"لغم صدامي" يحوّل نزهة ربيعية في كركوك إلى أشلاء.. متى ينتهي ملف المخلفات الحربية؟
شفق نيوز/ لم يكن في خلد عزيز شحاذه عيسى من مواليد 1980، أنه سوف يفقد حياته ويصاب ابنه مصطفى جراء انفجار لغم أرضي من مخلفات "النظام السابق" في أطراف جبل بور بناحية ليلان جنوب شرقي كركوك.
اعد ابو مصطفى العدة مع عائلته لقضاء بعض الأوقات الربيعية في اطراف كركوك، ولمكونات المحافظة عادات بالخروج الى اقضية ونواحي المحافظة لقضاء بعض الأوقات مع العائلة ويقضون الساعات من الصباح قبل الغروب فيعودون الى منازلهم.
أبو مصطفى لم يكن يدري بأن القدر سيحول النزهة الى عزاء له، بل انه سوف يترك عائلته هذا المرة الى غير رجعة، بعد ان حزم الامتعة مع عائلته توجه الى اطراف ناحية ليلان جنوب شرقي كركوك، للنزهة، ولكن القدر كان ترصد له ليعلن عن ساعاته الاخيرة ويفارق أهله الى غير رجعة.
وتوفي أبو مصطفى بلغم أرضي كان مزروعاً في أطراف منطقة جبل بور النفطي في ناحية ليلان وهي منطقة مفتوحة وكان النظام السابق يزرع الألغام في الشريط الرابط بين كركوك ومحافظات اقليم كردستان.
حيث كانت الألغام تزرع كخطوط صد بين خط النظام السابق والمناطق التي كانت تحت سيطرة حكومة الاقليم التي كانت تسمى خط 36.
ولا زالت المتفجرات تمثل خطراً حقيقياً على اهالي كركوك، حيث يخرجون الى المناطق البرية المفتوحة إلى جانب الألغام التي زرعها نظام صدام ومعها العبوات الناسفة والمتفجرات التي خلفها تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام "داعش"، وتعتبر مصدر قلق للسكان المحليين في اطراف كركوك والاقضية والنواحي.
ويقول مصدر أمني في شرطة ليلان، لوكالة شفق نيوز، أن "حادثة اليوم أسفر عنها مقتل المدعو عزيز شحاذة عيسى من مواليد 1980 وإصابة ابنه البالغ من العمر 12 عاما بجروح متوسطة وهو يرقد الآن في مستشفى آزادي ويتلقى العلاج".
من جانبه؛ يؤكد المتحدث الرسمي باسم مديرية الدفاع المدني في كركوك الرائد قيس عبد الرزاق، لوكالة شفق نيوز، أن "المتفجرات لا زالت تهدد حياة المدنيين ومديرية الدفاع المدني وفي بداية الموسم الربيعي تحذر من الدخول في بعض المناطق المهمة لأن هناك مخلفات حربية ممكن ان تنفجر وتؤدي الى خسائر بشرية مثلما حدث في حادثة اليوم في منطقة جبل بور".
وتابع أن "على الأهالي الذي يخرجون في اطراف المدينة الابتعاد عن الأجسام الغريبة والمناطق المحرمة لسلامتهم من اية اضرار قد تحدث لهم وكون العراق فيه الكثير من المخلفات الحربية بسبب الحروب وأحداث داعش".
ويؤكد أن "مديرية الدفاع المدني أجرت مسوحات كاملة في عموم اقضية ونواحي كركوك وسجلت سلامة غالبية تلك المناطق ولكن هناك مواقع للجيش السابق أو مخلفات متروكة غير منفلقة وعند العبث فيها تنفجر وتؤدي الى خسائر بشرية".
في حين يقول الخبير في مجال معالجة المتفجرات والضابط السابق المتقاعد حامد علي، لوكالة شفق نيوز، إن "كركوك ولكونها قريبة على محافظات اقليم كردستان كانت هناك متفجرات في مواقع الجيش العراقي السابق الذي زرع ألغام في الشريط الحدودي بين كركوك ومدن الإقليم وكذلك احادث داعش تركت مخلفات حربية كثيرة تنفجر بين فترة واخرى في اطراف كركوك وخاصة عند الخروج الى النزهة في الربيع أو في عمليات الرعي".
وبين أن "السنوات الثلاثة الاخيرة سجلت تراجع في أعداد الإصابات في انفجار المخلفات الحربية في كركوك وخاصة بعد القضاء على داعش وكركوك سجلت بحدود 12 حادثة بسبب المخلفات الحربية وهو الرقم الادنى لو تم مقارنته في أيام داعش كانت كركوك تسجل سنويا بحدود 30 انفجار ويكون ضحيته مدنيين".
وتابع أن "داعش" زرع طول الحد الفاصل بين كركوك ومناطق سيطرته حيث كان يتعمد بزع العبوات لمنع خروج المدنيين من تلك المناطق صوب المناطق الخاضعة للحكومة الاتحادية كركوك مثلها مثل باقي المحافظات أخذت نصيبها من الألغام التي لم تكن ذات مستوى عال مثل باقي ميل المحافظات المحاذية للحدود العراقية الإيرانية مثل واسط وديالى والبصرة وميسان ومحافظات أخرى في إقليم كردستان العراق وغيرها من المدن التي زرع فيها الكثير من الألغام لاستهداف جيوش الطرفين ولكن البوصلة تحركت هذه المرة الى محافظات كركوك ونينوى وديالى والأنبار وصلاح الدين ".
وكشف تقريرٌ لمنظمة (هيومانتي آند انكلوشن) الدولية المعنية بتوفير السلامة للمتضررينَ في العالم، بأن هناك ثمانية ملايين وخمسَمئةِ ألف عراقي يعيشونَ وسط أماكنَ مميتة خطرة تضم مخلفاتٍ حربية متفجرة وعبوات ناسفة.
وقالت المنظمة الدولية في تقرير لها: إن كُلفَ إزالةِ الألغام من بعض المناطق خصوصا التي تحتوي أنقاضا مثل الموصل، تعادلُ ستة أضعاف كلفةِ إزالة الألغام من مناطقَ مستوية، مبينة ان هذا الامر يتطلب من العراق توفيرُ نحو مئةٍ وثمانينَ مليون دولار سنويا بضمنها خمسونَ مليون دولار للموصل فقط.