في حرب أوروبا .. كل شيء يصلح أن يكون خبراً "حتى الحرف"
شفق نيوز / "أهلاً بك في المنظومة الإعلامية العالمية التقليدية والجديدة"، كل ما يمكن أن يكون حدثاً عابراً في وقت السلم يمكن أن "خبراً"، صالحاً للنشر في وقت الحرب الدائرة في شرق أوروبا بين روسيا وأوكرانيا، أما معايير الخبر مثل (الدقة والمصداقية والموضوعية والنزاهة) وغيرها فيمكن ان تأتي بمراتب اقل مقابل سرعة النشر وايدلوجية المؤسسة الإعلامية، وتتداخل فيها أيضاً معايير "التقييم الذاتي والتحيز الشخصي" فتضعك امام "أزمة تأريخ"، مثلما أفاد به مراسل إحدى القنوات الامريكية الذي قارن بين "حضارتي العراق وأوكرانيا"، قبل ان يعتذر عما ورد منه بعد موجة "سخرية لجهله" بالتاريخ.
الاستمالة العاطفية في الاخبار
اعتمدت الدول وسائل الاعلام كأحد أدوات الدبلوماسية والسياسة الخارجية، فهي أداة من أدوات قوة أو ضعف البلدان، بل ان الدول المتقدمة عمدت الى مخاطبة شعوب أخرى بلغاتها وعمدت الى إيصال رسالتها الى هذه الشعوب بتوقيتات ملائمة لها كي تكسبها الى جانبها، ومنها ما تقوم به قنوات إعلامية أمريكية واوربية موجهة الى بلدان العالم ومنها العربية.
وبالتالي رسخت هذه الوسائل مسميات عديدة لدى الشعوب في "استمالات عاطفية" مدروسة ومنها الترويج لمصطلح "حرب بوتين"، للتعبير عن الحرب الروسية في أوكرانيا، ومشاهد "الدمار والبكاء والالم" للعوائل الأوكرانية لزيادة تعميق الشعور بـ"ظلم" القوات الروسية في الحرب.
فيما واجهته وسائل الإعلام الروسية بان ما يجري "عملية عسكرية خاصة"، وحرصت على ان تخاطب المشاهدين على أن روسيا ليست "معتدية"، وبهذا تنقل هذه الوسائل ومنها منظومة الاعلام الجديد تفاصيل "ربما تكون بسيطة" لكنها قد تغير من مجرى الأمور إعلامياً، وتقدم وجهة نظر مختلفة لمن يطلع عليها.
وأبرز ما ركزت عليه وسائل الاعلام الغربية "بكاء" مترجم لرئيس الأوكراني للبرلمان الأوربي لطلب الانضمام للاتحاد، فالمترجم أصبح هو الحدث وكسب التعاطف العالمي أكثر من الرئيس الاوكراني نفسه، في وضع يعكس ما يجري في ساحة الحرب، وفق الرؤية الامريكية – الاوربية.
تفاصيل رمزية بسيطة تحسم الخبر
مسؤولون روس وقنوات إعلامية روسية كانوا يشكون مما أسموه "الظلم" الذي يعانيه سكان منطقة القرم التي تخضع حاليا لحماية روسية وان سكانها كانوا يعانون من "عنصرية" أوكرانية لم "ينتبه أو يحاسب" عليها الغرب .. وتبرز روسيا ما تسميه مصطلح "النازيون الجدد"، في إشارة للرئيس الاوكراني وحكومته، وبهذا أعلنت وسائل إعلام روسية عن دعوة موسكو لكل من (باكستان والصين والإمارات والسعودية وأذربيجان وأوزبكستان والهند وإثيوبيا) ودول أخرى لحضور "مؤتمر مناهضة الفاشية"، في شهر آب المقبل.
بالمقابل يركز الغرب على تفاصيل أخرى تصنع الخبر الصحفي ومنها "عمل السكان على ملء عبوات لعمل قنابل المولوتوف" لمواجهة "المعتدي الروسي"، في تفاصيل تثبت أن أوكرانيا "تتعرض للظلم" في مواجهة قوة نووية، ويبرز لقاء صحفي أجرته مؤسسة إعلامية أمريكية تفاصيل عن لقاء أجرته مع الرئيس الاوكراني الحالي وقالت "انه حاليا يرتدي زيا شبه عسكري وبمكان مليء بالاتربة"، وبينت ان " آخر مرة رأى فيها زيلينسكي اسرته قبل نشوب الحرب".
وبـ"غمزة" او "أشارة" اوربية بأن روسيا لازالت دولة شيوعية، وان أوربا تمثل "المسيحية" تواجه حرباً من "بوتين الشيوعي"، فقد أوردت احدى القنوات الأمريكية "قرع "لاجراس عند قبة برلين في الكنيسة التذكارية لمدة 7 دقائق، وكل دقيقة منها تمثل يوماً من الحرب الروسية في اوكرانيا، كما دقت أجراس كاتدرائية نوتردام في باريس دعما للسلام".
حرف الـZ الروسي
انتشرت العديد من الفرضيات بشأن انتشار حرف الـ(Z) على القطعات العسكرية الروسية ودباباتها لدى دخولها للأراضي الأوكرانية، خاصة انه لا يدخل ضمن الحروف الابجدية المستخدمة في اللغة الروسية، واحدى هذه الفرضيات ان "الحرف او العلامة" الروسية وضعت لغرض "تمييز" القطعات الروسية عن نظيراتها الأوكرانية ، خاصة ان روسيا لا تضع أعلاما فوق عرباتها وعجلاتها ودباباتها في الحرب الأوكرانية، فيما أوردت فرضية أخرى ان هذه العلامة تعني جهوزية الجيش الروسي للحرب، كما أن فرضية أخرى قالت ان العلامة او الحرف الروسي معناها ان الجيش لن يعود من أوكرانيا الا بالنصر.
حرف يعود بالذاكرة الى التاريخ وعلامة النصر المستخدمة لدينا، حينما أوردت مصادر رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل "ابتكر ايماءة علامة النصر الحالية" التي نرفعها، بعدما وجد ان حلفاء لندن يتفقون على ان حرف الـ(V) المأخوذ من كلمة (VICTORY) معناه النصر ولهذا لجأ الى حيلة رفع اول اصبعين ليشكلا الحرف الذي اصبح فيما بعد علامة النصربمعناها المعروف لدينا اليوم.