قضاء النخيب: برميل بارود متدحرج صوب منعطف
شفق نيوز/ يعد قضاء النخيب المتنازع عليه بين محافظتيّ كربلاء والانبار، كقنبلة موقوتة إذا ما انفجرت لا تقف تداعياتها عند حد السياسة بل تمتد الى مساحات اخرى قد تتطلب جهوداً كبيرة لاحتوائها، وحساسية الوضع الحالي على المستويين السياسي والشعبي في غنى إشعال فتيل أزمة جديدة.
الا ان حساسية وضع النخيب لا تعني عدم تسليط الضوء على ما يجري هناك لنقل واقع الحال، وهو ما يرى البعض أنه ضروري لكبح أي تصرف أو محاولة تؤجج الوضع، فيما يؤكد مسؤولون محليون في المحافظتين على وضع الأمور في مسارها القانوني والسياق الإداري لتجنب أي احتكاك.
للأسبوع الثاني على التوالي تواصل فصائل مسلحة مختلفة عملية انتشار في قضاء النخيب جنوب غرب محافظة الانبار على الحدود مع السعودية، والمقابل لمحافظة كربلاء، ترافقها عمليات حفر خنادق ورفع سواتر ترابية داخل القضاء ضمن ما تقول الفصائل إنه يهدف لمنع تسلل "العناصر الإرهابية"، بحسب ما أفاد به مسؤول محلي بارز في ديوان محافظة الانبار لوكالة شفق نيوز.
تغيير الحدود الإدارية
غير أن مسؤولين في الانبار يؤكدون أن الإجراءات الجديدة لتلك الفصائل قضمت أجزاء كبيرة من القضاء وجعلته ضمن حدود محافظة كربلاء على غرار ما حصل مع سور بغداد الأمني الذي اقتطع مساحات غير قليلة من الأنبار وضمها إلى حدود بغداد ضمن قضاء أبو غريب.
ووفقا للمسؤول في ديوان محافظة الانبار، فإن الفصائل المسلحة أقدمت على انشاء سواتر وخنادق اعتبرتها حدود فاصلة لمحافظة كربلاء مع الانبار، وهو تلاعب متعمد للحدود الإدارية بين المحافظتين.
وأضاف أن "تلك الفصائل تتحرك بعيدا عن الدولة الاتحادية والجيش والقانون ورسمت حدودا جديدة عبر الحفارات والجرافات تحت غطاء منع تسلل الإرهاب رغم أن المنطقة آمنة ولم يسجل أي خرق امني فيها منذ سنوات".
وأردف بالقول "وصلتنا شكاوى من مواطنين في تلك المناطق حيال هذا الأمر وتمت مخاطبة جهات حكومية في بغداد بشأن التجاوزات الحاصلة ليس على الحدود الإدارية فحسب، بل بعملية قضم أراض إدارية والتلاعب بخارطة المنطقة"، واصفا تلك التحركات بأنها تحمل نوايا سياسية لا علاقة لها بالأمن ولا الحرب على الإرهاب.
شائعات وادعاءات
من جهته قال نائب محافظ الانبار للشؤون الفنية جاسم العسل، إن "ما يشاع حول ضم النخيب إلى كربلاء غير دقيق، كونه من ضمن الانبار، والأخبار التي تم تناولها حول قيام محافظة كربلاء بحفر عدد من الآبار في القضاء، هي أيضا عارية عن الصحة، كون دائرة ارواء صحراء الغربية هي من نفذت هذا المشروع، خدمة لسكان النخيب".
وأضاف العسل، خلال حديث له لوكالة "شفق نيوز"، أن "النخيب انبارية، وإدارة المحافظة وفريقها السياسي لن يسمحوا لأي جهة سواء كانت سياسية أو غيرها، بالتلاعب بحدود المحافظة".
القانون هو الفيصل
وبعد رفض العديد من المسؤولين في محافظة كربلاء الرد بهذا الشأن، ومنهم المحافظ نصيف الخطابي، ونائبه علي الميالي، إلا أن النائب الثاني لمحافظ كربلاء جاسم الفتلاوي، اكتفى بالرد قائلا، "اعتذر لا يمكنني التصريح بهذا الشأن في الوقت الحالي، كوننا لسنا بحاجة إلى مشاكل فوق المشاكل التي يعاني منها البلد".
واضاف "كل شيء وله وقته المناسب، إضافة إلى أن هذه القضايا إدارية، ومن كان يود حل مشاكله فعليه اتباع الطرق القانونية والدستورية".
واختتم الفتلاوي، قائلاً "من الصعب إثارة مثل هذه القضايا حاليا، بين الانبار وكربلاء، كون الظروف حساسة للغاية، وعلينا اتباع الطرق الدستورية والقانونية لحل مثل هذه المشاكل".
الأهمية الجغرافية
في السياق ذاته، قال الخبير بالشأن السياسي والأمني العراقي، غانم العابد، لشفق نيوز، إن "الفترة الأخيرة شهدت تحركات غير خافية لجهات مسلحة موالية لإيران في أكثر من محافظة عراقية تحمل نوايا خلق أزمات سياسية وأمنية وحتى طائفية".
وأضاف العابد في إتصال هاتفي من مدينة أربيل عاصمة إقليم كوردستان، "موقف الحكومة ضعيف جدا تجاه تحركات الفصائل المسلحة، سواء على مستوى مشاريع التغيير الديموغرافي وتهجير السكان أو الاستيلاء على المناطق وتغيير تركيبتها بطرق عدة، ولا نجدها قادرة على الاعتراض أو إيقافها عند حدها".
وبشأن التحرك الأخير لتلك الفصائل في النخيب، قال العابد إن "موقع النخيب إستراتيجي مهم إذ يقع على الحدود العراقية السعودية ومن الممكن مستقبلاً أن يصبح مثلثاً حدودياً مع الأردن وسوريا، وهذا ما جعله مقصداً لتلك الفصائل التي بطبيعة الحال لا تتحرك دون وجود توجيهات إيرانية، وكل هذه التحركات تجري ضمن مشاريع لم تعد خافية داخل العراق".
واعتبر أن "العراق بات بأكمله عرضة لمشاريع عدة يساعد ذلك ضعف دوائر القرار العراقية في العمل على حفظ وحدة البلاد وفرض هيبة وسيادة الدولة".