قصور صدام.. محطات مضطربة عبر "مقرات الحشد" و"القبر المجهول" (صور)

قصور صدام.. محطات مضطربة عبر "مقرات الحشد" و"القبر المجهول" (صور)
2024-08-31T12:10:33+00:00

شفق نيوز/ بمجرد أن تعبر بسيارتك أول نقطة تفتيش عند مدخل كركوك باتجاه العلم وتكريت، تظهر أمامك أطلال قصور الرئيس العراقي السابق صدام حسين، مشاهد الدمار والركام تملأ المكان. هذه القصور التي بُنيت بملايين الدولارات في وقت الحصار الاقتصادي كان فيه غالبية الشعب العراقي يعاني من صعوبة تأمين رغيف الخبز. 

ركام قصور صدام 

أكثر من 30 قصراً لا تزال قائمة رغم مرور أكثر من 20 عاماً على سقوط أحد أعنف أنظمة الحكم في العراق. على ضفاف نهر دجلة، يضم المجمع الرئاسي في تكريت هذه القصور، والتي تحولت معظمها إلى أطلال بفعل الحرب العراقية الأمريكية عام 2003 وما تلاها. خلال تلك الحرب، كان الطيران الأمريكي يقصف يومياً، مما أدى إلى تحويل جزء كبير من هذه القصور إلى أنقاض. أما القصور التي لم تطلها القنابل، فقد تعرضت للنهب والسرقة، أو ما يُعرف بـ"الفرهود"، عقب دخول القوات الأمريكية.

يقول حسين التكريتي، أحد العاملين في بناء القصور الرئاسية في تكريت، لوكالة شفق نيوز: "إن القصور التي لا تزال قائمة في وسط تكريت كانت تُخطط لتكون مواقع فريدة من نوعها من حيث التصميم ومواد البناء. كانت معظم المواد المستخدمة مستوردة من الدول الأوروبية، في وقت كان فيه المواطن العراقي يعيش ظروفاً صعبة للغاية."

يقول التكريتي إن "أعمال بناء هذه القصور بدأت في أواخر الثمانينيات واستمرت خلال التسعينيات، حيث اكتملت تقريباً بحلول عام 1994. كان العمل يجري فيها على مدار الساعة تحت إشراف ديوان الرئاسة".

وأوضح أنه أمضى أكثر من ثماني سنوات يعمل في هذه القصور الرئاسية، التي كانت تُعرف بقسميها الجنوبي والشمالي. كان يعمل في الموقع أكثر من 10 آلاف عامل من مختلف أنحاء العراق، وكان الحصول على فرصة للعمل فيها يتطلب وساطات واتصالات بجهاز الأمن الخاص. وأشار إلى أن المواد المستخدمة في البناء كانت من أفخر وأغلى الأنواع المستوردة.

وأكد التكريتي أن "صدام حسين كان يزور هذه المواقع كل بشكل منسق سنوياً وبخاصة أيام الخميس والجمعة. واليوم، تحولت هذه القصور إلى ركام وأطلال، رغم إنفاق مليارات الدولارات عليها".

صدام بين القصر والقبر

ليس بعيداً عن القصور الرئاسية، وعلى مسافة تقارب الكيلومتر الواحد، يقع قصر صغير يتوسط منطقة العوجة، وفيه قبة كبيرة كانت تُستخدم كمدفن للرئيس العراقي السابق صدام حسين. بعد أحداث سيطرة تنظيم داعش، تعرض القبر للقصف من قبل طيران التحالف الدولي. ووفقاً لشهود عيان، حاول تنظيم داعش وبعض الجماعات المجهولة نبش القبر واستخراج جثمان صدام حسين.

حسين البلداوي، أحد سكان تكريت الذين يقطنون بالقرب من مقبرة تُعرف بمقبرة داعش، يقول لوكالة شفق نيوز: "كان صدام حسين مدفوناً في هذه المقبرة، وعندما سيطر داعش على تكريت، تعرض قبره للقصف. حاول تنظيم داعش نبش القبر، لكن أقارب من عشيرته تدخلوا ونقلوا الرفات إلى مكان آخر خارج تكريت".

ويضيف البلداوي أن "قبر صدام حسين ظل لسنوات دون أن يمسه أحد، حيث دُفن في مسقط رأسه بالعوجة بمحافظة صلاح الدين بعد أن سلمت القوات الأمريكية جثته لثلاثة أفراد من المنطقة، كان من بينهم شيخ عشيرة البو ناصر، علي الندا، الذي ينتمي إليها صدام. أُغلقت مداخل البلدة حتى الانتهاء من الصلاة عليه ودفنه في قاعة المناسبات الكبرى، وهي نفس القاعة التي دُفن فيها نجلاه، عدي وقصي، وحفيده مصطفى، الذين قتلوا في الموصل عام 2003 على يد القوات الأمريكية بعد معركة استمرت حوالي خمس ساعات".

"مزار" سبايكر

في مبنى صغير يطل على نهر دجلة، كان جزءاً من القصور الرئاسية، تحوّل الآن إلى أحد مقرات الحشد الشعبي. هذا المكان أصبح ما يشبه المزار لكونه شاهداً على واحدة من أبشع الجرائم في التاريخ العراقي الحديث، حيث أُعدم فيه ما لا يقل عن 1700 مجند في يونيو/حزيران 2014، بعد اختطافهم من معسكر سبايكر القريب.

يقول الناشط سعدون الجبوري لوكالة شفق نيوز: "تحولت بعض قصور صدام إلى مواقع لتخليد ذكرى ما يُعرف بجريمة العصر، التي نفذها ارهابيو داعش بقتلهم 1700 شاب بدم بارد. ومن يمر بجانب هذا المكان يشعر بوجود أرواح الشباب التي لا تزال تحوم هناك، وكأنها دليل حي على هذه الجريمة البشعة التي ارتكبت بحق الشباب العراقي. لقد عاش هؤلاء الشباب في ظل غياب الأمن والأمان منذ تولي حزب البعث المنحل وقادته المجرمين مقاليد الحكم، ولم يعرفوا سوى الحروب والحصار".

وأضاف الجبوري: "هذه القصور تمثل شاهداً حياً على طغيان صدام حسين. في الوقت الذي كان فيه الشعب العراقي يعاني من الجوع والفقر، كان صدام يبني قصوره بأموال الشعب. ويمكن تحويل هذه القصور إلى مواقع تاريخية لتكون شاهدة على ما ارتكبه هذا الشخص من ظلم وجرائم بحق جميع مكونات الشعب العراقي".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon