"عودة للدكتاتورية".. لائحة تنظيم المحتوى الرقمي تثير مخاوف العراقيين

"عودة للدكتاتورية".. لائحة تنظيم المحتوى الرقمي تثير مخاوف العراقيين
2023-02-15T16:42:54+00:00

شفق نيوز/ عبّر عدد من الناشطين والقانونيين والمراقبين للشأن العراقي، عن مخاوفهم من استخدام لائحة تنظيم المحتوى الرقمي التي تنوي هيئة الاعلام والاتصالات إقرارها، "لتجفيف اقلام" المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي و"لكبح الحريات وتكميم الأفواه"، فيما يتعلق بالتعاطي مع "الفشل الحكومي" والفساد المستشري في البلاد.

ويؤكد المتحدثون لوكالة شفق نيوز، أن هذه اللائحة تحمل في طياتها سلاحا ذو حدين، وفي فقراتها بنودا كثيرة "ملغومة" بشكل يقيد الحريات وخصوصا حرية التعبير، مشيرين إلى أن هذه القوانين والسياسات ظاهرها إيجابي لكن باطنها سلبي غايته إعادة البلاد إلى "الدكتاتورية"، مشددين على ضرورة اعادة النظر بهذه اللائحة من جديد.

سلاح ذو حدين

يرى الخبير القانوني، محمد العبيدي، ان "لائحة هيئة الاعلام والاتصالات في ظاهرها جيدة، لكونها تضبط ايقاع المجتمع من حيث النشر والعادات والتقاليد والالتزام بالذوق العام، لكن ما نخشاه هو استخدامها في تكميم الافواه فيما يتعلق بالحكومات والسلطات القضائية، وهذه اشكالية كبيرة".

ويضيف العبيدي لوكالة شفق نيوز، أن "بعض الانظمة السياسية ربما ترغب من خلال هذه اللائحة تحصين نفسها من الافواه التي تنتقدها، لذلك تأتي هذه اللائحة في غير توقيتها، بسبب غياب المعيار الذي ستبنى عليه هذه الخروقات، في وقت كان ينبغي على الجهات القضائية التعاطي مع فساد بعض الاحزاب والشخصيات لتزرع الثقة بين ابناء المجتمع".

بنود "ملغومة"

بدوره يؤكد مؤسس منظمة "تشرين" لحقوق الإنسان، علي الدهامات، ان "بنود  لائحة المحتوى الرقمي تحمل فقرات كثيرة ملغومة بشكل تقيد الحريات، وخصوصا حرية التعبير".

ويوضح خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "أهم هذه الفقرات هي نقد الدولة والسلطات والشخصيات، حيث سميت استهدافا، وكل كلمة استهداف فيها لغم خطير على حرية التعبير".

عودة للدكتاتورية

من جهته يقول الناشط المدني، عمر الطائي، ان "البلاد على شفا حفرة من الهاوية والانهيار، والقوى السياسية الحاكمة لا قدرة لها على معالجة الفشل، لذلك تلجأ إلى تكميم الافواه خصوصاً بعد الوعي السياسي للشباب بعد تظاهرات تشرين التي كادت ان تطيح بهم، لذلك يخشون من الشباب القادم الذي لا يملك الا رأيه الحر وادوات الديمقراطية لمعارضتهم".

واعلن الطائي في حديث لوكالة شفق نيوز، رفضه لـ"هذه السياسات والقوانين التي ظاهرها ايجابي وباطنها سلبي غايته اعادة البلاد للدكتاتورية، والتي تكون قابلة للتأويل حسب مزاج السلطة دون ضوابط، والتي هي في الاساس مخالفة للدستور العراقي".

ويتابع "طالبنا اكثر من مرة بتشريع قوانين تنظم ضوابط الرأي العام وغير ذلك، لكن بصياغة تخدم المجتمع دون جنبة سياسية، لكن للاسف يتم اهمال ذلك، وتجرى محاولات لتشريع هذه القوانين بطريقة تكمم الافواه وتقدس السلطة وتهمل المجتمع الذي يعاني من الفضاء الالكتروني السائب دون قوانين".

خطوة إيجابية

في المقابل يرى الخبير القانوني، علي التميمي، ان "لائحة تنظيم المحتوى الرقمي مستمدة من مواد في الدستور العراقي والاعلان العالمي لحقوق الانسان وميثاق العهد الدولي، وتتكون من 35 مادة، واستندت اللائحة الى قانون هيئة الاعلام والاتصالات 65 لسنة 2004 القسم الأول والخامس".

ويضيف التميمي لوكالة شفق نيوز، أن "اللائحة عملت على جمع مواد مبعثرة في قانون العقوبات وقوانين أخرى، وهي جيدة كبديل مؤقت عن قانون الجرائم الإلكترونية ومن هذه الجرائم (الابتزاز الالكتروني، والسب والقذف، وازدراء الاديان، والجرائم الأمنية، وغيرها)".

وتساعد هذه اللائحة، بحسب التميمي "في تشذيب وتهذيب ما ينشر فلا شيء سائب أو دون نظام وقواعد مع وجود الإنذارات والتنبيه الذي نصت عليه اللائحة في حالة المخالفة وضرورة إزالتها، لذا فهي خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح للسيطرة على الفوضى التي تعم وسائل التواصل الاجتماعي".

وأمس الثلاثاء، أصدرت هيئة الإعلام والاتصالات، لائحة تنظيم المحتوى الرقمي في العراق رقم 1 لسنة 2023.

وأثارت هذه اللائحة امتعاض العديد من المدونين والكتاب وصناع المحتوى والمختصين لكونه "يقيد من الحريات" فضلاً عن "اعتماد أسس غير علمية ومهنية في كتابتها" وفقاً لهم.

يذكر أن القضاء العراقي أصدر احكاماً بالحبس بحق عدد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، بتهم "المحتوى الهابط".

وفي وقت سابق اليوم، أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، عن قلقه إزاء الاعتقالات والأحكام بالسجن التي صدرت بحق عدد من صنّاع المحتوى العراقيين على مواقع التواصل الاجتماعي ضمن حملة مكافحة "المحتوى الهابط".

وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان اطلعت عليه وكالة شفق نيوز، إنه راجع المحتوى الذي يقدّمه بعض من صدرت بحقهم أحكاماً بالسجن ولم يجد ما يبرر إدانتهم في التهمة المنسوبة إليهم، وبدا أنّ المحتوى الذي كانا يقدمانه –على نحو منفصل- لا يتعدى حدود حقوقهما المحمية بموجب الدستور، لا سيما الحق في حرية الرأي والتعبير والنشر.

ويرى المرصد أن "تجريم هذه السلوكيات يستند إلى ألفاظ فضفاضة مثل الإخلال بالحياء والآداب العامة وإفساد الأخلاق، وهي مصطلحات عامة وقد يختلف تقديرها وتفسيرها على نحو كبير وفق اختلاف العوامل والظروف".

وعبّر المرصد الأورومتوسطي عن خشيته من أن تمتد هذه الحملة إلى تقييد الحريات العامة في البلاد، وتجريم انتقاد الأفراد للمسؤولين أو مؤسسات الدولة، وشرعنة محاكمة النشطاء السياسيين.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon