ما علاقة العراق؟ عملية تضليل إيرانية في عرض البحر لتهريب نفطها

ما علاقة العراق؟ عملية تضليل إيرانية في عرض البحر لتهريب نفطها
2022-08-19T20:41:46+00:00

شفق نيوز/ كشفت اذاعة "صوت امريكا" عن تفاصيل اضافية حول عمليات تهريب للنفط الايراني تجري في عرض مياه الخليج، من خلال مزجه بالنفط العراقي في ناقلات تابعة لشركات بعضها مرتبط بالعراق والإمارات، وذلك في إطار جهود ايرانية أكثر فاعلية للتفلت من العقوبات الامريكية، تتيح لطهران بيع ملايين البراميل، ما يحقق لها إيرادات بمليارات الدولارات.  

وذكرت الإذاعة الامريكية بتقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" في الشهر الماضي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ يشير الى ان احد رجال الاعمال المقيم في الإمارات والعديد من الشركات التي يمتلكها أو له ارتباطات بها، انخرطوا في مزج النفط الإيراني والعراقي في ناقلات من خلال عمليات نقل النفط من سفينة إلى سفينة أخرى في مياه الخليج في إطار نشاط استمر حتى العام 2020.

وبحسب الاذاعة الامريكية فان هذا المخطط ساعد المشاركين فيه على إخفاء المصدر الإيراني للنفط وتوصيف الشحنة بانها عراقية بهدف تجنب العقوبات الامريكية التي تستهدف النفط الايراني.

واستعان التقرير بمثال يتعلق بعملية قامت خلالها ناقلة نفط ايرانية تسمى "بولاريس 1" بنقل الوقود الايراني الى ناقلة اخرى تحمل النفط العراقي في مارس/آذار العام 2020، وهي ناقلة تحمل اسم "بابل" وكانت تشغلها في ذلك الوقت شركة "راين شيبينغ DMCC " والتي يديرها رجل الأعمال المتمركز في الامارات، يدعى سالم احمد سعيد، وهو بريطاني الجنسية وعراقي المولد.

وبرغم أن التقرير أشار إلى أن "وول ستريت جورنال" استندت في مقالها على وثائق الشركات وبيانات شحن واشخاص مطلعين على القضية، مضيفة أن سالم سعيد نفى شحن شركاته للنفط الإيراني في انتهاك للعقوبات الامريكية، الا ان "صوت امريكا" توصلت الى ادلة اضافية حول انخراط "بولاريس 1" و"بابل" في نشاطات نقل النفط من سفينة إلى أخرى في الفترة من 17 الى 19 مارس/آذار العام 2020، وذلك على بعد حوالي 30 كيلومترا من شبه جزيرة الفاو العراقية.

وبحسب صور من الأقمار الصناعية الملتقطة في تلك التواريخ، وقدمتها شركة "بلانيت لابز" الامريكية، فان السفينتين "بولاريس 1" و"بابل" تظهران جنبا الى جنب في مياه الخليج. 

ونقل التقرير عن أحد مؤسسي موقع "تاكنرز تراكرز" لتتبع حركة السفن، سام مدني، الباحث المقيم في السويد، قوله إن الشكل الخارجي للسفينتين في الصور الملتقطة، تتطابق مع صور الناقلتين الموجودة في قاعدة بيانات الموقع المتخصص برصد السفن.  

كما نقلت "صوت أمريكا" عن شركة التحليلات البحرية "مارين ترافيك" التي تتخذ من اليونان مقرا لها، أن البيانات الواردة من اجهزة الإرسال والاستقبال لنظام التعريف الاوتوماتيكي (AIS) التابع للناقلة "بابل" تظهر أنها كانت في الموقع الذي شوهد في صور "بلانيت لابز" في نفس تواريخ التقاط الصور. 

أما جهاز الإرسال والاستقبال في "بولاريس 1"، فقد تبين أنه جرى إيقافه عن العمل من أغسطس/آب 2019، إلى أن تم إعادة تنشيطه مجددا في 20 مارس/آذار 2020، أي بعد عمليات النقل المفترضة في عرض البحر، كانت "بولاريس 1" بذلك الوقت قد ابتعدت مسافة 380 كيلومترا عن المكان الذي تلاقت فيه مع "بابل" قبلها بأيام. 

ولفت التقرير إلى أن الناقلات كثيرا ما تلجأ الى ايقاف تشغيل اجهزة الإرسال والاستقبال "AIS" في السنوات الاخيرة من اجل اخفاء أنشطتها من المتابعة. 

وبحسب مدني، والناشطة في تتبع السفن كلير جونغمان التي تترأس أيضا رئيس مجموعة "متحدون ضد إيران نووية" الأمريكية، فإنهما لم يشاهدا أية مؤشرات على عمليات نقل منتظمة من سفينة إلى سفينة لمزج النفط الإيراني والعراقي في الخليج العربي منذ العام 2020. 

وأوضح الباحثان أنهما يعتقدان ان ايران تركز على تكتيكات اخرى لأن خطة النقل والمزج مرهقة للغاية مقارنة بمردودها المالي الصغير نسبيا. 

وبينما قال مدني مشيرا الى عمليات المزج التي جرت في العام 2020، أن "هذه الشحنات تضمنت منتجا نفطيا مكررا وصغيرة جدا"، قالت "وول ستريت جورنال" أن كمية الوقود الإيراني في عملية النقل بين "بولاريس 1" وبين "بابل" في مارس/آذار العام 2020ن بلغت قيمتها 9 ملايين دولار.

الا ان مجموعة "متحدون ضد إيران نووية" قالت في الشهر الماضي أن تقديراتها تشير الى أن إيرادات إيران من النفط ومكثفات الغاز تبلغ نحو بـ 37.7 مليار دولار في الفترة ما بين مارس/آذار 2021 إلى أيار/ مايو 2022.

وتابع التقرير أن تحقيقا اخباريا في "وول ستريت جورنال" نشر في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، ينقل عن مسؤولين أمريكيين لم يحددهم، قولهم إن السفن الايرانية تنقل النفط بانتظام الى سفن اخرى على بعد كيلومترات فقط من ميناء الفاو العراقي في اطار عملية مزج النفط. لكن التحقيق لم يحدد اسم أي من هذه الناقلات.

ومن جهته، حددت "متحدون ضد إيران نووية" في وقت لاحق بأن احدى الناقلات التي كانت تتعقبها منذ عامين في الخليج، كانت تسمى وقتها باسم "النجف"، وكانت تعمل بمثابة "خلاط عملاق ثابت" لمزج المشتقات النفطية لاخفاء اصولها الايرانية، بينما قامت ناقلات اخرى بتحميل الخليط "غير القانوني" من أجل تصديرها الى الخارج.

ونقل التقرير عن جونغمان قولها إن سفينة خلاط "النجف"، كانت تشغلها شركة "العراقية لخدمات الشحن وتجارة النفط (AISSOT)" منذ شباط/فبراير 2018، مشيرة الى انها شركة تتخذ من الإمارات مقرا لها، مرتبطة برجل الأعمال سالم سعيد. 

واوضح التقرير ان "AISSOT"  جرى تأسيسها في العام 2017، كشركة فرعية مملوكة بشكل كامل "الشركة العربية للنقل البحري للبترول (AMPTC)" التي تسيطر عليها حكومات تسعة أعضاء في منظمة البلدان العربية المصدرة للنفط، فيما يشير موقع " AMPTC  " الإلكتروني إلى " AISSOT  " جرى تأسيسها من أجل مساعدة الحكومة العراقية على تصدير نفطها.

وبينما أكدت "AISSOT" ببيان في أيلول/سبتمبر 2020 انها غير متورطة في أي تجارة خاضعة للعقوبات بما في ذلك المتاجرة بالنفط الايراني، الا ان شركة تسويق النفط الحكومية العراقية "سومو" ذكرت في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، أنها أوقفت استخدام "النجف" كناقلة عائمة لتخزين الوقود العراقي في 31 أكتوبر/تشرين الأول من ذلك العام، مؤكدة أن أي شخص يشتري النفط من "النجف" بعد هذا التاريخ قد يواجه "عواقب قانونية بسبب المتاجرة بمنتج نفطي مهرب". 

