"طريق التنمية".. فرص وتحديات واختبار لـ"تحالف ثلاثي" يضم اربيل
شفق نيوز/ حدد معهد "مركز ويلسون" الأمريكي الفرص والتحديات والعوائق التي تعترض مشروع "طريق التنمية" العراقي الذي من شأنه فعليا اقامة ربط من البصرة وصولا الى لندن، وبما يعنيه ذلك بالنسبة الى العراق وتركيا والصين وأوروبا، وما أسماه "التحالف الثلاثي" بين بغداد واربيل وانقرة ضد حزب العمال الكوردستاني، لكنه توقع في الوقت نفسه وصول كلفته ما يتخطى 24 مليار دولار، وليس 17 مليار دولار مثلما هو مقدر حاليا.
وذكّر التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ بداية بالتوقيع على العديد من المذكرات والمشاريع بما في ذلك "طريق التنمية" خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخيرة إلى العراق، مشيرا الى انها ستساهم في "تعزيز الاستقرار والازدهار الإقليميين" بالاضافة الى ان المشروع يؤثر بشكل مباشر على طرق التجارة العالمية، في حين لفت إلى أن ميناء الفاو الكبير على الخليج، يعتبر أكبر مشروع للبنية التحتية في تاريخ العراق، وإقامته ستؤدي الى معالجة التحدي المتمثل بضيق المناطق الساحلية وضحالتها بالقرب من البصرة وشط العرب.
وأشار التقرير إلى أن "هدف المشروع هو اقامة طريق سريع وممر للسكك الحديدية دون انقطاع بين البصرة ولندن"ن مضيفا ان المرحلة الاولية من المشروع ستكتمل بحلول العام 2028، الا انه قال انه برغم الإعلان عن تكلفة المشروع بمبلغ 17 مليار دولار، غير أنه من المرجح ان تتخطى ال 24 مليار دولار، موضحا أنه في ظل أن تكلفة السكك الحديدية بين غازي عنتاب واوفاكوي وحدها يمكن ان تصل الى 5 مليارات دولار، فإنه ليس من الواضح ان ال 17 مليار دولار يمثل تقديرا واقعيا.
وبعدما لفت إلى أن حكومتي قطر والإمارات وقعتا على مذكرة مشروع "طريق التنمية" بما يخفف من الشكوك حول القدرة التمويلية للمشروع، قال التقرير إن "طريق التنمية" يحمل ميزة لا يمكن إنكارها تتعلق بالسرعة وقدرة النقل مقارنة بالممر الاقتصادي بين الهند والشرق الاوسط واوروبا المعروف باسم "IMEC" المعلن عنه في ايلول/سبتمبر 2023، مشيرا في هذا الاطار الى أن "طريق التنمية" يوفر 10 أيام من نقل البضائع الى السوق الاوروبية من الفاو بدلا من قناة السويس.
اقليم كوردستان
وفي حين قال التقرير ان بامكان العراق وتركيا التعامل مع "المخاطر السياسية"، وذلك في اشارة الى وجود وحظر حزب العمال الكوردستاني، اشار الى ان المشروع سيجعل العراق لاعبا اقتصاديا رئيسيا، والى ان دعم الموقف الأمني التركي هو تكلفة بامكان العراق التحكم فيها مقابل هذا المكسب، مضيفا أن "تحالفا ثلاثيا" بين العراق واقليم كوردستان وتركيا يستهدف القضاء على وجود حزب العمال الكوردستاني وداعش، مضيفا ان انخراط تركيا على مستوى الفيالق العسكرية سيجعل ذلك أكبر عملية عسكرية عبر الحدود في تاريخها.
واعتبر التقرير أن الجزء المتعلق بإقليم كوردستان من مشروع "طريق التنمية" يواجه انتقادات متكررة من زعيم الاتحاد الوطني الكوردستاني بافل الطالباني وحلفائه، اذ انهم يشككون في وجود مكاسب للإقليم في ظل التنافس مع الغريم الحزب الديمقراطي.
واشار التقرير الى أن "طريق التنمية" يمر بين الفاو واوفاكوي عبر الحدود الادارية للموصل، لكنه يتجنب اقليم كوردستان بسبب تضاريسه الجبلية، وبرغم ذلك فإن المشروع يفيد اقليم كوردستان من خلال تأمين أساس منطقي كبير لاتفاقية صادرات النفط بين بغداد واربيل وخفض تكلفة السلع المستوردة الى الاقليم، بالاضافة الى انه يحفز الطرفين على معالجة الخلاف بين بغداد واربيل فيما يتعلق بصادرات النفط والغاز.
تحديات أمام المشروع
وبعدما قال التقرير إن "طريق التنمية" لا يخلو من التحديات، اوضح ان سياسات تركيا الامنية وجهودها لمكافحة الإرهاب تؤثر بشكل كبير على المشروع، مضيفا أن القضاء على حزب العمال الكوردستاني وداعش في شمال العراق، يعتبر أمراً ضروريا، ويتحتم على تركيا معالجة هذه المسألة مع العراق وحكومة اقليم كوردستان، في إطار زمني منظور، الا ان القضاء على التنظيمات الإرهابية يواجه صعوبة كبيرة، ومن غير الممكن القضاء على هذه التنظيمات الارهابية عمليا، من دون دعم العشائر الكوردية والعربية السنية.
وبالاضافة الى ذلك، ذكر التقرير أن كفاح العراق من اجل تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي وانتشار الفساد بين صناع القرار، تشكل عقبات إضافية أمام المشروع.
وتابع قائلا ان ايران بامكانها التأثير على بعض السياسيين العراقيين ورشوة صناع القرار بهدف عرقلة المشروع، وبالتالي اثارة مخاطر كبيرة، محذرا من أن تأخير الجدول الزمني لقيام المشروع، سوف يحد من إنتاجيته.
ورأى أن المشروع يمكن أن يؤثر بشكل كبير على سياسة إيران في الشرق الأوسط وعلى نفوذها في المنطقة، مشيرا الى ان ايران تواجه مجازفة على المدى القصير، بخسارة طرقها اللوجستية التي تزود وكلائها بالأسلحة من العراق إلى لبنان. واضاف انه في مواجهة هذه المخاطر الاستراتيجية، قد تنخرط إيران في مشاريع يمكن ان تزعزع استقرار العراق.
واضاف التقرير ان الصين قد تخسر قدرا كبيرا من نفوذها من خلال "مبادرة الحزام والطريق"، معتبرا أنها لن تتردد في التلاعب الأطراف المعنية بالمشروع، موضحا ا الصين قد تستخدم الاستثمارات والقروض المقدمة الى دول المنطقة، كادوات للتلاعب، وستصبح القروض الحالية بمثابة تهديدات للدول التي تعمل ضد مصالحها.
تحول اقليمي استراتيجي
اعتبر التقرير ان على الولايات المتحدة أن تبرهن على أنها تقدم خيارات أكثر من الصين، وأن بمقدورها تطوير بدائل متعددة في وقت واحد بما في ذلك مشروع الطريق الهندي الى اوروبا، بدلا من الاكتفاء بمحاولة عزل مبادرة "الحزام والطريق"، مضيفا ان من شان ذلك ان يقنع دول المنطقة التي لا توافق على الأعمال العسكرية الاسرائيلية في غزة، بالانضمام الى تحالف جديد ضد ايران وداعميها الصينيين من أجل تحقيق فوائد اقتصادية وأمنية.
وتابع التقرير بالقول ان بامكان العراق استخدام هذا المشروع باعتباره علامة فارقة من أجل التخلص من مشكلة الفساد المتفشية والاقتصاد غير الناجح، بالاضافة الى انه بالامكان دفع المجتمع العراقي الى التوحد حول هدف مشترك، ومواجهة عدم الاستقرار الداخلي الناجم عن النفوذ القوي لإيران والحد من مشاعر التوجه صوب الاستقلال لدى اقليم كوردستان.
وخلص التقرير الى القول الى انه بامكان اصحاب المصلحة في الشرق الاوسط واوروبا، تحقيق مكاسب بالمليارات بسبب خفض تكاليف الشحن، مضيفا أن تحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط يتطلب وجود إجماع إقليمي مضيفا ان التحول التدريجي من خلال مبادرات مثل "طريق التنمية" بإمكانها تعزيز السلام الدائم، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الاستقرار الناتج عن ذلك سيكون مفيدا لسكان المنطقة ودول الغرب التي تكافح في مواجهة القلاقل الاقتصادية والسياسية الخاصة بها.
ترجمة: وكالة شفق نيوز