قمح العراق يحتضر: تراجع الدعم وشح المياه وتقادم أنظمة الري استنزفت الزراعة
شفق نيوز/ يواجه العراق أزمة متعددة الجوانب، ففيما يواجه العالم بما فيها العراق، تداعيات حرب أوكرانيا التي تهدد امدادات المحاصيل الزراعية، يواجه المزارعون العراقيون شحا في مياه الأمطار وفي مياه الأنهار وتزايد التصحر، بينما كانت الدولة خففت دعمها للمزارعين، ثم قررت السماح لهم بري 50% فقط من أراضيهم الزراعية بسبب انخفاض منسوب المياه.
يعني ذلك، بحسب تقرير لوكالة "أسوشيتدبرس" الامريكية ترجمته وكالة شفق نيوز؛ أن محصول العراق من القمح آخذ في التراجع من أكثر من 6 مليون طن في العام 2020، الى نحو 2.5 مليون طن الان، وهو ما يدفع السلطات الى اللجوء للاستيراد لتغطية احتياجات العراقيين فيما أحوال المزارعين تتدهور.
والان، يقول المزارعون العراقيون، كالعراقي صلاح شلاب، انهم يدفعون ثمن القرار الحكومي بالسماح لهم بري 50% فقط من أراضيهم الزراعية. وحمل المزارع صلاح شتلة قمح وسحق القشرة التي تغلفها من أرضه الزراعية المترامية الأطراف في جنوب بغداد، ليتفقد بذورها، وبدت أخف بعدة جرامات مما كان يأمل، قائلا ان سبب ذلك هو "نقص المياه".
ونقل التقرير الأمريكي على المزارع صلاح قوله إنه كان قد زرع معظم ترضه البالغة 10 أفدنة (4 هكتارات)، إلا انه لم يتمكن من ري سوى ربعها، بعدما فرضت وزارة الزراعة تشددا في استهلاك حصص المياه خلال موسم الزراعة، مضيفا أنه يخشى الان من ان المحصول الذي كان يزرعه على ما تبقى من أرضه، "سيموت بدون الماء".
ولفت التقرير إلى أنه في حين تزايدت الأسعار العالمية للقمح بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، فإن المزارعين العراقيين يدفعون ثمن قرار الحكومة بخفض الري 50%، وهي خطوة اتخذتها في مواجهة النقص الحاد في المياه الناتج عن ارتفاع درجات الحرارة والجفاف وسحب المياه المتواصل من نهري دجلة والفرات من جانب تركيا وإيران وتحويل مجاري المياه والسدود التي اقامتاها، وهي عوامل تسببت في استنزاف شديد لجهود إنتاج القمح في العراق.
وتابع التقرير أن التصحر هو أحد العوامل المتسببة بموجة العواصف الرملية التي بلغت ما لا يقل عن 10 عواصف ضربت العراق في الشهور الماضية، وغطت المدن بغبار برتقالي وعطلت الرحلات الجوية وتسببت في ادخال الاف الاشخاص الى المستشفيات.
ونقل التقرير عن المسؤول في وزارة البيئة عيسى فياض قوله، "نحتاج إلى المياه من أجل حل مشكلة التصحر، الا اننا ايضا نحتاج الى المياه لتأمين إمدادات الغذائية، وليس لدينا ما يكفي لكليهما".
كما نقل التقرير عن وزير الموارد المائية العراقي مهدي رشيد قوله إن منسوب الأنهار انخفض بنسبة 60٪ مقارنة بالعام الماضي.
أما بالنسبة إلى المزارع صلاح فإن شح المياه يعني حبة قمح حجمها أصغر، ومحصول أقل، وهو بينما حصد في العام 2021، نحو 30 ألف طن من القمح، فإنه في العام الذي سبق حصد 32 ألف طن، لكنه هذا العام لا يتوقع أكثر 10 آلاف طن.
وبسبب ندرة مياه الأمطار، اضطر صلاح إلى الاعتماد على مياه نهر الفرات، لكن المسؤولين الحكوميين يقولون ان التغيير صار ضروريا، إذ أن النظام الزراعة والري الحالي غير فعال وغير مستدام، وأن ندرة مصادر المياه باتت تفرض تحديث تقنيات الزراعة القديمة التي تسببت بالكثير من الهدر.
وبحسب المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف فإن لدى الوزارة "خطة استراتيجية لمواجهة الجفاف نظرا لشح الأمطار والاحتباس الحراري وقلة الري من الدول المجاورة حيث لم نحصل على نصيبنا من استحقاقات المياه".
ومن بين ما فعلته الوزارة العراقية، القيام بإجراءات لابتكار أنواع جديدة من القمح المقاوم للجفاف وتطبيق طرق لزيادة غلة المحاصيل، حيث قال النايف أن العراق ما زال يعمل بأنظمة ري تعود الى الخمسينات، ولا علاقة لذلك بالمزارعين، وإنما يتحتم على الدولة ان تفعل هذه الانظمة وتفرض على المزارع القبول بها.
ولفت التقرير إلى أن المزارعين كانوا تاريخيا يعتمدون على الدولة بشكل كبير في إنتاج الغذاء، وهو ما يتسبب في استنزاف الاموال الحكومية حيث ان وزارة الزراعة تدعم المزارعين بتأمين معدات الحصاد والبذور والاسمدة والمبيدات باسعار مدعومة او مجانية، كما ان المياه المحولة من الانهار تمنح لهم دون أي تكلفة، ثم تقوم وزارة التجارة بعد ذلك، بشراء وتخزين المنتجات الزراعية وتوزيعها على الاسواق، الا ان وزارة الزراعة خفضت في العام الماضي الدعم الممنوح للاسمدة والبذور والمبيدات ما أثار غضب المزارعين.
وبعدما أشار التقرير إلى أن القمح يشكل محصولا استراتيجيا، ويمثل 70٪ من إجمالي إنتاج الحبوب في البلاد، وأن الطلب المحلي يتراوح ما بين 5-6 مليون طن سنويا، الا ان الانتاج المحلي يتراجع، ففي العام 2021، أنتج العراق 4.2 مليون طن من القمح، بعدما كان في العام 2020 ، نحو 6.2 مليون طن.
ونقل التقرير عن النايف قوله "قد نحصل الآن على 2.5 مليون طن في أحسن الأحوال"، وهو ما يعني أنه سيتحتم على العراق زيادة وارداته من القمح في وقت يقول النايف أنه لا يتوفر للعراق حاليا سوى 373 ألف طن من القمح داخل المستودعات التابعة لوزارة التجارة.
في الختام، يقول المزارع صلاح بالقول "نعم نحن نحتاج الى تطوير انفسنا، الا ان التغيير يجب أن يكون بشكل متدرج وليس فوريا".
ترجمة: وكالة شفق نيوز