عندما رفع اوباما غصن الزيتون لخامنئي.. كتاب يروي خفايا التحول الامريكي
شفق نيوز/ تناول كتاب صدر قبل ايام في امريكا التحولات السياسية في تعامل واشنطن مع إيران، ما بين اعتبارها جزء من "محور الشر" في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش، إلى الاتفاق النووي خلال حكومة باراك أوباما.
وتناولت صحيفة "ايبوك تايمز" اليمينية الامريكية، الكتاب الصادر في اواخر العام 2022، للخبير وليد فارس، تحت عنوان "ايران: جمهورية امبريالية وسياسة الولايات المتحدة"، في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، كيف انتقلت واشنطن من انتقاد ايران بوصفها جزء من "محور الشر" في خطاب حال الاتحاد الذي ألقاه بوش عام 2002، الى إبرام صفقة نووية معها في العام 2015.
ووصفت الصحيفة الكتاب بأنه يلقي "نظرة ثاقبة" على ما جرى في بقية القصة حول هذا التحول الامريكي، متناولا كيف ولماذا رفعت ادارة باراك اوباما غصن زيتون للمرشد الاعلى الايراني اية الله خامنئي في حزيران/ يونيو عام 2009.
خذلان المعارضة الإيرانية
واشار التقرير الى انه في اطار ذلك تم التخلي عن المعارضة الايرانية التي تلقت الدعم من ادارة بوش، لصالح الخطاب الذي يروج له الاكاديميون الموالون للنظام ومراكز الفكر والشركات وجماعات اللوبي، وهو بمثابة تحالف يطلق عليه المؤلف في كتابه "اللوبي الايراني" الذي اظهر فعاليته بقوة خلال سنوات اوباما ومع تولي جو بايدن الرئاسة في العام 2021.
ويكتب فارس في كتابه ان "الشركات التي تصطاد صفقات كبيرة بملايين او مليارات الدولارات ستتحول الى جماعات اللوبي الطبيعية من اجل تمرير الاتفاقية في الولايات المتحدة وفي كافة انحاء العالم"، مضيفا ان "العديد من الكيانات المهتمة بالصفقة النووية، مثل شركات الاستشارات الاعلامية والتواصل وشركات الضغط والمؤسسات الاكاديمية، ستسعى من اجل الحصول على تمويل مقابل الترويج للاتفاق واضفاء الشرعية عليه".
وبحسب الكتاب، فإن الاكاديميين كان لهم ايضا تأثير قوي في الترويج لمعلومات مضللة حول النظام في واشنطن.
ولفت التقرير الى انه حين اصبح اوباما رئيسا في العام 2009، كان هناك اجماع بين الجمهوريين والديمقراطيين على ان ايران كانت قوة سلبية في الشرق الاوسط منذ الثورة في العام 1979.
جبهة مضللة
ويشير الكتاب الى ان النظام الايراني تبنى حملة دعائية تمثلت في انشاء جبهة مضللة من "الاعتدال"، تبدأ من الرئيس السابق محمد خاتمي، الذي وصفه فارس بأنه "ميخائيل غورباتشوف ايران".
كما لعبت ايران لعبة "الشرطي الجيد، والشرطي الشرير"، وكان خاتمي هو "الشرطي الجيد"، وهو ما شتت الانتباه عما كان يقوم به النظام الايراني في مواجهة التظاهرات التي جرت العام 1999 ضد حكمه، واستمرار دعمه لـ"الارهاب".
ويلفت الكتاب الى ان ادارة بيل كلينتون ادرجت منظمة "مجاهدي خلق" كمنظمة ارهابية وفق وزارة الخارجية الامريكية، وذلك كنتيجة لهذه الحملة الدعائية، الا ان الموقف الامريكي الرسمي ضد ايران لم يتبدل بشكل عام.
ويقول الكتاب ان النظام الايراني اعد استراتيجية قبل غزو العراق تستهدف اقامة امبراطورية شيعية تمتد غربا من حدوده عبر العراق وسوريا ولبنان وعبر سيطرة وكلائه، مضيفا ان قرار الولايات المتحدة بغزو العراق كان مصيريا لانه اتاح لايران تحقيق هذا الهدف بعيد المدى.
حلفاء إيران في العراق
ويتابع قائلا ان حلفاء ايران حلّوا مكان صدام حسين في بغداد، ووضع فيلق القدس التابع للحرس الثوري موطئ قدمه في العراق وقام بتدريب الميليشيات التي تسيطر عليها ايران.
واشار الى ان نظام الرئيس السوري بشار الاسد، احتفظ بروابط وثيقة بطهران، وان كلاهما وفر الدعم لحزب الله، الوكيل اللبناني لايران.
كما ذكّر الكتاب بالسيطرة على السفارة الامريكية في طهران في العام 1979، وازمة الرهائن التي استمرت 444 يوما، الى جانب تدمير مقرات قوات مشاة البحرية الاميركية (المارينز) في بيروت في العام 1983 من قبل ميليشيا حزب الله المدعومة من ايران، مشيرا الى انها ادت الى "قلق صناع السياسة" في واشنطن.
واضاف ايضا ان الامريكيين في العراق تعرضوا لهجمات بالعبوات الناسفة الايرانية بعد غزو العام 2003.
الثورة الخضراء
ويعتبر الكتاب ان الاجماع بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري حول خطر ايران الذي يتحتم مواجهته، قد انتهي بعد انتخاب اوباما، مشيرا في هذا السياق الى التجاهل الامريكي لـ"الثورة الخضراء" التي اندلعت في ايران عام 2009، حيث كانت الادارة الامريكية وقتها ترغب في الحصول على الاتفاق النووي بأي ثمن.
واشار الى ان هذه الاثمان تمثلت بإزعاج اسرائيل، والتوقف عن مطاردة حزب الله بصفته الارهابية وتهريب المخدرات، بالاضافة الى شيطنة اي شخص يجرؤ على معارضة الصفقة مع ايران، باعتبار انه "عدو للسلام".
وفي كتابه، يقول فارس ان "اللوبي الايراني" بدأ خلال سنوات ادارة بوش بالضغط من اجل نزع سلاح المسلحين المعارضين لنظام طهران، مضيفا ان ايران تمكنت من ابراز الانقسامات بين الفصائل المعارضة لها بحيث انهم لا يشكلون بديلا موثوقا، وهكذا فقد انقسموا بين ملكيين ومجاهدي خلق وقوميين وليبراليين وجماعات اخرى في المنفى.
الاتفاق النووي
ويتابع الكتاب بأن وسائل الاعلام الامريكية التابعة للحكومة، مثل قناة "الحرة" وراديو "سوا" وراديو "العراق الحر"، كان يتحتم عليها الان الامتناع عن انتقاد النظام الايراني، مشيرا على سبيل المثال الى ان مدير وكالة المخابرات المركزية في عهد اوباما، جون برينان تحدث عن "المعتدلين" في حزب الله المتميزين عما اسماه "النواة الارهابية".
وبعدما لفت الى جهود بذلها مسؤولون في ادارة اوباما، مثل بن رودس، ونيد برايس، من اجل الترويج لنقاط دعائية في وسائل الاعلام، قال الكتاب انه كنتيجة لذلك، فإن "ادارة اوباما اخرجت الملالي من البرد وانهت عزلتهم".
وكتب فارس ان "اللوبي الايراني" داخل امريكا، وعلاقاته بالنظام الايراني، اصبحت واضحة في فترة المحادثات النووية "5+!" التي جرت في جنيف، في حزيران/ يونيو العام 2015.
كما يعتبر ان النظام الايراني حقق "انتصاراً دعائياً كبيراً بعد صعود تنظيم داعش، حيث كلف نفسه وجيوشه كعلاج لداعش، الذي احتل مساحة بحجم بريطانيا في اوج قوته العام 2015.
وتابع مشيرا الى ان النظام الايراني ربح من خلال مد سيطرته على العراق وسوريا ولبنان الى جانب تلقيه تعهدات بالحصول على كل او جزء من الاموال الايرانية المجمدة حول العالم، بالاضافة الى حصوله الى التزام بشطب حزب الله من لائحة الارهاب الامريكية، بالاضافة الى حق ايران بالاحتفاظ بتكنولوجيتها النووية.
ويخلص التقرير باقتباسه من كتاب فارس بالاشارة الى ان الاتفاق النووي مهد الطريق امام التخلي الامريكي عن السعودية والامارات في حربهما ضد الحوثيين المدعومين من ايران، في اليمن.
ويتابع قائلا ان طهران استخدمت مبلغ الـ150 مليار دولار الذي تلقته من اجل تمويل عملياتها الارهابية في الشرق الاوسط ونشاطات التخريب في اماكن اخرى.
وختم التقرير بالاشارة الى ان الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب "قتل" الاتفاق مع ايران بعد ان اصبح رئيسا، مضيفا ان "اللوبي الايراني" الامريكي غضب بشكل خاص من الغارة التي قتلت قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، والتي جرت ادانتها لان سليماني كان "قائدا عسكريا بارزا وبطلا في ايران".