طريق التنمية العراقي - التركي.. "حرب اليمن المصغرة" تجعله المشروع الأكثر إغراءً لربط الشرق والغرب

طريق التنمية العراقي - التركي.. "حرب اليمن المصغرة" تجعله المشروع الأكثر إغراءً لربط الشرق والغرب
2024-03-25T17:33:10+00:00

شفق نيوز/ يكتسب مشروع "طريق التنمية" الذي طرحه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، خلال زيارته الى أنقرة قبل عام بالتمام، أهمية استراتيجية متزايدة في ظل "الحرب المصغرة" الجارية منذ شهور والتي تعرقل الملاحة البحرية عبر باب المندب والبحر الأحمر والتي تمر عبرها نحو 15 % من التجارة الدولية. 

ومن المتوقع أن يكون "طريق التنمية" بندا رئيسيا على جدول أعمال الزيارة المقررة للرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى العراق خلال الايام المقبلة، وهو مشروع يفترض ان يحظى باهتمام متزايد كخط نقل استراتيجي بالنسبة للطرفين. فبينما يسعى اردوغان منذ سنوات الى تحويل بلاده الى ما يشبه المركز لخطوط الطاقة والتجارة، فان السوداني يريد الاستفادة من الموقع الجغرافي المتميز للعراق، لاستعادة دور كان يتمتع به تاريخيا، للربط بين الشرق والغرب. 

ومن المعلوم حتى الآن أن ميناء ايلات الاسرائيلي المرتبط بالبحر الأحمر، تعطلت الحركة البحرية منه واليه خلال الشهور الخمسة الماضية، وقالت تقديرات اسرائيلية ان الميناء خسر 85% من نشاطه، وهناك خطط الآن لتسريح نصف العمال فيه، وذلك منذ ان بدأت حركة "انصار الله" الحوثية في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، حربها على السفن الاسرائيلية وتلك المرتبطة بشركاتها او تجارتها. 

وبعدما جرى استهداف نحو 75 سفينة حتى الان كما يقول الحوثيون، او أكثر من 50 سفينة كما يقول الأمريكيون، فإن الحركة البحرية عبر باب المندب وصولا الى البحر الأحمر ومنه إلى قناة السويس، أصبحت شبه مشلولة، علما بان هذا الخط كانت تعبره قبل اندلاع حرب غزة، وانضمام اليمنيين في إطار ما يسمى "محور المقاومة" الى حملة الدفاع عن الفلسطينيين، أكثر من 21 ألف سفينة سنويا. 

صحيح أن الحوثيين أعلنوا مؤخرا انهم سوف يستثنون السفن الصينية والروسية من محاولة استهدافها بالصواريخ والمسيّرات المفخخة، لكن ذلك لا أثر فعليا له على كلفة الحركة البحرية في هذه المنطقة، حيث تقول شركات التأمين العالمية أن كلفة الشحن البحري في المنطقة ارتفعت بشكل لم يسبق له مثيل، سواء بسبب تزايد كلفة عقود التأمين المتعددة بسبب المخاطر، بما في ذلك التأمين على هيكل السفينة والتأمين على الشحنات، وتأمينات الحماية والتعويضات. 

وبحسب التقديرات الدولية، فإن كلفة التأمين على الشحن البحري، ازدادت بالفعل ما بين 5 و10 أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب. وقد تفاقم هذا الرقم ايضا لان اليمنيين وسعوا من دائرة استهدافهم للسفن، ولم تعد تقتصر على اسرائيل والسفن المتعاملة معها، وإنما ضموا الى اللائحة ايضا السفن الامريكية والبريطانية لان واشنطن ولندن شكلتها تحالفا عسكريا يسمى "حارس الازدهار" للتصدي للهجمات اليمنية. 

وبالنسبة الى شركات الشحن، فان الخسائر قد تكون كبيرة اذ انه بالاضافة الى ارتفاع التامين، فان الاكلاف تزايدت بسبب حقيقة أن السفن التي لم تعد تعبر باب المندب والبحر الاحمر، اصبحت مضطرة الى الابحار للالتفاف حول القارة الأفريقية، عبر رأس الرجاء الصالح، ما يعني أن الرحلة صارت أكثر طولا بما بين 10 الى 20 يوم احيانا، الى جانب كلفة الوقود والعمال وغيرها. 

وبكل الاحوال، فان هذا المعبر البحري فقد الأمان الذي تحتاجه التجارة، وهذه الحركة البحرية الهائلة ما بين اسيا واوروبا، خصوصا بعدما اعلن زعيم انصار الله عبدالملك الحوثي قبل أيام، أن دائرة الاستهداف ستتسع لتلاحق السفن العابرة في المحيط الهندي أيضاً، على بعد 6 آلاف كيلومتر من السواحل اليمنية، وهو ما يضيق الخناق أكثر على هذه الخطوط التجارية التي تعبرها عشرات آلاف السفن سنويا. 

ومع اتساع دائرة الخطر، فإن العالم سيركز أنظاره على الخطوط البديلة والأكثر أمنا، لا في الوقت الراهن فحسب، وإنما في المستقبل، ولهذا كما يقول مراقبون، فان مشروعا مثلا "طريق التنمية" سيصبح اكثر إغراءً بالنسبة لحركة التجارة بين الشرق والغرب، إذا ما أحسنت بغداد وأنقرة الترويج له، وترسيخ عوامل نجاحه. 

ومع بدء تسوية ملفات توتر علاقات العراق وتركيا، فإن مشروع "طريق التنمية" سيصبح خيارا طبيعيا وحتمياً لحكومة السوداني واردوغان، للمباشرة به واخراجه الى النور، بعدما جرى إعداد الدراسات حوله ووضعت خططه التنفيذية. 

وسيسهل المشروع، كما هو معروف من خلال خط السكك الحديدية والطرقات السريعة وتوسيع ميناء الفاو الكبير، عمليات الشحن من آسيا واليها، من خلال البصرة وصولا الى الحدود التركية، ومنها الى الأراضي الأوروبية. 

وبحسب ما أشارت إليه المعلومات الواردة من مسقط، فإن المحادثات التي جرت بين الامريكيين والايرانيين قبل نحو شهرين، لم تثمر تفاهمات حول تهدئة "الجبهة اليمنية" ووقف هجمات الحوثيين على السفن، بل ان عبدالملك الحوثي اعلن مؤخرا توسيع الهجمات نحو المحيط الهندي. كما ان البنتاغون يقول حتى الان، ان الغارات التي ينفذها في اليمن، لم تضعف قدرة الحوثيين حتى الان على مهاجمة حركة الملاحة، وهم حتى الآن يبدون مصممين على الاستمرار في ذلك ما لم يتم وقف الحرب على غزة. 

ويقول المراقبون إن "طريق التنمية" الذي قدرت كلفته حاليا بحوالي 17 مليار دولار، سيمثل، في ظل هذه الاجواء المتوترة في البحر الأحمر وقناة السويس، فرصة نادرة أمام العراقيين والأتراك لدفع خططهم قدما من اجل انجاح المشروع. 

تقرير: وكالة شفق نيوز

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon