كيف سيفكك العراق "قنبلة أشبال الخلافة"؟
شفق نيوز/ تساءلت مجلة "اتلانتيك كاونسيل" (المجلس الاطلسي) الامريكية عن مصير الاف الاطفال والفتية الذي جندهم تنظيم داعش في صفوفه ودربهم على الكراهية والاجرام والقتل، مشككة فيما اذا كان زجهم في السجون، يعالج مشكلتهم وخطرهم مستقبلا، والذي يجب ان يكون من خلال اعادة دمجهم في مجتمعاتهم وبدعم من الولايات المتحدة.
وذكرت المجلة بان تجنيد الاطفال جزء لا يتجزأ من عمليات داعش، وكان يفصل الاطفال عن عائلاتهم، وفي بعض الاحيان يعرضونهم للقتل الوحشي لوالديهم، ثم يهمس في اذان الاطفال بان اهاليهم لم يكونوا من المؤمنين.
واشارت الى انه تم خطف الاطفال واخضاعهم والتلاعب بهم مثل الماشية في مراكز التعليم والتدريب، وتحويل صدمتهم وضعفهم الى طاعة وغضب، وانه بدلا من الحلوى وزعوا عليهم حبوب الكبتاغون التي تستخدم لتهدئة الخوف وتشجيع اولئك الذين يتعاطونه، فارتدى الاطفال الاحزمة الناسفة وساروا الى الخطوط الامامية كدروع بشرية، واطلق عليهم داعش اسم "اشبال الخلافة" الذين هم جيش المستقبل.
واعتبرت المجلة ان التعرض المتكرر للعنف منذ سن مبكرة ساهم في تسهيل عملية تجنيد الاطفال في العراق، موضحة ان نشر دعاية داعش ادت الى تعزيز الاجراءات العنيفة كوسيلة للتعامل مع "الكفار" الاعداء، لدرجة ان اطفالا لم تتجاوز اعمارهم ثلاث سنوات ظهروا في مقاطع فيديو خلال قطع رؤوس واعدامات، واحيانا كانوا هم الجلادون.
وبعدما اشارت الى ان الاطفال المتلقين كانوا يواجهون القليل من المشاكل عقائديا مع ايديولوجيات داعش بسبب التلاعب الذي جرى بعقولهم الصغيرة، اوضحت المجلة ان السيطرة الواسعة لداعش ووجودها الشبيه بوجود الحكومة من خلال نظام المدارس ومراكز التدريب، اتاح لها تقسيم الاطفال الى مجموعات وإخضاعهم الى تعليم اسلامي هدفه التركيز على تلقينهم الافكار المتطرفة وتعريضهم بشكل مستمر للدعاية العنيفة.
وتابعت انه بعد عبورهم من خلال هذا النظام، المتمثل بالمؤسسات التربوية القائمة لداعش، تم اخضاعهم لتدريبات قتالية في مراكز متخصصة حيث تعلموا كيفية "استخدام الاسلحة الخفيفة والمتوسطة، واطلاق النار، وتفكيك الاسلحة واعادة تجميعها، والقيام بمداهمات باستخدام الذخيرة الحية، واداء مهمات اخرى، مثل اللوجستيات، والتجسس، والحراسة، ونقاط التفتيش".
المعاملة الحالية للجنود الاطفال في العراق
والان تقول المجلة الامريكية انه مع انهيار داعش واطلاق سراح "اشبالها"، يبحث العالم ما اذا كان هؤلاء ضحايا ام انهم جناة.
واذ اقرت المجلة بان بعض هؤلاء الاطفال ارتكبوا اعمال تعذيب وقتل شنيعة نيابة عن التنظيم، فانه يمكن ملاحقتهم قضائيا بموجب القانون الدولي مع مراعاة عناصر مثل العمر والتجنيد الاجباري.
لكن المجلة اعتبرت ان "الملاحقة القضائية ليست عدالة وليست وسيلة انصاف للاضرار التي لحقت بهؤلاء الاطفال"، موضحة ان "سجنهم لن يساعد في اعادة بناء المجتمع العراقي، وبدلا من ذلك ، فانه يزيد من وصم الجنود الاطفال السابقين، مما يعيق قبول عائلاتهم ومجتمعاتهم".
ونقلت المجلة عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" ان الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان احتجزت ووجهت الاتهام الى 1500 طفل بالارهاب بسبب الانتماء الى داعش، مضيفة ان غالبية الاتهامات الموجهة لهم "تستند الى اساس قانوني غامض واعترافات قسرية تم الحصول عليها عن طريق التعذيب".
وتابعت ان غالبية هؤلاء حكم عليهم بالسجن وحوكموا وهم اطفال، وان ذلك "يعتبر لا اخلاقي، ويأتي بنتائج عكسية"، موضحة انه خلال فترة سجنهم من المرجح ان يعاني الاطفال والمراهقون من الصدمة والارتباك والرفض الاجتماعي والتفكك الذاتي، وان السجون تسهل العودة الى الاجرام وتحد من اليات اعادة التاهيل.
واعتبرت ان من العدل تحقيق الشفاء لاشبال داعش، كما ان له فوائد اوسع للمجتمع العراقي وامن المنطقة، اذ استبعدت المجلة ان يتمكن هؤلاء الاطفال مستقبلا من الاحتفاظ بوظائف مستقرة وانشاء عائلات والمشاركة في الحياة المدنية، وانه من دون اعادة دمجهم بنجاح، فان التدريب والتلقين الذين تعرضوا له وشوه طفولتهم سوف ينتقل معهم الى مرحلة البلوغ، مما يجعلهم اكثر عرضة للنشاط المتطرف في المستقبل.
ولفتت المجلة في تقريرها الى ان "السماح لهؤلاء الفتيان والفتيات بان يتحولوا الى جيل ضائع، ليس من صالح استدامة جهود مكافحة الارهاب الدولية"، وان من مصلحة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي "التخفيف من هذه النتيجة وخلق عراق مستقر ومزدهر".
واكدت ان "البديل عن السجن هو اطار عمل لاعادة دمج الجنود الاطفال، واعادة تأهيلهم، وهو ما يتطلب تحديد الفرق بين الاطفال المستهدفين ووضعهم في مراكز الرعاية المؤقتة حتى يتم اطلاق سراحهم وتسليمهم بعدها الى عائلاتهم.
واشارت الى ان سياسة نزع السلاح والتسريح واعادة الدمج، برهنت على فعاليتها في كثير من انحاء العالم. ودعت الى اشراك علماء النفس في جميع عمليات اعادة الادماج القائمة، والى وضعهم برعاية الدولة في مرافق قادرة على توفير الدعم النفسي والتعليمي والجسدي الملائم. ودعت ايضا الى التعاون مع قادة الدين والمجتمع، وتثقيف العائلات والمجتمعات حول حالات هؤلاء الاطفال. كما يمكن للمعلمين والتاثيرات الاسلامية، اعادة تعريف الدين للاطفال المتأثرين عقائديا، لابعادهم عن التطرف نحو الاعتدال.
وأكدت ان "الادراك بان الاطفال عانوا بشدة على يد داعش هو الخطوة الاولى في توليد التعاطف، وهو اساس المصالحة المجتمعية".
واعتبرت انه في اعقاب العقوبات وثلاثة حروب واستمرار العنف، فان البنية التحتية العراقية وشبكات خدمات الاطفال، لا تزال ضعيفة في حين ان اعادة دمج الجنود الاطفال مشروع واسع وطويل الامد ويتطلب اكثر مما تستطيع المؤسسات العراقية ان تقدمه، في وقت يواصل المانحون تقليص دعمهم المالي لبرامج المجتمع المدني.
ولهذا، اعتبرت المجلة انه "يجب على دول مثل الولايات المتحدة ان تشجع وتقدم الدعم المالي والمادي للحكومة العراقية بشرط ان تبتعد عن سجن الجنود الاطفال وتركز بدلا من ذلك على برامج اعادة الادماج".
وختمت بالقول ان "اعادة دمج الجنود الاطفال عملية مكثفة وطويلة، ويتطلب التنفيذ الفعال جهودا متضافرة". وحذرت من ان "داعش ربت اشبالها ليكونوا قنابل جاهزة للتفجير في اي لحظة، ولا يمكننا ان نترك سنوات من وقتنا وتريليونات الدولارات لتدابير مكافحة الارهاب، تذهب هباء. اشفوا الاطفال، انزعوا فتيل القنبلة".