مختصون يرجعونها لعدة عوامل.. كيف تحول العراق إلى "بيئة ملائمة" لتفشي الجريمة؟
شفق نيوز/ تعرضت البيئة الاجتماعية العراقية إلى مجموعة عوامل حولتها لتكون "بيئة ملائمة لتفشي الجريمة الجنائية والمنظمة" في البلاد، وفق مختصين، فيما أكدوا أن الحد من الجرائم يتطلب اتخاذ معالجات شاملة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والخدمية والتنموية والتربوية.
يأتي هذا في وقت يحتل فيه العراق المرتبة الثامنة عربياً والثمانين عالمياً من أصل 146 دولة بمؤشر الجريمة للعام الحالي 2024، وفقاً لموقع "نامبيو" الذي يُعنى بتقديم بيانات حول أسعار المستهلك، ومعدلات الجريمة، وجودة الرعاية الصحية.
وذكر الموقع في جدول اطلعت عليه وكالة شفق نيوز، أن دولتيّ فنزويلا وبابوا غينيا الجديدة جاءتا بالمركز الأول والثاني عالمياً بأكثر الدول بمعدل الجريمة للعام الحالي بـ81.2%، و79.7% على التوالي، فيما جاءت أفغانستان وهايتي بالمركزين الثالث والرابع بنسبة 78.3%، 77.9% على التوالي.
وجاء العراق في المرتبة 80 عالمياً بمؤشر 44.7% وبمؤشر سلامة 55.3%، وحل في المرتبة الثامنة عربياً بمؤشر الجريمة للعام الحالي، بعد كل من سوريا 69.1%، واليمن ثانياً بنسبة 68.6%، وليبيا ثالثاً بنسبة 60.4%، والجزائر رابعاً بنسبة 52.2%، ومصر خامساً بنسبة 47.3%، والمغرب سادساً بنسبة 46.5%، ولبنان سابعاً بنسبة 46.4%.
فيما تذيلت دول قطر، والإمارات، وأندورا، بأقل الدول بمعدل الجريمة، بنسبة 16%، و15%، و12.9% على التوالي.
"بيئة ملائمة للجريمة"
ويرجع مدير مركز الاعتماد للدراسات الأمنية، اللواء الركن المتقاعد عماد علو، أسباب "ملائمة البيئة الاجتماعية العراقية لتفشي وانتشار الجريمة الجنائية والجريمة المنظمة إلى وجود متسعاً من الحرية في القوانين التي تتعلق بمعاقبة المجرمين، وهذه المسألة تم الأخذ بها واعتمادها نتيجة الحياة الديمقراطية بعد عام 2003".
ويتابع علو حديثه لوكالة شفق نيوز، "إضافة إلى نقاط أخرى مثل فتح الحدود وعدم مسكها بشكل جيد من قبل الأجهزة الأمنية، إضافة إلى ما حصل من هجمات بعد الانفلات الأمني على مشاجب الجيش السابق وعمليات تهريب الأسلحة والمخدرات، إضافة إلى الاضطرابات والهزات الاجتماعية التي حصلت نتيجة الحرب الطائفية ودخول عناصر تنظيم القاعدة وداعش".
ويؤكد، أن "العراق بات يعتبر خاصة في مسائل المخدرات وتهريب السلاح من البلدان التي تستقطب هذه المواد بعد أن كان ممراً لعبورها فقط، ولهذا تنتشر العصابات والمافيات العابرة للحدود في العراق".
وعن أخطر أنواع الجرائم على المجتمع العراقي، يوضح علو، أن "أخطر الجرائم هي الجريمة المنظمة على اعتبار أنها تستهدف شرائح المجتمع خاصة مافيات المخدرات التي باتت تستهدف الشباب وحتى الأطفال والنساء في الجامعات ومراكز العمل نتيجة البطالة ومحاولات كسب السريع من قبل هؤلاء المجرمين وتصدير هذه المواد وتهريبها إلى داخل العراق".
ويضيف "كما هناك جريمة تهريب الأسلحة التي تساعد على استمرار السلاح خارج سيطرة الدولة، وبذلك يزداد العنف وتكون هناك مساحات لارتكاب جرائم جنائية من سرقة وقتل وخطف وابتزاز وغيرها من الجرائم".
100 ألف سجين
من جهته، يشير رئيس المركز الإستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، فاضل الغراوي، إلى أن "العراق حاله كحال باقي الدول فيه العديد من الجرائم والتحديات والمشاكل والتعقيدات، أما ترتيبه بين الدول فهو يأتي بناءً على مدى انتشار الجريمة والمعالجات التي تقوم بها الحكومة ومؤسساتها الأمنية في متابعة هذه الجرائم والإجراءات القضائية للحد منها".
ويوضح الغراوي لوكالة شفق نيوز، أن "الجرائم في العراق خلال الفترة 2023 – 2024 تتراوح ما بين جرائم تجارة المخدرات والاتجار بالبشر والقتل وغسل العار والسرقة والفساد المالي والرشوة والاختلاس وغيرها من الجرائم، وهي موزعة على أغلب المحافظات العراقية لكنها قد تتفاوت ارتفاعاً وانخفاضاً حسب نوعية الجريمة".
ويؤكد، أن "هناك أكثر من 100 ألف شخص بين محكوم وموقوف في السجون ومراكز الاحتجاز، وهذا رقم كبير يشير إلى حجم الجرائم الموجودة في العراق وتداعياتها إضافة إلى وجود الجرائم الإرهابية، ولن تنتهي الجرائم إلا بإجراء معالجات شاملة وحقيقية وجدية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والخدمية والتنموية والتربوية".
تقدم في مواجهة التحديات
بدوره يؤكد المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية وخلية الإعلام الأمني، العميد مقداد الموسوي، أن "الوزارة تواصل جهودها الحثيثة لتعزيز الأمن والاستقرار في جميع أنحاء العراق، ولقد شهدنا خلال الأشهر الأخيرة تقدماً كبيراً في مواجهة التحديات الأمنية، وذلك بفضل التخطيط الاستراتيجي والتنفيذ الدقيق للعمليات الأمنية، وأن هذا التحسن الملحوظ يعكس مدى التزام قواتنا الأمنية بواجبها الوطني وحرصها على حماية المواطنين".
ويضيف الموسوي لوكالة شفق نيوز، أن "التعاون المستمر والمثمر بين الأجهزة الأمنية والمواطنين يلعب دوراً حاسماً في تعزيز هذه الجهود، حيث نرى زيادة ملحوظة في عدد البلاغات التي تصلنا من المواطنين حول الحالات المشبوهة، مما يساهم بشكل كبير في كشف ومواجهة الأنشطة الإجرامية قبل وقوعها، وأن هذا التعاون يعكس الثقة المتبادلة بين الشعب وقوات الأمن، وهو أمر نفخر به ونسعى إلى تعزيزه باستمرار".
ويتابع "كما نجحت القوات الأمنية في توجيه ضربات قوية للجريمة المنظمة، حيث تم تفكيك العديد من الشبكات الإجرامية التي كانت تهدد أمن واستقرار البلاد، ولقد أسفرت هذه العمليات عن اعتقال العديد من العناصر الإجرامية، ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والمخدرات، مما أسهم بشكل كبير في تقليص معدلات الجريمة وتعزيز الأمان في مختلف المناطق".