ونقل التقرير عن مدني قوله ان الايرانيين قاموا بتغيير الامور وجربوا تطبيقات جديدة حول تحركات السفن وتحميل النفط. 

واوضح التقرير انه خلال العامين الماضيين، أدت هذه التجارب الايرانية الى قيام طهران بإنشاء شركات وهمية لتعزيز توسيع أسطول ناقلاتها بشكل كبير للعمل تحت إعلام أجنبية واخفاء ملكية ايران لها والافلات من العقوبات الامريكية التي تستهدف السفن التابعة ل"شركة الناقلات الإيرانية الوطنية". 

وبالاضافة الى ذلك، فان ايران زودت أسطول ناقلاتها الموسع بأجهزة تضليل "AIS"  بمقدورها نقل بيانات كاذبة حول موقع السفينة لجعل تعقبها أكثر صعوبة، حيث يقول باحثون إن انتحال الهويات المزورة للسفن هو الآن المعتمد من أجل الإفلات من العقوبات في تصدير غالبية النفط الإيراني.

وبحسب مدني وجونغمان فان لدى إيران أكثر من 200 ناقلة نفط تحت سيطرتها. ولفتت جونغمان إلى أن هناك ما بين 20 الى 30 ناقلة نفط شديدة الضخامة بسعة 2 مليون برميل تقوم تنقل النفط الإيراني كل شهرين.

وكمثال على جهود تزوير الهوية مؤخرا، قال مدني ان الناقلة التي كانت تسمى سابقا "بابل"، وأصبح اسمها "موليكيول" أرسلت بيانات الارسال والاستقبال "AIS" في 10 أغسطس/آب لتشير بشكل مضلل إلى أنها ترسو في محطة نفط البصرة البحرية في العراق، الا ان صورة من الأقمار الصناعية لوكالة الفضاء الأوروبية، لمحطة نفط البصرة اظهرت ان ناقلة أخرى تدعى "ايفيسوس" هي التي ترسو في نفس المكان في ذلك التاريخ.

وفي نفس الوقت، كانت الناقلة "موليكيول" تحمل مشتقات نفطية في ميناء بندر ماهشهر الإيراني الذي يقع على بعد حوالي 100 كيلومتر إلى الشمال الشرقي.

وبحسب جونغمان فانه من خلال من خلال نظام التضليل الالكتروني هذا وسندات الشحن المزورة، يكون بمقدور الجهات الشاحنة للنفط من الموانئ الإيرانية، أن تدعي أن مصدره المباشر هو موانئ في العراق أو سلطنة عمان، وهو ما يعني ان بامكان ايران ان تشحن نفطها من دون الحاجة الى التعامل مع الجمارك العراقية أو مالكي ومشغلي الناقلات التي تحمل النفط العراقي.

واعتبرت جونغمان أن ما يفعله الإيرانيون هو أنهم "يتخلصون من كل هؤلاء الناس، واعتقد انهم يخفضون تكاليف إشراك العراق لكي يتمكنوا من تجميع الإيرادات بأنفسهم". 

وبعد الإشارة إلى العقوبات الأمريكية على النفط الايراني، نقل التقرير عن جونغمان قولها إن استهداف مالكي ومشغلي السفن ليس كافيا، حيث ان لدى الإيرانيين طريقتهم في الالتفاف على العقوبات، موضحة ان بامكانهم "إنشاء شركة جديدة ومواصلة النشاط"، مضيفة ان "استهداف ناقلات اضافية تنقل النفط الايراني سيكون وسيلة أفضل لردعها، من خلال جعل الأمر أكثر صعوبة على الموانئ للسماح لتلك السفن بأن ترسو وتفرغ النفط فيها".

ترجمة: وكالة شفق نيوز

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon