كوبا ما بعد "كاسترو": التحدي الأكبر فجوة الأجيال
شفق نيوز/ للمرة الاولى منذ 60 سنة، لم يعد "كاسترو" حاكما لكوبا، الجزيرة الشيوعية الواقعة تحت عقوبات أميركية هي الأطول في التاريخ المعاصر.
وأعلن الحزب الشيوعي في كوبا انتخاب رئيس البلاد ميغيل دياز كانيل، السكرتير الاول للحزب، المنصب الاعلى في كوبا، وذلك لخلافة راؤول كاسترو الذي تقاعد وهو في ال89 من العمر.
وحكم فيديل كاسترو وشقيقه راؤول منذ نجاح الثورة الكوبية ضد نظام الديكتاتور فولغينسيو باتيستا المدعوم من الاميركيين في العام 1959، بعدما قادا الى جانب مجموعة ثورية انتفاضة شعبية مسلحة.
لكن الحزب الشيوعي تأسس في العام 1965 وظل فيديل زعيما للحزب حتى وفاته في العام 2016، فيما انتخب شقيقه راؤول من بعده حتى اعلانه يوم الجمعة الماضي عزمه التنحي عن قيادة الحزب.
وهكذا، اصبحت كوبا للمرة الاولى بدون حكم "كاسترو". وتعرض فيديل لعشرات المحاولات لاغتياله او الاطاحة بنظامه بتدبير من الاستخبارات الاميركية كان ذروتها في ما عرف باسم "خليج الخنازير"، لكنه نجا منها، وتحول الى زعيم تاريخي، قاد كوبا برغم عقود العقوبات والحصار الاميركي.
وكاد شقيقه راؤول ينجح في اخراج بلاده من تحت العقوبات الاميركية، بعدما اتخذ الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما قرارات بتخفيف العقوبات بدرجة كبيرة قبل نهاية ولايته، واستؤنفت رحلات الطيران الجوية بين البلدين وسمح للسياح بزيارة الجزيرة الشيوعية وسمح ايضا بالتحويلات المالية، لكن ما ان تولى دونالد ترامب الرئاسة من بعده، حتى قام بالتراجع عن قرارات تخفيف العقوبات، واعاد فرضها وشددها.
وجاء وباء كورونا الذي شل الحياة الاقتصادية وعطل زيارات السياح ليفاقم من الازمة المعيشية، ولتعود طوابير المواطنين الذين ينتظرون الحصول على سلع غذائية اساسية، تظهر وتطول مجددا.
وبحسب العديد من المراقبين، فان المشكلة الاساسية التي تواجه كوبا، تزايد الفجوة بين جيلي الثورة والشرائح الاكثر شبابا، على الرغم من ان غالبية الكوبيين ما زالوا مؤيدين للنظام الشيوعي بسبب الظلم والفقر الشديدين اللذين لحقا بهم خلال حكم باتيستا، ثم بسبب السياسة العدائية التي انتهجتها الادارات الاميركية المتعاقبة ضد هافانا.
وبسبب ادراكه لهذه الفجوة، فان مؤتمر الحزب الذي يعقد كل خمسة أعوام، وشهد تنحي راؤول كاسترو، انعقد تحت شعار "وحدة واستمرارية"، وهذا بالضبط ما يراهن عليه الحزب من خلال منح الزعامة لرئيس البلاد ميغيل دياز كانيل الذي يصفه البعض بانه "تكنوقراطي"، لكنه مؤمن باستمرار مسيرة الحزب واعتناق الافكار الاشتراكية، وانما بادخال "اصلاحات" من شأنها تخفيف حدة النقمة الكامنة بين بعض ابناء الجيل الاصغر سنا في المجتمع.
وكان كانيل (61 سنة) ممن قادوا بعض التغييرات في سياسات الدولة الداخلية، وسمح بادخال خدمات الانترنت عبر الهواتف المحمولة منذ ثلاثة اعوام، في اطار محاولات تقليل تلك الفجوة بين الاجيال. وهو نفسه ينتمي الى الجيل القيادي الاصغر، ويسعى الى القيام بخطوات "انفتاح" تدريجي، مع التمسك بسياسة حكم الحزب الواحد.
وتأكيدا على ذلك، قال راؤول كاسترو في خطابه الوداعي "يسعدني أنه يتم تسليم قيادة البلاد إلى القادة المستعدين الذين يدافعون عن مبادئ الثورة والاشتراكية". يؤكد راؤول بذلك على نداء شقيقه فيديل الذي ظل يؤكد حتى مماته على شعار "الاشتراكية او الموت".
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الاميركية فانه بعد تنحي فيديل عن الرئاسة في العام 2008، قام راؤول باتباع سياسة لضم جيل أصغر من الكوبيين الى المناصب والمواقع الحكومية والادارية. وفي ختام مؤتمر الحزب، تم انتخاب 17 عضوا للمكتب السياسية، من الجيل الاصغر ليحلوا مكان من يصفهم الكوبيون بانهم "القيادات التاريخية" للثورة التي غيرت وجه كوبا.