كواليس ودلالات.. هل تكسر زيارة الشيباني الجمود بين دمشق وبغداد؟

كواليس ودلالات.. هل تكسر زيارة الشيباني الجمود بين دمشق وبغداد؟
2025-03-15 08:37

شفق نيوز/ بعد تأجيل الزيارة مرات عدة، وصل وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أخيراً إلى العاصمة العراقية بغداد في زيارة رسمية غير معلنة يوم أمس الجمعة، "لإزالة التوتر، والتعارف والتطمين بأن سوريا لن تكون مصدر تهديد للعراق"، وفق مراقبين.

وكان من المفترض أن تحصل زيارة الشيباني إلى بغداد في وقت سابق، إلا أنها لم تتحقق لأسباب لم تتضح بشكل رسمي، لكن المحلل السياسي، مجاشع التميمي، يرجعها إلى "التأثيرات الإقليمية والدولية الكبيرة على العراق، خاصة من المحورين الأمريكي والإيراني، مما أدى إلى انقسام واضح بين الحكومة العراقية ومواقف القوى السياسية الممثلة للمكونات العراقية".

تباين الخطاب العراقي

ويوضح التميمي لوكالة شفق نيوز، أن "الحكومة العراقية ترى أن ما حصل في سوريا هو شأن داخلي سوري، ولا يحق للعراق التدخل فيه، خلافاً للرغبة الشعبية في سوريا، لكن هناك قوى سياسية شيعية تعتبر ما جرى خسارة كبيرة للمحور الإيراني، ولذلك ترفض تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة".

في المقابل، فإن هناك، بحسب التميمي، "قوى سنية تتحدث بصراحة عن ضرورة دعم التغيير السياسي الذي حصل في سوريا، وهي مرتبطة بالمشروع التركي – القطري - الأمريكي، الذي كان يسعى لإسقاط نظام بشار الأسد".

ويتابع المحلل السياسي، "لذلك، نلاحظ أن الخطاب السياسي والحكومي في العراق متباين، على عكس بعض الدول الأخرى التي امتصّت صدمة ما حدث في سوريا واتجهت إلى معالجته عبر الواقعية السياسية".

ويحلل التميمي، أن "ما حصل في سوريا هو جزء من المشروع الأمريكي في المنطقة، ولا يمكن لأي دولة أن تقف في وجه هذا المشروع دون أن تواجه إجراءات وعقوبات".

ويكمل، "لذلك، لم تكن الحكومة العراقية في موقف معارض له، بل أوفدت مدير المخابرات إلى دمشق، كما استقبلت وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، الذي وصل إلى بغداد (أمس الجمعة) على متن طائرة عراقية أُرسلت خصيصاً لنقله، وهذا يشير بوضوح إلى أن الحكومة العراقية تدرك خطورة التصدي لهذا المشروع وتسعى للتعامل معه بحذر".

وعن أسباب جعل الزيارة سرية، بحسب ما أبلغ به مصدر في الحكومة السورية، وكالة شفق نيوز، فقد جاءت لتجنب "المخاطر الأمنية المحتملة على الوزير الشيباني"، يرى التميمي، أنها "جاءت نظراً لحساسية الزيارة والنظام السياسي الجديد والقوى السياسية الأكبر داخل العراق وهي قوى الإطار التنسيقي التي كانت تعارض التقارب مع سوريا، لذلك أجريت الزيارة بسرية حتى لا تكون هناك حملات إعلامية وسياسية مضادة".

ويضيف التميمي، "كما أن هناك إجراءات أمنية وقلق سوري أدى إلى تأجيل الزيارة أكثر من مرة بالنظر للواقع والأجواء الداخلية للعراق التي كانت تعارض وصول وزير الخارجية أسعد الشيباني لبغداد". 

وهذا ما يظهر جلياً في حديث مختار الموسوي النائب عن تحالف الفتح برئاسة هادي العامري، الذي أعلن رفض التقارب مع الإدارة السورية، معتبراً أن "الإدارة السورية الجديدة هي ليست حكومة لأنها متهمة بالطائفية وتنفذ أجندة خارجية وتسير بالاتجاه الخاطئ في قراراتها وخطواتها"، على حد قوله.

ويرى الموسوي الذي هو عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "الإدارة السورية مستوردة من الخارج، ولن تدوم لفترة طويلة، ولن نجلس معهم، حتى وإن حصل اتفاق بين البلدين".

ويأتي هذا الموقف في مقابل ما أعلن عنه وكيل وزارة الخارجية العراقية، هشام العلوي، لوكالة شفق نيوز، في وقت سابق، بأن الحكومة العراقية انفتحت على الإدارة الانتقالية في سوريا، وحضر ممثليها في اجتماعات باريس والرياض، مبيناً أن هناك ترتيباً لحضور اجتماع في بروكسل.

تعارف وتطمين 

لذلك تأتي زيارة الوزير الشيباني في ظل وجود توتر بين بغداد ودمشق بعد استلام الإدارة السورية الجديدة، وفق المحلل السياسي من سوريا، يمان شواف، مبيناً أن "هذا التوتر يرفع من أهمية الزيارة للتأكيد على أن دمشق لن تسمح باستخدام الأراضي السورية كنقطة تهديد للعراق، وبالوقت نفسه تطلب دمشق من بغداد أن يكون لها ذات المسؤولية المشتركة".

ويجدد شواف لوكالة شفق نيوز، تأكيده بأن "زيارة الشيباني تأتي في إطار التعارف والتطمين بأن سوريا لن تكون مصدر تهديد للعراق، والتأكيد على أهمية التنسيق لحماية الحدود وإزالة التوترات بين دمشق وبغداد ".

ويشير إلى أن "المخاوف من الإدارة السورية لم تكن مقصورة على العراق فقط، بل أن الكثير من الدول كانت تشارك بغداد بهذه المخاوف وخاصة من تحول الجولاني إلى الشرع، لكن عملت دمشق على إزالة مخاوف الدول وبالتالي شهدت دمشق جولات دبلوماسية مهمة أمريكية وأوروبية، وهذا يعكس الرغبة الدولية لدى المجتمع الدولي وأيضاً العربي على ضرورة العمل على الاستقرار في سوريا والاعتراف بالحكومة الحالية ومراقبة أفعالها".

وهذا ما يؤكد عليه أيضاً الباحث والكاتب السوري، بسام السليمان، بأن "من الضروري عودة العلاقات بين العراق وسوريا، خاصة في ظل وجود الكثير من القوى في البلدين تدفع بهذا الاتجاه، حيث إن بغداد عمق لدمشق والعكس صحيح".

ويضيف السليمان لوكالة شفق نيوز، أن "البلدين شقيقان بغض النظر عن الحالة السلبية التي خلقتها إيران والنظام السوري السابق في المنطقة، لذلك ينبغي عدم السماح لإيران وأدواتها بالتفريق بين الشعبين اللذين لديهما علاقات تعود إلى ما قبل الإسلام".

ويرى السليمان في ختام حديثه، أن "الملف الأمني هو المتصدر في زيارة الشيباني لبغداد، لتثبيت علاقات أمنية جيدة بين البلدين، ثم ستكون للزيارة دلالات سياسية وشعبية واجتماعية". 

كلمة الشيباني في بغداد

وأكد الشيباني، في مؤتمر صحفي عقده في بغداد مع نظيره العراقي، فؤاد حسين، أن الإدارة الجديدة برئاسة أحمد الشرع جادة في تعزيز روابط العلاقة مع العراق، مشدداً أن "سوريا والعراق يجب أن يقفا معاً لمنع أي تدخل في شؤونهما الداخلية".

وتابع الشيباني حديثه في المؤتمر الذي حضرته وكالة شفق نيوز: "ملتزمون بتسهيل حركة السلع والخدمات والاستثمار مع العراق، ونهدف من زيارتنا للعراق تعزيز التبادل التجاري وإزالة الحواجز بين البلدين"، مبيناً أن "الشراكة القوية مع العراق ستجعل دمشق أكثر مناعة في مواجهة التدخلات الخارجية".

إلى ذلك، قال وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، في المؤتمر، إن "التحديات التي يواجهها العراق وسوريا هي مشتركة وأولها داعش، وفي اجتماعنا اليوم تحدثنا بصورة تفصيلية عن تحركات داعش في الداخل السوري والعراقي، كما تحدثنا عن فكرة تشكيل غرفة عمليات لمواجهة تهديدات عمليات داعش الإرهابية".

وبين حسين، "نتمنى أن تكون هناك عملية سياسية تشمل جميع المكونات في سوريا، لأن إهمال أي طيف في المجتمع أحياناً يؤدي إلى الفوضى".

وأكد، أن "الاتفاق بين الرئيس السوري، أحمد الشرع، وقائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، اتفاق مهم، ونتمنى تطبيقه لتحقيق مصلحة سوريا وبناء علاقات متوازنة بين جميع المكونات".

وأشار حسين، إلى أن "غرفة العمليات التي أسست في عمان لمحاربة داعش سوف ترى النور قريباً، وطرحنا فكرة تأسيس مجلس تعاون بين العراق وسوريا، لبحث كل القضايا الأمنية والاقتصادية والسياسية والدبلوماسية".

مصدر مطلع على كواليس الزيارة 

إلى ذلك، كشف مصدر حكومي عراقي، أن زيارة الشيباني إلى بغداد تركزت على بحث التعاون الأمني بين البلدين، وسط مخاوف عراقية من تمدد الجماعات الإرهابية في البادية السورية.

وأوضح المصدر، لوكالة شفق نيوز، أن الزيارة أسهمت في تهدئة التوترات التي سبقتها، وأعادت بناء الثقة بين الجانبين، فضلاً عن تمهيد الطريق لتبادل الزيارات الرسمية والاعتراف بحكومة أحمد الشرع.

وأضاف أن العراق يسعى لمواءمة قراراته مع التوجهات الدولية تجاه سوريا، وقدّم مشورة للجانب السوري بشأن ضبط الأمن الداخلي، محذراً من أن النهج الطائفي قد يؤدي إلى حرب أهلية، كما شدد على ضرورة حماية الأقليات وتعزيز الأمن، خاصة في المناطق الساحلية.

وأشار المصدر إلى أن المناقشات تناولت آليات التعاون الأمني بين بغداد ودمشق، لاسيما فيما يتعلق بضبط المناطق الحدودية وتعزيز أمن العاصمة السورية، وسط مساعٍ عراقية للحد من انتشار التنظيمات الإرهابية في البادية السورية.

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon