ظاهرة قديمة عالميا.."الجنود الأشباح" فتكت بالعراق و ملئت جيوب المسؤولين بمليارات الدولارات

ظاهرة قديمة عالميا.."الجنود الأشباح" فتكت بالعراق و ملئت جيوب المسؤولين بمليارات الدولارات
2023-04-28T18:15:19+00:00

شفق نيوز/ ذكر موقع "وي آر ذا مايتي" الأمريكي المتخصص بالشؤون العسكرية، أن ظاهرة "الجنود الأشباح" ليست جديدة وعمرها قرون عدة، لكنها في العراق كان لها تداعياتها الكبيرة والخيمة على الشعب العراقي وعلى قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة. 

وبداية، تناول التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ بالتوضيح ظاهرة "الجنود الأشباح" قائلا انه مصطلح يستخدم من اجل وصف الأشخاص الذين يتم تسجيلهم في كشوف رواتب الجيش، إلا أنهم ليسوا موجودين، مشيرا الى ان هذه الظاهرة كانت سائدة خلال حرب العراق، والتي وصفها بانها احد اكثر النزاعات المثيرة للجدل في التاريخ الحديث. 

وتابع التقرير؛ أن كشوف المرتبات العسكرية تتضمن أسماء "الجنود الأشباح" الذين من الممكن أن يكونوا قد قتلوا أو هربوا، وهو ما أدى إلى تضخيم عدد القوات على الورق. هذه الممارسة ليست فريدة في حرب العراق ، لكنها كانت لها عواقب وخيمة على كل من الشعب العراقي والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

واشار الى ان لوائح الرواتب العسكرية التي تضم أسماء "الجنود الأشباح" تشتمل على من هم ليسوا حاضرين جسديا للخدمة، وفي الغالب ربما لم يكن هؤلاء الجنود موجودين اساسا، الا ان هذا لم يمنع من اضافة اسمائهم المزيفة إلى كشوف المرتبات، وهو ما يجعل الناس تطلق على هذه الظاهرة تعبير "الموظفين الوهميين". 

لكن التقرير أوضح أن استخدام الجنود القتلى في كشوف المرتبات ليست ظاهرة جديدة، حيث ان الناس هذا الأسلوب في نزاعات مختلفة عبر التاريخ، وذلك بهدف تضخيم أعداد الجنود، والتلاعب بالرواتب العسكرية، واخفاء الفساد داخل الفرق العسكرية. 

وبرغم أن التقرير قال انه هناك العديد من الامثلة التاريخية لهذه الممارسات، الا انه اشار الى انه من الصعب تحديد متى بدأت للمرة الاولى، لكنه مع ذلك قال ان احد الامثلة تعود الى القرن ال16 عندما استخدمت الامبراطورية العثمانية "الجنود الأشباح" خلال حملاتها العسكرية. 

وتابع التقرير؛ أن المسؤولين العثمانيين كانوا يجمعون رواتب الجنود غير الموجودين، مما يؤدي إلى تضخيم حجم جيشهم، مضيفا ان مثل هذه الأفعال، ظلت مستمرة عبر القرون.

وفي سياق مواز، ذكر التقرير أنه خلال الحرب الفيتنامية، فان حكومة الجنوب خلقت آلاف "الجنود الأشباح" بهدف تضخيم حجم جيشها، وهو ما ساعدها على تأمين المزيد من المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة. 

وبالاضافة الى ذلك، فانه خلال الحرب السوفيتية -الافغانية، اتهمت الحكومة الافغانية بتكوين "جنود اشباح" لتضخيم أعداد قواتهم.

اما بالنسبة الى العراق، فانه خلال الحرب، كان هناك نحو الى 50 الف جندي وهمي على كشوف رواتب الجيش العراقي مما ادى الى اهدار مليارات الدولارات في المساعدات، مضيفا أنها كانت ظاهرة سائدة خلال الحرب، وسببها الرئيسي هو الفساد. 

واوضح التقرير؛ ان المسؤولين العراقيين تلقوا أموالا من الحكومة الامريكية بهدف بناء جيش عراقي موثوق به، إلا أنه برغم ذلك، وبدلا من إنشاء جيش يتمتع بالفاعلية، فقد استولوا على هذه الأموال وخلقوا جنودا وهميين لتضخيم عدد القوات في كشوف المرتبات. 

ولفت التقرير إلى ان مليارات الدولارات من المساعدات كانت تتدفق على جيوب المسؤولين العراقيين، بدلا من تدريب الجيش. كما اوضح ان ظاهرة "الجنود الأشباح" أثرت بشكل كبير على فعالية مهمة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، اذ ادى ذلك الى ظهور شعور مضلل بالأمن، مما عرض حياة جنود قوات التحالف للخطر.

وأكد التقرير؛ أن ظاهرة "الجنود الأشباح" كانت عواقبها وخيمة على كل من الشعب العراقي والتحالف بقيادة الامريكيين، اذ انه اولا، عرقل جهود الولايات المتحدة الهادفة إلى إقامة عراق مستقر وآمن، وادى ثانيا الى اهدار مساعدات أمريكية بمليارات الدولارات كان من الممكن ان تستخدم لأهداف أخرى. 

وثالثا، قال التقرير إن الظاهرة تسببت بخسائر غير ضرورية في الأرواح على جانبي الصراع. وبالاضافة الى ذلك، ذكر التقرير أن الظاهرة قوضت ثقة الناس بالجيش وقدرة الحكومة على تنفيذ المهمة بفعالية.

وتابع التقرير أن هذه الظاهرة أثرت بشكل كبير خلال السنوات الأولى من الصراع عندما كان الجيش الأمريكي يعمل على بناء وتدريب الجيش العراقي، مضيفا انه 

بغض النظر عن الأسباب التي تقف خلف خلق "الجنود الأشباح"، فإن عواقبها كانت وخيمة، إذ أن معنى ذلك أنه كان هناك عدد كبير من الجنود على الورق، لكنهم لم يكونوا موجودين في الواقع، وهو ما أثر على دقة التقييمات حول مدى قوة الجيش الفعلية، وأثرت على الموارد المخصصة لجنود غير موجودين. 

والى جانب ذلك، فان وجود "الجنود الاشباح" أدى الى تسهيل انتشار الفساد داخل الجيش العراقي، حيث بإمكان الضباط صرف رواتب "الجنود الأشباح" دون خوف من العواقب، ما عزز من تفشى الفساد، بينما لم يكن الجيش العراقي فعالا كما كان يجب أن يكون. 

وتناول التقرير الجهود المبذولة لمعالجة هذه القضية، بما في ذلك محاولة تطبيق النظام البيومتري الذي يهدف الى توفير احصاء اكثر دقة للجنود والحد من الفساد وذلك من خلال استخدام البيانات البيومترية لتحديد هوية الجنود. 

الا ان هذا النظام كان يتضمن الكثير من العيوب، ولم يكن فعالا بالقدر الكافي. 

وختم التقرير بالتأكيد على أضرار ظاهرة "الجنود الأشباح" على كل الاصعدة، وقال ان هذه الظاهرة بمثابة تذكير باهمية المساءلة والشفافية في كافة جوانب العمليات العسكرية.

ترجمة: وكالة شفق نيوز

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon