عبارات غرامية ونفايات تجثم على مرقد النبي يونس (صور)
شفق نيوز/ عبارات غرامية وذكريات على الجدران وأكوام نفايات، هذا ما جناه جامع النبي يونس في الموصل، من وعود الإعمار التي حصل عليها طوال 5 سنوات مضت.
يعد مرقد النبي يونس أحد أهم المراقد الدينية ورمزاً مهماً للموصل والموصليين، وكان هذا الرمز الديني والتاريخي قد نال سيلاً من الوعود بإعماره ولكن لم يتغير شيئاً.
ويعود تاريخ بناء الجامع إلى القرن الرابع الهجري ومر بحقب عديدة ويقع على تل التوبة الأثري وقد أعيد إعماره وتوسعته أكثر من مرة وتعرض لأكبر نكسة في 2 تموز عام 2014 عندما قام تنظيم داعش بنسفه، وذلك ضمن الحملة التي شنها لتفجير الأضرحة والمراقد في المناطق التي يسيطر عليها.
البداية كانت مع رئيس ديوان الوقف السني الأسبق عبد لطيف الهميم، الذي وضع الحجر الأساس بعد تحرير الموصل، وترك الوقف الجامع على حاله وبعدها زاره العديد من السياسيين البارزين ووعدوا بالضغط لإعادة إعماره، والوضع بقي على حاله.
وحتى عام 2021 وعد وزير الصناعة والمعادن منهل الخباز بالمساهمة في إعماره من خلال إحدى الشركات التابعة للوزارة بالاتفاق مع رئيس ديوان الوقف السني السابق سعد كمبش، ولكن توقف العمل بعد يوم من بدئه.
معرقلات سياسية
وفي حديث خاص لوكالة شفق نيوز، كشف وزير الصناعة منهل الخباز، عن وجود "جهات وشخصيات منعت إعادة إعمار هذا الجامع والمضي في المبادرة التي طرحها"، مشيراً إلى أنه "يجهل سبب كل المعرقلات التي وضعوها لعدم اتمام هذه المبادرة واتهموه آنذاك بانها ترويج انتخابي لأنها جاءت قبل الانتخابات رغم انه لم يكن مرشحاً ولا نية لديه بذلك"، حسب قوله.
وحاول مراسل الوكالة، الحصول على تفاصيل أكثر عن الشخصيات التي عرقلت إعمار الجامع في المبادرة الأخيرة، لكن الخباز رفض ذكر أي تفاصيل أخرى واكتفى بالقول إن تلك الشخصيات "لم يرق لها إنجاز إعمار أهم المراقد الدينية وأسماؤهم لم تكن موجود ضمن المبادرين بإعماره".
كنز أثري
تحت اكوام النفايات هذه، هناك أعظم كنوز نينوى الأثرية، وهو قصر آشوري كامل اكتشف بعد تحرير المدينة وتبين أن هناك أنفاقاً حفرها تنظيم داعش ونبش هذا القصر بعد تفجير المرقد وعثر في داخله بعد قيام إحدى بعثات التنقيب الأجنبية بأعمال تنقيب في داخلها بالاتفاق مع هيئة الآثار على 5 ثيران مجنحة، وما تزال عملية التنقيب مستمرة حتى اليوم.
ويقول الخبير في مجال الآثار فيصل جبر، لوكالة شفق نيوز، إن "كل من يتحدث عن عملية إعمار الجامع لن يستطيع فعل شيء يوم ومن المستحيل إعماره في ظل وجود أعمال تنقيب وشبكات أنفاق كبيرة تحت التل وإن لم تنتهي عمليات التنقيب فلا يمكن بناء شيء فقد يعرض الانفاق للانهيار".
وما تزال البعثة تعمل حتى اليوم داخل الانفاق الموجود في التل والممتدة لمسافات طويلة، من دون كشف نتائج المرحلة الثانية، وحاول مراسل الوكالة، النزول إلى شبكة الانفاق لكن دائرة الآثار أوضحت له أن "هذا الأمر ممنوع ولن يسمح بتصويرها حتى تنتهي أعمال التنقيب وهذا الأمر بالاتفاق مع البعثة، بالإضافة إلى أن النزول في داخلها لغير المختصين أمر خطر نوعاً ما.
وما بين استمرار عمليات التنقيب وما بين وعود الإعمار ما يزال الجامع على حاله كومة من الأنقاض.
ذكريات ومواعيد
يقول أحمد عبود، وهو من سكنة المناطق الغربية لمحافظة نينوى، إنه يشعر بالأسى كلما زار الجامع ويتحسر على حاله برؤية العبارات التي يكتبها المراهقون على الجدران وبعض المواعيد الغرامية لهم على المشارف المحيطة بالتل.
واعتبر أن "هذا الأمر لا يليق بالجامع وقيمته الدينية والتاريخية ووجود الأوساخ، أمر معيب بحق الحكومة المحلية وبحق المدينة وبحق هذا المكان المهم".
أمر معقد
في المقابل، قال الشيخ محمد الشماع، الذي كان مسؤولًا عن الجامع على مدار 25 عاماً ومديراً أسبق للأوقاف في نينوى، إن "الجميع يعلم اهمية الجامع من الناحية الدينية والتاريخية والاجتماعية وحتى السياحية، وهذا الجامع صفحة من صفحات تاريخ الموصل ومن ينظر الى التل الأثري يعود بالذاكرة إلى تاريخ الجامع والمراحل التي عاصرها".
أما ما جرى من تفجير الجامع، فقد كان جريمة وجرى ما جرى، لكن أن تمر 5 أعوام على تحرير الموصل، ويبقي الجامع على هذا الحال البائس فهو يشير إلى المدى السياسي الحضيض، الذي تمر به الحكومة، وفقاً للشماع الذي تحدث للوكالة.
وأضاف أن "هذا الاهمال هو عار في جبين الانجازات الوهمية التي تتباهى بها الحكومتين المركزية والمحلية، وأن إعمار الجامع كان من المهم جداً أن يكون بعد التحرير لأنه إعمار نفسي ومعنوي، والموصليون يشعرون بأن عودة الجامع هو عودة أنفسهم إليهم كما هو الحال في الجامع النوري الكبير ومئذنة الحدباء".
وأشار الشماع، إلى أن "ما تعرض له هذا الزمر كان جريمة ارتكبها الإرهاب وما تعرض له من اهمال ومتاجرة باسمه يعتبر جريمة أيضاً بحقه وبحق سكان هذه المدينة الذين لم يعد لديهم حتى القدرة على المطالبة بأبسط حقوقهم".