عقدان على احتلال بغداد.. كيف يتذكر العراقيون هذا اليوم؟
شفق نيوز/ في مثل هذا اليوم 9 نيسان/ أبريل من عام 2003، يستذكر العراقيون مشاهد دخول القوات الأميركية إلى قلب العاصمة بغداد واختراق رافعة اميركية ساحة الفردوس واسقاطها لتمثال الرئيس الراحل صدام حسين، في لحظة اعتبرها العالم إعلانا رسميا لسقوط النظام وبداية عراق جديد بعد نحو 3 أسابيع من القصف العنيف والمعارك غير المتكافئة.
فقبل 20 عاما بدأ تحالف عسكري دولي، بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا، غزو العراق في 20 آذار/ مارس 2003، وأطاح بنظام صدام حسين (1979-2003)؛ بزعم امتلاكه أسلحة دمار شامل ودعمه لتنظيمات إرهابية.
سر السقوط المفاجئ
تسبّب السقوط المفاجئ والسريع للعاصمة بغداد في أيدي القوات الأميركية صدمة للكثيرين الذين اعتقدوا أن معركة بغداد ستطول، إلا أن هذا التصور لم يحدث، بسبب تضافر عوامل عدة ساعدت على حصول هذا الانهيار.
ومن أبرز تلك العوامل "الضعف الكبير الذي كان يعاني منه الجيش العراقي بعد حرب عاصفة الصحراء عام 1991، وخاصة في المعدات والتجهيزات والاسلحة والاعتدة، بالإضافة إلى وجود أزمة في الاستراتيجية العسكرية، والحصار، لذلك كان العراق حينها في أوج ضعفه"، بحسب الخبير العسكري، اللواء ماجد القيسي.
ويضيف القيسي لوكالة شفق نيوز، ان "عملية الاحتلال كانت من قبل اميركا وبريطانيا وبمشاركة حوالي 29 دولة اخرى، وكانوا قد حشدوا بحدود 293 ألف جندي لاحتلال بغداد من الاتجاهات الاربعة عبر 4 إلى 5 فرق عسكرية، لذلك استطاعوا احتلالها خلال 19 يوما، إلا ان هذه المدة القصيرة كانت مفاجئة لهم".
ويتابع، أن "الخطة 1003 التي كانت معدة لاحتلال بغداد توقعت استغراق السيطرة على العاصمة العراقية من 90 إلى 120 يوما، إلا أن ضعف القوات المسلحة العراقية للاسباب اعلاه، بالإضافة إلى عدم وجود قوة جوية، ولا احتياطات كبيرة في مجال الدبابات، كما ساهمت الأساليب التقليدية التي تم اتباعها بعدم الأداء المتكافئ، وبالتالي سقطت بغداد".
ويوضح، أن "العوامل السياسية كان لها دور أيضا بحصول أخطاء كبيرة، حيث كان القرار العسكري والسياسي بيد شخص واحد، بالإضافة إلى الخلافات السياسية مع الدول الاقليمية والدولية".
يذكر أنه بعد سقوط بغداد بدأت عمليات سلب ونهب واسعة النطاق في العاصمة وبعض المدن الأخرى، وقد نقلت هذه العمليات للعالم كله عبر شاشات التلفاز؛ حيث قام الجيش الأميركي بحماية مباني وزارتي النفط والداخلية فقط، ومن ضمنها المخابرات، وبقيت المؤسسات الأخرى كالبنوك ومخازن الأسلحة والمنشآت والمستشفيات دون أية حماية.
ورغم أن العراقيين يعلقون على هذا اليوم ويستذكرونه، لكنهم ما زالوا غير متفقين عليه، هل هو احتلال أم تحرير، وعطّلت بعض المحافظات الدوام الرسمي في هذه المناسبة، على عكس محافظات استمرت بالدوام، وهو ما يشير إلى عدم اتفاقهم على هذه المناسبة.
نتائج عكسية للاحتلال
وفي هذا السياق يقول الخبير الامني، علاء النشوع، إن "بغداد احتلت ولم تسقط في الحسابات العسكرية والامنية والاعتبارية، لان بغداد تاريخيا هي عاصمة الدولة العربية الاسلامية منذ القرن الثاني الهجري وحتى القرن السابع، وهي عاصمة الدنيا وكعبة العلم والمعرفة التي قصدها كل علماء الأرض، لما لها من مكانة قدسية في العلوم والمعارف والرقي الحضاري العظيم".
ويضيف النشوع لوكالة شفق نيوز، "بغداد باقية والمحتلين يغادرون، حتى انها سميت بقاهرة الغزاة، ومذلة المعتدين، احتلها المغول والتتار و العثمانيين والفرس والبريطانيين والأمريكيين، فكانوا هم المغادرين وبغداد باقية".
ويتابع أن "اميركا وبريطانيا والحلف الدولي جاء بمغالطات كثيرة، منها كذبة اسلحة الدمار الشامل، وان العراق يهدد الامن والسلام الدوليين، ولكن في الحقيقة كانوا على خطأ في كثير من تلك الحسابات التي جاءت نتائجها عكسية في احتلال العراق، الذي بات مرتعا لاجهزة المخابرات الدولية، وملاذا لكل الجماعات المتطرفة في العالم، التي دمرت الأمن القومي للعراق والمنطقة بأسرها".
ماذا يحتاج العراق اليوم؟
يشير الكاتب والمحلل السياسي، علي البيدر، إلى "وجود تمييع في العراق لمفهوم الدولة لصالح الأحزاب السياسية والتيارات، ووصل المستوى إلى ان تكون المؤسسة حكرا على عائلة معينة او مسميات فئوية، ما أدى إلى تشتت الجهد الحكومي وعدم تنفيذ المنهاج الوزاري للحكومات السابقة".
ويؤكد البيدر لوكالة شفق نيوز، ان "العراق يحتاج إلى تغيير الكثير من المفاهيم المستجدة او حتى القديمة، وإلى بناء دولة حقيقية عبر تفعيل دور مؤسسات الدولة، والانظمة والتعليمات والقوانين والجوانب الدستورية، وان رئيس الوزراء الحالي لديه تطلعات قائمة على صناعة مفاهيم جديدة وإعادة ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها وجعله عامل نجاح وشريك في تجاوز الإخفاقات".
ويتابع، أن "هناك رغبة حتى على المستوى الإقليمي والدولي لانتشال العراق من واقعه وتحويله إلى واقع أفضل، حيث أن العالم اليوم يحتاج إلى العراق بشكل اكثر خصوصا بعد الازمة الاوكرانية الروسية، لذلك من الضروري تصفير الازمات الداخلية لتجاوز الازمات الخارجية وبناء دولة المؤسسات والمواطنة المطلقة".