لمن يبحث عن إجابة سؤال: ماذا وراء سحب الجنود الأمريكيين في العراق؟
شفق نيوز/ يثير قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب سحب آلاف الجنود من الشرق الاوسط، وتحديدا من العراق، تساؤلات المراقبين عما اذا كان القرار مرتبطا بالتفاصيل العراقية المعقدة، أم انه يحاول فقط تسجيل نقاط إضافية لصالحه في إطار تنافسه مع المرشح الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية التي دخلت مرحلة العد التنازلي.
وكان من اللافت أن قرار الإعلان عن سحب القوات من العراق صدر وكأن الغرض منه الترويج له، إذ صدر على مراحل خلال اليومين الماضيين، اذ سرب بداية عبر وسائل اعلامية، ثم تتابع مسؤولون سياسيون وعسكريون أمريكيون الاعلان عنه، وصولا الى الرئيس ترامب نفسه.
فبينما كان ترامب جالسا الى مكتبه، محاطا بكبار مساعديه ومستشاريه وقوفا، فيما العالم يتابع اعلانه عن اتفاق التطبيع بين اسرائيل والبحرين مساء الجمعة، ليقول إن منطقة الشرق الأوسط تتغير بسبب اتفاقات السلام هذه ما سيمكن واشنطن من سحب قواتها من هناك حيث لا حاجة لهم.
وقال الرئيس الاميركي ان "منطقة الشرق الأوسط كانت رمالا مليئة بالدماء ولكنها ستصبح أكثر رفاهية وسنتمكن من سحب جنودنا منها".
ولم تكن هذه المرة الاولى التي يتحدث فيها ترامب عن الشرق الاوسط على أنه مجرد رمال مليئة بالدماء والحروب. سبق ان استخدم تعابير مشابهة عندما قرر العام الماضي فجأة الإعلان عن نيته سحب الجنود الاميركيين من شرق سوريا ايضا. وقال في بداية العام 2019 "لقد قضي الأمر في سوريا منذ زمن طويل. وإضافة إلى ذلك نحن نتكلم عن رمل وموت. نحن لا نتكلم عن ثروات كبيرة... أنا لا أريد البقاء في سوريا إلى الأبد. إنها رمل وموت".
وفي مقابلة أجراها قبل أيام، مع "أكسيوس" قال "كان قرار إرسال قوات إلى منطقة الشرق الأوسط، وزجها في صراعات الشرق الأوسط، هو أعظم خطأ في تاريخ بلادنا. هذه وجهة نظري".
وأعلن مرارا خلال العامين الماضيين انه يريد إنهاء ما أسماه سياسة "الحروب التي لا نهاية لها". لكن ضجة كبيرة أثيرت داخل الولايات المتحدة خلال الأيام الماضية بعدما أثارت تقارير معلومات بانه تحدث باستهزاء عن الجنود الاميركيين "الاغبياء" الذي قتلوا في فيتنام وحروب اخرى، وهو ما عزز الشرخ القائم بينه وبين المؤسسة العسكرية، ويخشى مستشاروه ان يلحق به أذى شعبي كبير في الاسابيع الاخيرة قبل الانتخابات الاميركية.
ولهذا يظل السؤال قائما: هل ان ترامب اتخذ قرار سحب عدد كبير من قواته من العراق بسبب تعهداته القديمة بالخروج وضغوط التنافس الانتخابي، ام تلبية لمتطلبات الوقائع العراقية، والتي من بينها تأكيد التفاهم مع رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي عندما استقبله في البيت الأبيض في شهر أغسطس/ آب الماضي؟
وكالة شفق نيوز تحدث الى الخبير في الشأن السياسي والأمني العراقي فاضل أبو رغيف الذي قال إن "تخفيض القوات الاميركية في العراق في الوقت الحالي، بسبب عدة عوامل، وهذا أمر مخطط له مسبقاً، وضمن تلك العوامل الأحداث والارهاصات التي حدثت في مطلع هذا العام"، مشيرا ضمنيا بذلك الى اغتيال ابومهدي المهندس وقاسم سليماني وقرار البرلمان بعدها الطلب من الحكومة العمل على جدولة خروج قوات التحالف من البلاد.
وبين أبو رغيف، انه "من ضمن تلك العوامل، أيضا الضغط البرلماني والضغط المجتمعي، وتناقض الكتل السياسية فيما بينها والانتخابات الاميركية، خصوصا بايدن اكد انه في حال فوزه سوف يسحب القوات من العراق ويجعل تواجدها باقل من الف جندي فقط، وترامب يحاول ان يرد عليه بهكذا خطوات".
وأوضح أبو رغيف ان "تخفيض القوات الاميركية في العراق، جاء أيضا بسبب ترشيق القواعد الامريكية في البلاد، التي لم يبقَ منها غير واحدة في اقليم كوردستان وقاعدة عين الاسد، وهذا الامر يأتي مع روح الاتفاقيات التي ابرمتها قيادة العمليات المشتركة مع التحالف الدولي، وزيارة رئيس الوزراء العراقي الكاظمي، الاخيرة الى واشنطن، واتفاقه على هذا التخفيض مع الادارة الاميركية".
ومن جهته، قال المستشار السابق في التحالف الدولي كاظم الوائلي، في حديث مع شفق نيوز ان "قرار تخفيض القوات الاميركية في العراق، هو قرار سيادي أميركي داخلي، يرتبط بالوضع الاميركي، خصوصاً الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، والرئيس الحالي دونالد ترامب، خلال الفترة الحالية، يثبت لناخبيه انه رجل سلام، ولهذا عمل وساطة لغرض السلام بين اسرائيل والأمارات والبحرين، فهو يريد ان يبرهن لناخبيه انه رجل سلام ورجل اقتصاد وفر مليارات الدولارات، تصرف على القوات في العراق".
وبين الوائلي ان "تخفيض القوات الاميركية في العراق، قرار اميركي، وترامب لا يهتم الى العراق، ويعتبر ما يجري في العراق من حروب، هي وراثة من إدارتي (جورج) بوش و(باراك) أوباما، وهو يريد اظهار انه يخالف ما جرى من سياسيات قبل تسلمه الحكم".
وأضاف ان "الولايات المتحدة لا تهتم بالضغط في داخل العراق على مختلف الأصعدة... وواشنطن تتعامل مع العراق من خلال الحكومة العراقية، وليس مع المليشيات ومع مجلس نواب عراقي مهزوز، ويتخذ قرارات وفق العاطفة".
ورأى الوائلي ان "الولايات المتحدة لها استراتيجية خاصة، وادارة ترامب في الوقت الحاضر، تريد النأي بنفسها عن المشاكل في الشرق الأوسط، وتريد التركيز على الدول الغنية في الشرق، كدول الخليج لدعم الاقتصاد الأمريكي".