ما الذي يحدث لليرة التركية؟ تحليل يستقرئ "الدوامة المقبلة"

ما الذي يحدث لليرة التركية؟ تحليل يستقرئ "الدوامة المقبلة"
2022-01-03T17:48:32+00:00

شفق نيوز/ بدأ العام بشكل سيء بالنسبة لتركيا حيث بلغ التضخم في كانون الأول/ديسمبر بمعدل سنوي أعلى مستوياته منذ عام 2002 متجاوزًا 36%، وذلك نتيجة لسياسات الرئيس رجب طيب اردوغان باسم “الاستقلال الاقتصادي” لبلده.

لكن بعض المراقبين يرون أن تركيا تغرق في دوامة تضخمية حيث فقدت الليرة التركية ما يقارب 45% من قيمتها مقابل الدولار في عام، بحسب تقرير لفرانس برس.

على عكس النظريات الاقتصادية الكلاسيكية، يعتقد أردوغان أن معدلات الفائدة المرتفعة تعزز التضخم. حتى أنه استند مرارًا لتعاليم الإسلام التي تحرِّم الربا، لتبرير سياسته.

وفقًا لرغبة رئيس الدولة، خفض البنك المركزي – المستقل رسميًا – معدلات الفائدة بخمس نقاط في أربعة أشهر، ما تسبب في كل مرة في انخفاض جديد لليرة التركية.

وفي موازاة ذلك، أقال اردوغان ثلاثة حكام للبنك المركزي منذ تموز/يوليو 2019 واستبدل وزير المال ثلاث مرات منذ تموز/يوليو 2018 – آخرها في 2 كانون الأول/ديسمبر، وسط التخبط.

يقول اقتصاديون أتراك من مجموعة الأبحاث حول التضخم إن المعدل الحقيقي للتضخم وصل إلى 82,8% على أساس سنوي، وهو أعلى بكثير من الأرقام الرسمية.

بالنسبة للسكان، أصبح من الصعب تحمل ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية – ومنها الغذاء والطاقة على وجه الخصوص. فقد ارتفعت أسعار الغاز والكهرباء بنسبة 50% و 25% على التوالي في الأول من كانون الثاني/يناير. وزاد سعر زيت دوار الشمس بنسبة 86% والخبز 54% في عام.

قبل ثمانية عشر شهرًا من الاستحقاق الرئاسي المقبل، وصل التضخم الرسمي إلى سبعة أضعاف الهدف الذي حددته الحكومة في بداية العام.

وهذا التدهور الاقتصادي قد يضر أكثر بشعبية اردوغان التي تراجعت كثيرا أصلا، بعد أن بنى نجاحاته الانتخابية خلال العقدين الماضيين على وعوده بالازدهار.

يواصل الرئيس تطبيق سياساته نفسها رغم كل الصعاب: الإثنين أشاد مجددا بالأداء الجيد للاقتصاد التركي مع معدل نمو سنوي بنسبة 7,4% في الربع الثالث من عام 2021 – خصوصا بفضل الصادرات التي زادت بسبب الأسعار المنخفضة.

وقال “بفضل الإصلاحات التي حققناها، نجحنا في تحرير الاقتصاد التركي من قيوده والديموقراطية التركية من الوصاية”.

إذ يبدو أن الرئيس اردوغان يراهن على النمو بأي ثمن ويتجاهل المخاوف من حدوث أزمة نقدية، ويعول على الاستثمار والإنتاج والصادرات.

الفكرة هي جعل تركيا قوة تصدير عظمى بفضل أسعارها المنخفضة على غرار الصين، كما يقول بعض المراقبين. وأشاد الاثنين أيضا بزيادة الصادرات بنسبة 32,9% خلال عام في 2021 إلى 225,37 مليار دولار.

لكن الشهر الماضي وجهت اليه نقابة أصحاب العمل الرئيسية التي تمثل 85% من المصدرين، تحذيرا شديد اللهجة داعية إياه إلى تصحيح الأوضاع. واعتبرت أن “الخيارات السياسية التي تطبق لم تخلق صعوبات جديدة فحسب لعالم الأعمال ولكن أيضًا لمواطنينا”، داعية الرئيس “للعودة إلى المبادئ الاقتصادية المعمول بها في اقتصاد السوق”.

أمام الانهيار السريع للعملة، اتخذ اردوغان سلسلة من الإجراءات للجم هذا التوجه وتحسين شعبيته: حث الدولة على تعويض أي انخفاض في قيمة الودائع المصرفية بالعملة المحلية أمام الدولار، وبالتالي استخدام المال العام.

بحلول 30 كانون الأول/ديسمبر، انخفض صافي احتياطي الدولة من 12,2مليار دولار إلى 8,6 مليارات في أسبوع واحد. ويؤكد العديد من أعضاء المعارضة أن أموال البلاد ستنفد بسرعة.

وفي هذه الأوضاع الاقتصادية، رفع اردوغان الحد الأدنى للأجور الشهري في الأول من كانون الثاني/يناير بنسبة 50 في المئة، من 2825 ليرة إلى 4250 ليرة (نحو 310 دولارات)، وهو أمر يخشى اقتصاديون من أنه سيفاقم التضخم بشكل أكبر.

وكتب جيزيم أوزتوك ألتينساك كبير الاقتصاديين في نقابة أرباب العمل التركية على تويتر “أخشى من أن تتلاشى جميع الزيادات في الأجور خلال شهرين”.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon