لماذا ينقسم بعض الشيعة العراقيين حول إيران؟ تقرير امريكي يجيب
شفق نيوز/ نشرت صحيفة “المونيتور” الأمريكية، تقريرًا بشأن الانقسام الشيعي في العراق، وكيفية تنظيم العلاقة مع إيران، وتطورات الخلاف فيما بينهما، منذ الغزو الأمريكي للعراق. واستهلت الصحيفة تقريرها قائلة “يشهد شيعة العراق خلافًا سياسيًا- دينيًا في موقفهم تجاه إيران، الذي يمكن أن ترجع تطوراته إلى العام 2003، ففي حين أن البعض يعبر عن الولاء الكامل للنظام السياسي الشيعي في طهران، إلا أن هناك آخرين يعترضون على سياساتها الإقليمية، بما في ذلك تجاه العراق، ويفضلون الابتعاد عن إيران وسياستها”. وقالت الصحيفة “أقامت وحدات الحشد الشعبي ذات الأغلبية الشيعية عرضًا عسكريًا في البصرة، ودمروا خلاله الأعلام الأمريكية والإسرائيلية وأحرقوا صورًا لخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وأثارت المسيرة النقد والغضب بين بعض الشيعة، لأن الولايات المتحدة لديها علاقات ودية مع العراق وتدعم قوات الأمن في حربهم ضد تنظيم داعش، وأيضًا لأنهم يعتبرون أن منافسة دولة في المنطقة، والعداء تجاه السعودية ليس في مصلحة العراق”. وفي سياق متصل، أظهرت مشاهد أخرى هذا الانقسام، مثل أحداث تظاهرات يوم القدس العالمي التي شهدت خلافًا بين الشيعة العراقيين، ما يعكس أساسًا النقاش حول ما إذا كان الشيعة العراقيون ينبغي أن يكونوا تابعين لإيران أم تسعى لتحقيق مصالح وأولويات مختلفة عن تلك التي لدى حكومة طهران. فلم تشهد مدينة النجف التي تعد مركزًا دينيًا لرجال الدين الشيعة في العراق، حضورًا ملحوظاً لرجال الدين في التظاهرات التي أقيمت من قبل تنظيم عصائب أهل الحق، والتي هي جزء من منظومة الحشد الشعبي. في المقابل، في مدينة قم المنافسة للنجف الدينية التي تتلقى تمويلًا من إيران، حضر عدد ملحوظ من رجال الدين الاحتجاج السنوي. وقال جهاد الأسدي، طالب ومدرس في الحوزة العلمية في النجف”الحوزة النجفية لاتتبنى مشروعًا سياسيًا، وبالتالي فهي لا تدعم أي أجندة سياسية خارج المصالح الوطنية العراقية”. وفي 2 تموز/ يوليو الجاري، أصدر محمد الغبان، وزير الداخلية العراقية المستقيل، أمرًا بإحالة عدد من الضباط والمنتسبين إلى شرطة البصرة إلى مجلس تحقيقي، وتطبيق العقوبات الواردة في قانون عقوبات قوى الأمن الداخلي، نظرًا لمشاركتهم في مظاهرة لإحياء يوم القدس العالمي ذات الطابع السياسي يوم الجمعة 1 يوليو من الشهر الجاري”. وفي 3 تموز/يوليو، عقب تفجيرات الكرادة، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 200 شخص، انتقد نشطاء شيعة الاهتمام والحماس تجاه يوم القدس وتجاهل حدث الكرادة الذي يعد الأعلى في عدد الضحايا منذ غزو العراق، ومن بين أولئك الذين تبنوا هذه النظرة، الكاتب والروائي العراقي من الناصرية خضير فليح الزيدي، الذي قال للصحيفة: “الذين احتفلوا بيوم القدس، لا يقيمون الحداد على أرواح الشهداء، فالمعادلة هنا بسيطة: الكرادة أم القدس”؟ وفي مقابلة مع صحيفة “المونيتور”، قالت نقاء التميمي، الطبيبة البيطرية التي أكملت دراستها في إيران: “لماذا لم يتضامن الإيرانيون مع مصائبنا مثل حادثة الكرادة، على الرغم من أنهم يشتركون معنا في المذهب ونحن نرحب بهم ترحيبًا حارًا في كل مناسبة دينية سنويًا؟ واستغلت بعض الفصائل الشيعية أجواء الكدر والرعب التي خلفتها مجزرة الكرادة، وقامت بقصف مخيم ليبرتي الذي يقطنه عدد من عناصر منظمة مجاهدي خلق وهي حركة المعارضة الإيرانية. وسقط عدد من القذائف على مخيم للنازحين العراقيين، أغلبهم من السنة، حتى لو عن طريق الصدفة، ما أدى إلى مقتل ثلاثة وجرح 11 شخصًا. وفي حوار مع الصحيفة الأمريكية، قال أحد رجال الدين البارزين في النجف والذي طلب عدم الكشف عن اسمه: “بعض القوى المسلحة الشيعية لا يهمها سوى الامتثال إلى الأوامر الإيرانية، فما هي مصلحة العراق في قصف مخيم ليبرتي الذي أدى إلى مقتل عراقيين أبرياء حتى ولو بالخطأ”؟ ويمكن أن نستخلص من وراء ذلك، أن رجال الدين والفصائل المسلحة الشيعية تشهد انقساماً على محور الولاء لإيران، حيث نشرت صحيفة العالم الجديد وثيقة رسمية تثبت أن نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس والذي يعرف بأنه الرجل العسكري الأقوى لإيران في العراق، أرسل رسالة لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يخبرها فيها بقطع رواتب الفصائل المسلحة الشيعية المستقلة عن إيران، وأمر العبادي فيما بعد بالتحقيق في موقف الرواتب. وتعد معظم تلك الفصائل من المرتبطة بالمرجعية الشيعية في النجف، السيد علي السيستاني أو العتبات المقدسة الشيعية التي تدار تحت إشراف السيستاني أيضاً، ومنها لواء أنصار المرجعية، وفرقة العباس القتالية، ولواء علي الأكبر، وفرقة الإمام علي، وقوة الكاظمين القتالية. وفي مقابلة مع الصحيفة، أكد سجاد الربيعي، وهو رجل دين يقاتل مع فرقة العباس، صحة قطع الرواتب عن الفصائل المذكورة. وتؤيد ذلك الرؤية الأمريكية السائدة عن قوات الحشد الشعبي بأنها تنقسم إلى قسمين: منها من تعقد الولاء لإيران، ومنها من توالي المرجع الشيعي السيد علي السيستاني. ويمكن القول إن المراقبين والتيار الموالي لإيران يحاول فرض هيمنته على الحشد الشعبي في شكل كامل وطرد التيار المنافس له، فبالإضافة إلى ما سبق من قطع رواتب الفصائل غير الموالية لإيران، التقى هادي العامري مع عدد آخر من قيادات الحشد الشعبي، رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. وقال العامري في الاجتماع: “قرار تشكيل الحشد كان قرار المالكي، وقد رعاه في بداية الأمر، وما زال يدافع عنه بقوة”. هذا في حين أن تشكيل قوات الحشد الشعبي جاء بدعوة من السيستاني في 13 تموز/يونيو، بعد سقوط الموصل في يد تنظيم “داعش”. ويتألف دور المالكي في إدارته لجلب وحدة إدارة المشروع في إطار نوع من الرقابة الحكومية، لتنسيق العمل مع الجيش الوطني العراقي. يذكر، أن تصريحات العامري أثارت استياء أوساط المؤسسة الدينية في النجف، كما انتقد رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، زعيم كتيبة سرايا السلام، أحد الفصائل الكبرى ضمن الحشد، تلك التصريحات بشدة وقال: “الحشد المزعوم الذي أسسه المالكي إن وجد لا يمثلني أو يمثل العراق”. وفي الوقت نفسه، نشرت وكالة فارس الإيرانية خبرًا وأرفقته بالصور بشأن استضافة المالكي قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني برفقة عدد من قيادات الحشد الشعبي على مأدبة الإفطار في 29 يونيو في بيته في المنطقة الخضراء في بغداد. واختتمت الصحيفة تقريرها قائلة: “في نهاية المطاف، على ما يبدو أن تشديد الانقسام الشيعي في العراق يدور حول كيفية تنظيم العلاقة مع إيران، من حيث المضي بالأجندات الإيرانية في شكل كامل أو التطلع إلى بناء علاقة متبادلة المصالح من منطلقات وطنية عراقية مع إيران”.