عمار الحكيم.. خروج من عباءة الارث نحو مغامرة انتخابية محفوفة
شفق نيوز/ يسير عمار الحكيم على خط رفيع ما بين مساري الإرث الديني الثقيل والمتوارث، وبين مسار تيار الحكمة، الحديث المنشأ نسبياً، الداعي إلى الاعتدال والوسطية، في لحظة استقطاب حادة، عراقيا وإقليميا، وهو ما لا يمكن التنبؤ بنتائجه في المعركة الانتخابية التي يعتزم التيار خوضها عبر 60 مرشحا في مختلف المحافظات.
وليس من الواضح ما إذا كانت الشعارات البراقة التي يطلقها تيار الحكمة هي التي ساهمت في تحقيقه نتيجة مقبولة في انتخابات العام 2018 حيث نال 19 مقعدا في أول مشاركة منفردة له كحزب بعد انبثاقه من تحب عباءة "المجلس الأعلى" في العام 2017.
أم ان ما يمثله السيد عمار الحكيم، بصفته حاملاً لإرث آل الحكيم التاريخي، هو الذي شكل بظرف استثنائي رافعة انتخابية له قبل 3 أعوام، وما إذا كانت الرافعة نفسها، ستتيح له البقاء في غابة المعركة الانتخابية العراقية المكتظة بالأحزاب والقوى والتحالفات الكبرى والصغرى.
فجده هو المرجع الشيعي البارز محسن الحكيم الذي كان حضوره الديني على مستوى العراق والعالم الاسلامي، كبير. اما والده فهو عبدالعزيز الحكيم الذي كان يرأس المجلس الاعلى الاسلامي الى ان توفي العام 2009، وقاد الحزب في المرحلة الصاخبة والضبابية فيما بعد الغزو الأمريكي. أما عمه فهو محمد باقر الحكيم الذي كان أول من أسس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق أثناء وجوده في ايران، وقاتل الى جانبها في الحرب العراقية-الايرانية، وذلك خلال مرحلة معارضته لنظام صدام حسين، إلى أن اغتيل بتفجير سيارة مفخخة في النجف العام 2003، بعيد سقوط صدام.
وبرغم هذه المسيرة المضطربة والدموية، وجد عمار الحكيم نفسه في العام 2017 يخط لنفسه مسيرة أكثر استقرارا ان صح التعبير، فينأى بذلك بنفسه عن ارث المجلس الاعلى، ويقدم نفسه بحلة جديدة تحالف "قوى الدولة العراقية" الساعي على ما يبدو للمراقبين، الى الصعود فوق خراب وأخطاء العمل السياسي والحزبي في العراق.
الحلة الجديدة تتطلب من عمار الحكيم، اعادة التموضع واضحة، وان كان أنصاره يقولون انه امتداد للماضي، وإنما برؤية مرتبطة بوقائع الحاضر العراقي والاقليمي. ولهذا، تجد في خطابات عمار الحكيم، الكثير من مصطلحات بناء الدولة، والانفتاح السياسي، والتقارب الديني والطائفي، والمصالحات الإقليمية، والرؤية العصرية.
بل انه يذهب أبعد من ذلك، ويراهن كما تقول مصادر تياره بعدم الاكتفاء بإيجاد موطئ قدم للتحالف في مشهد ما بعد العملية الانتخابية، وانما الذهاب نحو تحالفات جديدة مع كتل وقوى لها ثقلها في المشهد السياسي، للعب دور حاسم في تشكيل حكومة عراقية.
وتقول مصادر تيار الحكمة إن مواقف عمار الحكيم، ليست "تكتيكاً آنياً" فرضته السياسة، وإنما بمثابة تطور تدريجي لمواقف آل الحكيم.
مرشح رئاسة الحكومة
وتبرز مؤشرات إلى أن تيار الحكمة عبر "قوى الدولة العراقية" قد يكون من بين القوى التي قد تتكتل مع قوى أخرى بعد إعلان نتائج انتخابات 10 اكتوبر، من اجل الدفع نحو احتضان رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي سياسياً، وضمان عودته إلى رئاسة الوزراء. ويلاحظ المراقبون كيف ان عمار الحكيم في إطلالته الإعلامية وتصريحاته ومواقف تياره، كثيرا ما يقر بخصوصية العلاقة مع إيران، والتي لا تعني بالنسبة إليه ولتياره، التدخل في شؤون العراق الداخلية، وهو موقف يتلاقى فيه مع الكاظمي بوضوح.
وبرغم ذلك، فإن مصادر مطلعة قالت لوكالة شفق نيوز ان "استقطاب تيار الحكمة لائتلافات وتيارات لها امتداداتها في الشارع العراقي لاسيما تلك المنحدرة من ساحات التظاهرات، محاولة لدعم جهود ومساعي تسمية رئيس الحكومة القادمة".
وتابعت المصادر أن "تفاهمات تجري على قدم وساق بين الحكمة وكل القوى السياسية المشاركة في الانتخابات لمنحهم (تيار الحكمة) فرصة تسمية رئيس الحكومة بعيدا عن التدخلات الايرانية لتثبت للجميع أن لا صوت يعلو على مصلحة العراق وان كانت الاخيرة عادة ما تقدم المشورة".
واضافت "حتى الان هناك تطمينات من كل القوى بذلك شرط أن يحقق تيار الحكمة أعلى الأصوات والمقاعد من بين الكتل المنضوية في تحالف قوى الدولة الوطنية".
ويعتبر غالبية مرشحي تيار الحكمة ال 60 المنضوين في تحالف قوى الدولة الوطنية، من الكفاءات والتكنوقراط توزعوا أو انحدروا من جميع محافظات العراق بما فيها اقليم كوردستان، وهو تقليد اعتمده التيار منذ سنوات بحسب امتدادات قواعده الشعبية.
التيار يطرح مشروع القائمة الطولية
قال القيادي في تيار الحكمة رحيم العبودي لوكالة شفق نيوز ان "الانتخابات القادمة هي انتخابات مفترق طريق باعتبارها جاءت بعد مخاض عسير بين القوى السياسية والمطالب الشعبية (تظاهرات تشرين) حيث اختلفت الآليات كما اختلف الصراع، حيث نشهد اليوم سباقا ملحوظا بين القوى من اجل اقناع المواطن بمشاريع انتخابية مختلفة لاجتذاب الناخب وتحفيزه للمشاركة بانتخاب من يمثله".
واشار ان برامج تيار الحكمة "تركزت حول بناء قوة الدولة وانضاج العمل المؤسساتي والاحتكام للدستور والقانون فضلا عن تعديل المعادلة السياسية التي مازلنا نراها عرجاء".
ولفت الى ان "قائمته طرحت مشروع القائمة الطولية التي من الممكن أن تنضوي تحتها كل فسيفساء العملية السياسية بمن فيهم المستقلين من مختلف الأحزاب والتيارات التي تؤمن بفكر واستراتيجية وأهداف تيار الحكمة".
واعتبر العبودي ان "حظوظ تياره ستكون أكبر مما كانت عليه في انتخابات 2018 بالاعتماد على وعي جمهوره".
وحول التحالفات المستقبلية مع اطراف اخرى، قال العبودي إن "لديهم حوارات وتفاهمات مبدئية لكن كل ذلك رهن بنتائج الانتخابات".
وعن مرشحهم لرئاسة الحكومة، قال إنه "وفق النظام الداخلي للحكمة حددنا آلية ترشيح رئيس الوزراء ونصر على ان يكون اختياره عراقيا خالصا من دون السماح للتدخلات الخارجية بالتأثير في ذلك".
وحول الدور الايراني في ذلك، قال العبودي "إذا كان تدخلها من باب المشورة فلا بأس، لكن أن كان بفرض أسماء معينة لن نقبل ولن يمر".
وكان عمار الحكيم في خطاب له خلال إعلان تحالفه مع بعض الكتل لتشكيل تحالف قوى الدولة الوطنية، حدد خمسة شروط في اختيار رئيس الوزراء القادم من بينها أن يمتلك الشجاعة في اتخاذ القرار ومتابعة تنفيذه وأن يتميز بالوطنية الجامعة لكل الانتماءات، وأن تكون لديه الخبرة الإدارية والسياسية اللازمة لتحقيق الانجازات، وان تكون لديه خطة ناجعة وواقعية وفق سقوف زمنية واضحة ومحددة، واخيرا ان يكون قادرا على معالجة الأزمات بروح وطنية مسؤولة.
أما القيادي فهد الجبوري عن تيار الحكمة فقد قال في اتصال مع وكالة شفق نيوز، ان "تياره حدد شروطه في التحالف المستقبلي لرسم المشهد السياسي وفق معطيات صناديق الاقتراع وأهمها التضامن والعمل سوية لحصر السلاح بيد الدولة الى جانب الالتزام بتنفيذ البرنامج الانتخابي او البرنامج الحكومي".
ولفت الى ان "هناك تفاهمات سابقة لتيار الحكمة بانشاء التحالف العابر للمكونات، ومن الممكن ان يكون الزعيم الكوردي مسعود بارزاني ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي شركاء في هذا التحالف، والامر رهن بنتائج الانتخابات".
واضاف ان مرشحي التيار ال 60، موزعون على عموم محافظات البلاد بينهم قرابة 15 مرشحة عملا بكوتا النساء.