عقيدة عسكرية ايرانية جديدة.. من الاعتماد على "الوكلاء" الى "الردع المباشر"

عقيدة عسكرية ايرانية جديدة.. من الاعتماد على "الوكلاء" الى "الردع المباشر"
2022-06-14T20:09:14+00:00

شفق نيوز/ اعتبرت مجلة "ناشيونال انترست" الامريكية، ان ايران تقوم بتعزيز قدراتها الصاروخية والاسلحة التقليدية وذلك في ظل بدء تراجع قبضتها للامساك بوكلائها الاقليميين بما في ذلك في العراق نفسه، وتصاعد الهجمات التي تنفذها اسرائيل في الداخل الايراني.

واوضحت المجلة في تقرير لها نشرته باللغة الانكليزية، وترجمته وكالة شفق نيوز، أن العديد من المحللين يعتبرون ان نفوذ ايران على انحاء من الشرق الاوسط، والذي يطلق عليه "محور المقاومة"، قد تقلص منذ اغتيال قائدة قوة القدس في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني.

وفي هذا الاطار، استعاد التقرير امثلة قال انها تشمل اختيار رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي يمثل تعيينه فقدان طهران لنفوذها ودورها المباشر في تعيين رئيس للحكومة العراقية للمرة الاولى منذ 14 عاما.

واعتبر التقرير انه في ظل غياب سليماني، فأن الكاظمي الذي وصفته المجلة بانه "شخصية مدعومة من واشنطن ويعارض الوجود الايراني في العراق"، قد تمكن من السيطرة على المشهد السياسي.

وتابع التقرير ان هناك تطورين اخرين، الاول حدث في الانتخابات العراقية في العام 2021، عندما فاز مقتدى الصدر "المعارض لايران" ، بمقاعد في البرلمان اكثر من اي حزب سياسي اخر، وثانيا، ما وصفه التقرير بـ"خسارة" حزب الله، الحليف الوثيق لايران، في الانتخابات البرلمانية في مايو/ايار الماضي.

واعتبر التقرير، ان مثل هذه التطورات ربما تشير الى ان ايران "فشلت في ممارسة نفوذها القوي في البلدان الاخرى في غياب القوة الناعمة"، وانها كرد على العجز السياسي لمحور المقاومة وتضاؤل قوته، وتراجع ​​دور ايران في توجيه قواها في التطورات الداخلية والاقليمية، فانها بدأت في "مراجعة بنيتها الردعية".

واضاف التقرير ان اسرائيل هي عامل آخر في هذا التحول الايراني، اذ ان الاسرائيليين طرحوا في حزيران/يونيو العام 2020، اي بعد 5 شهور على اغتيال سليماني، استراتيجية جديدة للتعامل مع ايران ستظل ناشطة حتى العام 2024، وتركز اساسا على تصعيد عمليات الاغتيال والنشاطات العسكرية الصغيرة والمؤثرة داخل الاراضي الايرانية من دون اثارة ردة فعل ايرانية جادة، وهو ما "اضعف بدرجة كبيرة مصداقية الردع الايراني".

وتابع التقرير انه في ظل احتمال ان تخسر ايران قدرتها للسيطرة العسكرية والسياسية على "محور المقاومة"، ومع احتفاظ اسرائيل بقدرتها على توجيه ضربات استباقية، فان ايران قررت الجمع بين القوات العسكرية التقليدية الايرانية (آرتش) وبين الحرس الثوري الايراني، في امتلاك وتطوير البرامج الصاروخية والطائرات المسيرة.  

واوضح التقرير انه بعد اسبوع على اغتيال اسرائيل المزعوم للقيادي في الحرس الثوري حسن خدائي في طهران، وبعد اربعة ايام على وقوع غارة بطائرة مسيرة على مجمع بارشين العسكري في 25 مايو/ايار الماضي، قامت ايران بالكشف عن قاعدة سرية تحت الارض للطائرات المسيرة والتي تسمى "قاعدة ارتيش 313" وهو حدث لا سابق له، حيث عرضت القوات المسلحة الايرانية عددا من الطائرات المسيرة بما في ذلك "ابابيل-5" المجهزة بصواريخ مشابهة لصواريخ "هيلفاير" الامريكية، وطائرات "كامان-22" التي تقطع مسافة 2000 كيلومتر، بالاضافة الى طائرات "كرار" المزودة بصواريخ شفق من الجيل الجديد، وطائرات "فطرس" المجهزة بقنابل الليزر وصواريخ برؤوس حربية شديد الانفجار.

ولفت التقرير الى ان هذا العرض "يستهدف اظهار عزم القوات العسكرية الايرانية التقليدية (آرتش) على تنفيذ مهمات عسكرية جديدة ضد اسرائيل"، مضيفا ان من نتائج هذه الاستراتيجية الايرانية الجديدة هي زيادة عدد برامج ومنصات التعاون بين الحرس الثوري الايراني وبين القوات المسلحة التقليدية، مذكرا بمثال عندما نفذ الطرفان مناورات مشتركة في تشرين الاول/اكتوبر الماضي، مخصص للدفاع الجوي، بالاضافة الى مناورات "آرتش" في نيسان/ابريل الماضي، والتي كانت بمثابة "اعلان رسمي عن اعادة تموضع هذه المؤسسة العسكرية ضمن استراتيجيات الدفاع الايرانية والمنظومة العسكرية".

ونقل التقرير عن الخبير الايراني عبد الرسول "ديفسلار"، قوله ان ذلك العرض العسكري كان يعكس التغيير في ما باتت تمتلكه القوات المسلحة التقليدية من انظمة تسلح والتي تشير الى تفضيل  للصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة لتحل مكان ترسانة سلاح الجوي الايراني القديمة والمتراجع، حيث تم استعراض اكثر من 50 طائرة مسيرة، قتالة واستطلاعية وانتحارية، وانظمة الصواريخ المتنوعة ومراكز القيادة والسيطرة والحروب الالكترونية والمراقبة والاتصالات.

الا ان التقرير لفت الى ان القوات المسلحة التقليدية (آرتش) لا يزال امامها طريق طويل قبل ان تتحول الى قوة تتمتع بقدرات صاروخية مشابهة للقوة التي يتمتع بها الحرس الثوري.

ومع ذلك، اعتبر التقرير ان "ادخال الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة القتالية الانتحارية الى هذا الهيكل  العسكري يمثل تطورا حاسما ومثيرا للاهتمام"، موضحا ان التوجه الجديد للقوات المسلحة الايرانية التقليدية نحو الدرع الصاروخي والدخول الى مناطق كانت تعتبر تقليديا مناطق حصرية خاصة بالحرس الثوري من شأنه ان يؤثر بشكل كبير على مرونتها وكفاءتها القتالية في المستقبل.

وخلص التقرير الى القول ان السد التدريجي في فجوة التسلح بين الحرس الثوري والقوات المسلحة التقليدية، من شانه ان يعزز من قدرة السياسة الايرانية الجديدة على الردع المباشر في السيناريوهات المستقبلية للصراع والتي قد تحمل احتمالات تراجع نفوذ طهران الاقليمي وسيطرتها على القوى الوكيلة لها.

وبعدما لفت التقرير الى عدم قدرة ايران على الوصول الى اسواق الاسلحة الدولية وفرص النجاح المحدودة في المفاوضات النووية الحالية، اعتبر ان النقطة الاكثر اهمية فيما يتعلق بوصول قوات "آرتش" الى الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، تتمثل في انه في حال تم الدمج بين هذه القدرات الجديدة وقدرات الحرس الثوري، فستتوفر للقوات المسلحة الايرانية امكانية الوصول الى مجموعة كاملة من القدرات العسكرية للاسلحة، ما يعني انه سيكون بمقدور ايران تنفيذ هجمات انتقامية من عمق الاراضي الايرانية حتى لو ان اعتمادها على الشبكات والقوى الاقليمية الوكيلة، كان سيشهد تراجعا.

وفي حين اشار التقرير الى "تشاؤم" بين النخب العسكرية الايرانية ازاء ضربة اسرائيلية استباقية، وازاء مستقبل القوى الوكيلة في "محور المقاومة"، بما في ذلك في العراق ولبنان وسوريا،  رجح ان "تتحول ايران الى استراتيجية الردع المباشر"، وهو ما يعني انه يتحتم على ايران الاعتماد بشكل اكبر على قوتها الصاروخية الهائلة من داخل الاراضي الايرانية، بدلا من الاستمرار باستراتيجيتها الحالية للردع الموسع وغير المتكافئ الذي كان قد دفع الحرس الثوري الى تعزيز التسلح الصاروخي لـ"محور المقاومة" في جميع انحاء المنطقة.

 

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon