمي مجلس النواب على مناقشة الورقة الإصلاحية "وإقرارها من حيث المبدأ، لتكون إطاراً عاماً لعمل حقيقي وجاد يمكن ان ينهض بالاقتصاد العراقي".

وتأخر صرف رواتب الموظفين عن موعدها المحدد، وهي ظاهرة لم يعتادها الموظفون في عراق ما بعد العام 2003 باستثناء اقليم كوردستان الذي مر بأزمات مالية وصراع مالي متكرر مع بغداد.

ويعتبر العراق احد الدول ذات الاقتصاد الريعي حيث يعتمد البلد على إيرادات بيع النفط لتمويل ما يصل إلى 95 في المئة من نفقات الدولة. ولجأ العراق إلى الاقتراض قبل أشهر لتأمين رواتب موظفي الدولة إثر تراجع أسعار النفط بفعل جائحة كورونا التي شلت اقتصادات العالم.

وتسبب تأخر الرواتب في ظاهرة كساد حادة في الاسواق العراقية، فاقمتها بالتأكيد عوامل عدة، من بينها انهيار المداخيل النفطية، وحرب الأسعار بين روسيا والسعودية، وإجراءات الاغلاق التي تمت مؤخرا من اجل مواجهة جائحة كوفيد19، بالاضافة الى فشل الحكومات والبرلمان في الاستعداد للازمة المالية التي كانت تلوح مخاطرها في الافق بشكل واضح ولو على سبيل تقليص تضخم موظفي القطاع العام، والتي عبر عنها "معهد كارنيجي" في تقرير له مؤخرا، ونشرته شفق نيوز. 

واعتبر المعهد الاميركي ان لهذه الأزمة المالية تداعيات في المدى القصير كما الطويل. ففي المدى القصير، تجد بغداد صعوبة مستمرة في دفع رواتب موظفي القطاع العام، ما اقتضى من الدولة اقتراض الأموال من المصرف المركزي خلال الصيف.

واضاف التقرير مع تدنّي الإيرادات النفطية، باتت المداخيل الشهرية للدولة تغطّي فقط 50 في المئة ونيّف من النفقات الحكومية. 

وفي المدى الأطول، يواجه العراق انهياراً مالياً كلّياً للدولة، يُرجَّح أن يحدث خلال العام المقبل، مشيرا الى ان البلاد تجد صعوبة في تغطية نفقاتها الشهرية.

يشار إلى أن حجم القطاع العام توسّع في عهود الحكومات المتعاقبة إلى درجة أن مجموع الإيرادات التي تحققها الدولة العراقية لم يعد كافياً لتسديد النفقات الأساسية، أي رواتب القطاع العام، والمعاشات التعاقدية، والمساعدات الغذائية، وكلفة برامج الرعاية الاجتماعية، وباتت الدولة بحاجة إلى إنفاق مبالغ تفوق إيراداتها من أجل تغطية هذه النفقات الأساسية وإبعاد شبح العوز والحرمان عن أكثرية الشعب العراقي.

ومنذ تعافي أسعار النفط بعد التدهور الذي شهدته في آذار/مارس الماضي، بلغ متوسط العائدات النفطية العراقية أكثر بقليل من 3 مليارات دولار في الشهر، ووصل إلى 3.52 مليارات دولار في آب/أغسطس الماضي.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon