لا يخبرون أحداً.. عراقيون يتجرعون عنف زوجاتهم بـ"صمت" خوفاً من "العار"

لا يخبرون أحداً.. عراقيون يتجرعون عنف زوجاتهم بـ"صمت" خوفاً من "العار"
2024-06-12T20:51:29+00:00

شفق نيوز/ كشفت دراسة تحليلية أجرتها وزارة الداخلية العراقية بشأن العنف الأسري استمرت لمدة خمسة أعوام، عن تعرض رجال إلى التعنيف من قبل زوجاتهم، وإن كان ذلك بدرجة أقل من العنف المسلط على النساء.

ويرفض الكثير من الرجال في العراق الذين يتعرضون للتعنيف من قبل النساء الظهور في دور الضحايا حفاظاً على مكانتهم الاجتماعية، لذلك يفضلون أن "يعنفوا بصمت" عوضاً عن إبلاغ السلطات المعنية أو ذويهم كما تفعل المرأة، مثلما هو الحال مع حسن (40 عاماً) من محافظة بابل الذي طُرد من بيته بعد استغلال زوجته لمرضه وتحويل إملاكه إليها.

ويقول الرجل المعنف من قبل زوجته لوكالة شفق نيوز "تزوجت قبل 15 عاماً، ولدي 5 أطفال 3 أولاد وفتاتين، وكانت الحياة طبيعية دون مشاكل حتى أصبتُ بالسرطان، وبعد تفاقم مرضي الذي بدأ يهدد حياتي، طلبت زوجتي مني تسجيل منزلي باسمها خشية عدم الحصول على حصتها من الورث وكذلك الأمر مع سيارتي، ووافقت إشفاقاً عليها كونها يتيمة وليس لها أحد لمواجهة أخوتي بعد رحيلي".

ويضيف حسن "لكن بعدها بدأت ألاحظ اختلافاً في طريقة وأسلوب كلام زوجتي معي وكذلك في تعاملها، وتراجعت رعايتها لي، وأصبح هناك إهمال كبير في الصحة والنظافة والمأكل، لدرجة حرماني من زيارة أقربائي، وعند مجادلتها تهددني بالخلع والطلاق فأصمت، لكن تمادت بعدها إلى استخدام العنف الجسدي، ولرفضي ما تقوم به قامت بطردي من منزلي".

وكثيرة هي القصص التي تشابه قصة حسن وأكثر مع اختلاف أسبابها، وكما يقال لـ"البيوت أسرار لا يعلم بها إلا أصحابها"، لكن فعلاً هناك رجال ضحايا لعنف المرأة غير أنه لا توجد إحصائيات دقيقة لها، حيث إن الرجل لا يمكنه الإفصاح عن مثل تلك القضايا خوفاً من ردود أفعال المجتمع، بحكم أن الرجل الشرقي تكون لديه القوة والسيطرة، لذلك هناك رجال يعانون بصمت دون القدرة على البوح، ما يستدعي من الجهات المعنية توعية وتثقيف الأسر ومعالجة تلك الحالات، فالتأثير السلبي لا يطال الزوج فقط وإنما أفراد الأسرة كافة.

14 ألف دعوى عنف أُسري

وأعلنت وزارة الداخلية العراقية، اليوم الأربعاء، تسجيل قرابة 14 ألف دعوى عنف أُسري خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، معتبرة أن هذا الرقم "بسيط" مقارنة مع تعداد السكان في البلاد والذي يصل إلى نحو 44 مليون نسمة.

وقال المتحدث باسم الوزارة، العميد مقداد ميري، في مؤتمر صحفي، حضرته وكالة شفق نيوز، إنه "سجلنا خلال فترة الأول من شهر كانون الثاني/ يناير ولغاية الأول من شهر آيار/ مايو من العام 2024 أكثر من 13 ألفاً و857 دعوى عنف أسري"، مردفاً "هذه مجرد تسجيل دعاوى قسم منها صحيحة والقسم الآخر كيدي، والقسم الثالث كفالات، والأخير إجراءات".

وأوضح "أي أن قرابة 14 ألف دعوى مسجلة خلال 5 أشهر كان أعلاها العنف البدني"، مضيفاً "كان لدينا 3101 دعوى أُخلي سبيلهم بكفالة، وكذلك لدينا محكومين من الذين صدرت بحقهم أحكاماً قضائية وهي 100 حكم بعد إدانتهم بجرائم العنف الأسري، والمفرج عنهم 1196 شخصاً، وكذلك الصلح والتراضي 4400 قضية، وتحت الإجراء 1500 قضية، وعدد المراجعات 3550 مراجعة".

كما وصف المتحدث باسم الوزارة، هذا الرقم لعدد دعاوى العنف الأُسري بأنه "بسيط ومتواضع" إذا ما قيس بتعداد الشعب العراقي الذي يتراوح بين 43 - 44 مليون إنسان وفق إحصائية تقريبية، مستدركاً القول "لكن لأهمية الموضوع وحساسيته نكشف عن هذه الأرقام من باب الشفافية لتسليط الضوء عليها".

كما استعرض العميد ميري دراسة تحليلية أجرتها وزارة الداخلية بشأن العنف الأسري والتي استمرت لمدة خمسة أعوام من العام 2019 ولغاية العام 2023، وقد أفضت نتائجها ومن خلال الإحصائيات إلى زيادة العنف الأُسري داخل المجتمع، والناتج عن: تغيرات اقتصادية، وثقافية، واجتماعية، والانقطاع عن الدين، وتفشي البطالة.

ونوه ميري إلى أن "الانفتاح غير المتقن" على مواقع التواصل الاجتماعي شجع على زيادة العلاقات خارج منظومة الزواج مما أدى إلى ازدياد حالات الخيانة الزوجية، وتعاطي المخدرات بشكل لافت، وهذا الذي رفع من نسبة عدد الدعاوى المسجلة في العنف الأسري.

ومضى بالقول إنه "من خلال مقارنة الدراسة للعنف الأسري خلال الأعوام الخمسة المذكورة أعلاه لوحظ أن أعلى معدل جرائم العنف الأُسري سُجلت في بغداد بمعدل 31% من مجموع نسب الدراسة بحكم أن العاصمة هي الأعلى في عدد السكان من بين باقي المحافظات، وكان أقل المحافظات سجلتها الدراسة بالعنف الأسري هي صلاح الدين بنسبة 5%".

وبحسب الدراسة، فإن عدد الإناث اللواتي تعرضن للعنف الأُسري أعلى من الذكور، وكانت نسبة الاعتداء على الإناث 73%، فيما بلغت نسبة الذكور المتعرضين للعنف الأسري 27% ضمن احصائيات الدعاوى المسجلة.

وخلصت الدراسة إلى أن أكثر أنواع العنف شيوعاً هو العنف الجسدي، وقد بلغت نسبته 43%، بينما كانت أقل نسبة، هو الاعتداء الجنسي حيث بلغت النسبة 16%.

أسباب زيادة العنف ضد الرجل

بدوره، يرجع رئيس جمعية حماية وتطوير الأسرة العراقية، حقي كريم هادي، زيادة العنف ضد الرجال إلى "ضعف شخصية الرجل أمام قوة شخصية الزوجة أو عائلتها ما تجعل الرجل ضعيفاً أمامهم، أو عدم التكافؤ بين الرجل والمرأة في الجانب الاقتصادي أو الاجتماعي".

ويضيف هادي لوكالة شفق نيوز "كما رصدت منظمات المجتمع المدني التي تساهم في هذا المجال، حالات عنف ضد الرجل تعود إلى تعاطي المخدرات، والشعور بالخيانة، أو ربما تكون المرأة مصابة باضطرابات نفسية، أو نقص الأمن النفسي لدى الرجل، وغالباً ما يحصل التعنيف ضد الشباب الذين هم تحت سن الثلاثين عاماً".

قانون مناهضة العنف الأسري

يذكر أن الحكومة العراقية أقرت عام 2020، مشروع قانون مناهضة العنف الأسري داخل مجلس الوزراء، وأرسلته إلى مجلس النواب الذي لم يتمكن من إقراره وسط تجاذبات ومخاوف وعراقيل من قبل الكتل السياسية المتنفذة التي تنطلق من إيديولوجيات دينية، بحجة أن القانون تقليد لقوانين غربية، ويمنح المرأة حق الحصول على رعاية حكومية، وهو ما تراه تلك الأحزاب يشجع النساء على التمرد.

وتعليقاً على ذلك، يقول المحامي مثنى حويط، إنه "لا يمكن تحديد معنى التعنيف لعدم وجود قانون يعرفه، حيث إن مشروع قانون مناهضة العنف الأسري لم يقر لغاية الآن، لكن القواعد العامة في قانون العقوبات العراقي تضمن هذه المسألة".

وينوّه حويط خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "إظهار الرجل مظلوميته أمام المحاكم قد يكون على المستوى الاجتماعي عاراً، لذلك هناك الكثير ممن لا يستطيع طرق باب القضاء للاعتبارات الاجتماعية، لكن لا يمكن حصر علاقة الرجل بالمرأة بتشريع، بل يجب النظر إلى الأمور الأخلاقية التي تتدخل في صنع هذه العلاقة".

ويحمّل حويط في نهاية كلامه "بعض الحملات المدافعة عن حقوق المرأة مسؤولية ما يتعرض له الرجل، فهي تطرح نوعاً من أنواع التعنيف ضد الرجال بالمفهوم العام، لأن هناك آثار مترتبة عليها في الواقع تكبح الكثير من حقوق الرجل".

وكانت إحصائية رسمية صادرة عن وزارة الداخلية العراقية عام 2023 كشفت عن تنامي العنف الأُسري بأشكاله كافة في العراق، وقد وصلت إلى 100 حالة في العاصمة بغداد فقط.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon