متجذرة منذ 4 آلاف عام.. البيروقراطية في العراق تعود لـ"جيرسو" السومرية

متجذرة منذ 4 آلاف عام.. البيروقراطية في العراق تعود لـ"جيرسو" السومرية
2025-03-15T17:19:51+00:00

شفق نيوز/ ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، أن اكتشافات أثرية جديدة تظهر أن العراق، بدأ فيه العمل الإداري والبيروقراطي، منذ 4 آلاف عام، وذلك من خلال الألواح الحجرية التي تحمل "بيانات الإمبراطورية".

وأوضح التقرير البريطاني، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن "علماء الآثار من المتحفين البريطاني والعراقي، اكتشفوا مئات الالواح الادارية التي تمثل الدليل الأقدم على اول سجلات لإمبراطورية في التاريخ، وهي نصوص تتضمن تفصيلات عن هذا الحكم وتكشف عن تعقيدات بيروقراطية هذه الحضارة القديمة".

وبحسب التقرير، فإن هذا الارشيف يعود الى الدولة التي كان قائمة في جيرسو السومري القديم، والذي يعرف حاليا باسم تللو، وذلك في الوقت الذي كانت فيه الدولة تحت سيطرة السلالة الأكادية من العام 2150 – 2300 قبل الميلاد.

ونقل التقرير عن أمين المتحف البريطاني سيباستيان ري، الذي يشرف على "مشروع جيرسو"، قوله انها جداول لبيانات الامبراطورية، وتمثل أول دليل مادي على اول إمبراطورية في العالم، وبمثابة الدليل الحقيقي على السيطرة الامبراطورية وكيفية عملها.

ووصف التقرير "جيرسو" بانها احدى أقدم مدن العالم، وكانت ينظر اليها بقداسة خلال الألفية الثالثة قبل الميلاد، لانها مقر الإله السومري البطل نينجيرسو، ومسحاتها كبيرة، كما انها كانت بحسسب التقرير من بين المدن السومرية المستقلة التي غزاها ملك بلاد ما بين النهرين سرجون في حوالي العام 2300 قبل الميلاد، مضيفا ان "سرجون ينحدر اصله من مدينة أكاد، التي لا يزال موقعها مجهولا، ومن المعتقد انها كانت قريبة من بغداد الحالية".

ونقل التقرير عن ري قوله، إن "سرجون طور هذا الشكل الجديد من الحكم بغزو جميع المدن السومرية في بلاد ما بين النهرين، ليؤسس ما يسميه معظم المؤرخين، الامبراطورية الاولى في العالم"، مضيفا أن "الحفريات الاخيرة، اقتصرت المعلومات التي كشفتها عن تلك الإمبراطورية، على نقوش ملكية مجزأة وضخمة، او نسخ من فترة لاحقة لنقوش أكادية "غير موثوقة بشكل كامل". 

كما وصف ري الاكتشافات الجديدة بانها "في غاية الاهمية"، لافتا إلى أن التفاصيل الموجودة في تلك السجلات، أدهشت ري الذي قال "انهم يكتبون كل شيء بدقة، واذا مات خروف على اطراف الامبراطورية، فانه يتم تسجيل ذلك، انهم مهووسون بالبيروقراطية".

وبحسب التقرير فان هذه الالواح تتضمن تدوينات برموز مسمارية، وهو نظام كتابة قديم، تتعلق بشؤون الدولة والايرادات والنفقات، والمرتطبة بكل الامور من الاسماك الى الماشية، ومن الطحين الى الشعير، ومن المنسوجات الى الاحجار الكريمة.

وأشار التقرير الى ان "المرممة البريطانية الامريكية دانا براون تقوم بتنظيف الالواح حتى يتسنى نسخها"، ناقلا عنها قولها ان "العمل دقيق ومثير في الوقت نفسه، فإن الناس يعتقدون ان الاشياء يتم اخراجها من تحت الارض وتظهر لهم كما يرونها في المتحف، لكنها لا تكون كذلك".

ولفت التقرير الى أن "أحد الالواح المسمارية يتضمن اسعار السلع المختلفة حيث ان البقرة المسمنة مثلا بـ250 جرام من الذهب تعادل 500 جرام من الفضة، والابقار المسمنة بـ30 ليترا من الجعة".

وتابع التقرير نقلا عن ري أن "الالواح المسمارية تتضمن ايضا تسجيل اسماء ومهن المواطنين"، موضحا انها لـ"نساء، رجال، اطفال...لدينا اسماء للجميع".

وبحسب ري ايضا فإن "المرأة شغلت مناصب مهمة داخل الدولة، ولدينا على سبيل المثال الكاهنات الكبيرات، رغم ان المجتمع كان بقيادة الرجال الى حد كبير، لكن دور المرأة كان على الاقل اكبر من العديد من المجتمعات الاخرى، وهذا امر لا يمكن انكاره بناء على الادلة التي بحوزتنا".

واضاف التقرير، أن "الوظائف المدرجة تتراوح من قاطعي الحجارة الى الكناسين لأرضية المعبد"، ناقلا عن ري قوله ان "القدرة على كنس الارضية حيث كان الاآهة والكاهن الكبير موجودين، كانت أمرا شديد الأهمية، حيث ان مدن بلاد ما بين النهرين القديمة، كانت نظريا ملكا للآلهة".

وقال التقرير، إن "الالواح المسامرية جرى العثور عليها في موقع مبنى ارشيف حكومي كبير، ومقسم الى غرف او مكاتب، حيث تتضمن بعض الالواح مخططات هندسية للمباني، وللحقول بالاضافة الى خرائط للقنوات المائية".

وتابع أن هذه القطع الاثرية جرى العثور عليها من جانب علماء الآثار في مشروع جيرسو، الذي هو ثمرة تعاون بين المتحف البريطاني وهيئة الاثار والتراث العراقية، وذلك بتمويل من "مؤسسة ميديتور ترست" الخيرية.

وذكر التقرير، بأنه جرى التنقيب في الموقع لاول مرة في القرن الـ19 وأوائل القرن الـ20 ، الا انه تعرض للنهب بعد حربي الخليج، حيث جرى نهب الواح من الحقبة الأكادية او إزالتها بشكل غير دقيق من موقعها الاثري، مما ادى الى ضياع سياقها التاريخي، وهو ما جعل من الصعب فهم كيفية عمل الادارة في ذلك الوقت".

وختم التقرير بالاشارة الى انه "جرى ارسال المكتشفات الى المتحف العراقي في بغداد لاجراء المزيد من الدراسات، تمهيدا لاحتمال اعارتها الى المتحف البريطاني".

 

ترجمة وكالة شفق نيوز

 

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon