عائلات المغيبين في العراق.. أطفال مُعدمون ونساء يكافحن لكسب لقمة العيش
شفق نيوز/ على الرغم من إقرار مجلس النواب العراقي، خلال الدورة الماضية، قرار ينص على احتساب المغيبين "شهداء"، ويتم بذلك تخصيص امتيازات ومرتب شهري لذويهم، ذات المخصصة لذوي الشهداء، إلا أن ذلك القرار لم يطبق على أرض الواقع حتى اللحظة، وهو ما أكده مسؤولون وباحثون اجتماعيون في محافظة الأنبار والتي يبلغ عدد المغيبين من أبنائها، قرابة ثلاثة آلاف مغيب، غالبيتهم غيبوا أثناء عمليات تحرير المحافظة من تنظيم داعش، على يد فصائل مسلحة موالية لإيران.
ويعيش ذوو المغيبون في الأنبار، أوضاعاً معيشية صعبة، دفعت بالكثير من النساء والأطفال، إلى العمل لتوفير لقمة العيش، في ظل غياب تام للدعم الحكومة لهم.
أطفال مُعدمون
مدير ناحية الصقلاوية التابعة لقضاء الفلوجة، سعد غازي، أشار خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "أعداد أبناء المغيبين في الصقلاوية وحدها بلغ 745 طفلاً، حيث أن عدد الذين غيبوا خلال العمليات العسكرية التي شهدتها المحافظة لتحريرها من داعش، بلغ قرابة ثلاثة آلاف مغيب".
وذكر غازي، أن "ذوي المغيبين في الصقلاوية يعيشون حالة مزرية، حيث أنهم يعتاشوا على مساعدات من بعض المنظمات الخيرية، وأما الحكومة فأدارت ظهرها لهم، ولم يبق باب إلا وطرق في سبيل إعانتهم، لكن دون جدوى"، مشيراً إلى أن "183 شخصاً فقط من ذوي المغيبين، تمكنوا من توفير عقود لهم في وزارة الكهرباء، وأما البقية عاطلين عن العمل".
ووصف الواقع المأساوي لعائلات المغيبين، بالقول: "عند دخولنا لأي مدرسة فإننا نتعرف على أولاد المغيبين من وجوههم وملابسهم المهترئة"، مردفاً بالقول: "غالبية نساء المغيبين اضطروا إلى العمل في مهن الزراعة والطبخ والخبز وغيرها، في سبيل تأمين شيء يقتاتون عليه، وليس لهن وسيلة تأمن حياتهن وحياة أطفالهن سوى هذه".
وأكد غازي، عدم اتخاذ أي إجراء رسمي بخصوص القانون الذي شرعه مجلس النواب في الدورة السابقة حول احتساب المغيبين ضمن الشهداء والجرحى، وتخصيص رواتب لذويهم، مطالباً الحكومة بـ"حسم هذا الملف، بشكل جدي".
وبين أن "مؤسسة الشهداء والجرحى تعمل على تيسير معاملات المزورين، أما الأصوليين فيقوموا بتمشيتها ضمن الإجراءات القانونية الصحيحة، وهذا ما يعيق إنجاز الملف".
عجز الميزانية
وعن أسباب عدم العمل على تطبيق قرار احتساب المغيبين (شهداء) الذي المقر من مجلس النواب خلال دورته الماضية، أكدت النائبة السابقة في البرلمان، نهلة الراوي، بأن "لم يتم إنجاز أي من معاملات ذوي الغيبين منذ إقرار هذا القانون، ولغاية الآن، كما لم يتم تسليم أي منهم استحقاقه المالي، والسبب هو عجز ميزانية الدولة".
واستبعدت الراوي، وهي نائبة سابقة عن محافظة الأنبار، خلال حديثها لوكالة شفق نيوز"، أن يكون هناك سبب آخر وراء عدم تفعيل هذا القرار، سوى عجز الميزانية، مردفة بالقول "غيبتهم داعش والميليشيات، وعدد كبير منهم كانوا موظفين حكوميين ومعروفة هويتهم، أي لا يمكن القول إنهم غير معروفين حتى لا يتم صرف مستحقاتهم".
وأضافت الراوي، أن "ليس غريباً عدم تفعيل هذا القانون، فهناك الكثير من الشهداء أنفسهم، لم يتم صرف مستحقاتهم، حيث هناك من هو شهيد منذ (2006 ، 2007) ولم يتم صرف مستحقاتهم لغاية اليوم".
وتابعت: "هناك شهداء خصصت لهم مبالغ الفروقات، ولم يتمكنوا من استحصال المبالغ، إلا لمن لديه (واسطة)، أو من يتم الاتفاق معه على أخذ نصف المبلغ ليتم صرف النصف الآخر له، ويتم الاتفاق مع ذوي الشهيد على ذلك مقدماً".
وناشدت الراوي، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بالاهتمام بهذا الملف، كون ذوي المغيبين "يعيشوا بحالة يرثى لها، ولا يمكن تصور إلى أي حد هو وضعهم مزري، ولا يجب أن يكون وضعهم هكذا إن كانت هنالك حكومة مهتمة بهذا الامر"، مختتمة حديثها بالقول "نتمنى أن يُفعّل القانون فعلياً، وأن تكون هناك حماية عليه، ويتم رصد مبالغ له ضمن موازنة العام الحالي".
وثيقة موت
من جانبه، رأى الباحث الاجتماعي، سلام المحمدي، أن "الكل يعلم بأن مجلس النواب في الدورة الماضية، أقر بأن يتم احتساب المغيبين او المفقودين خلال عمليات التحرير من داعش، ضمن الشهداء، أي لذويهم ذات امتيازات ذوي الشهداء، لكن شريطة أن يصادق ذوي المغيب على وثيقة يعترف من خلالها أن ابنهم قد استشهد أو توفي".
وأوضح المحمدي، لوكالة شفق نيوز، أن "الشرط الذي تم وضعه ضمن القرار، انصاع له بعض ذوي المغيبين، بسبب حاجتهم الملحة للمرتب الشهري الذي يخصص لهم في حال الاعتراف بذلك، إلا ان الغالبية رفضوا قبول ذلك، كونهم ما زالوا يأملوا أن أبناءهم على قيد الحياة، خاصة بعد الأنباء التي أكدت وجود سجون سرية ربما تضم بعض من المغيبين".
وأكد أن "هناك من استغل جراح ذوي المغيبين خلال انتخابات 2018 و2021 ، ومع هذا فهم ما زالوا ينتظروا من الحكومة اصدار قرارات حاسمة لحل مشكلاتهم".
ولفت المحمدي، إلى أن "هناك الكثير من الذين تم تغييبهم في وقت كانت نساؤهم (حوامل) والآن أطفالهم لا يملكوا أي مستمسك ثبوتي، وهذا ما يسبب لهم مشكلات أمنية، وبعضهم لم يتمكنوا من التسجيل في المدارس ورياض الأطفال لذات السبب".