"صداع نصفي" في أثينا: اليونانيون الأكثر ترقبا لانتخابات تركيا
شفق نيوز/ اعتبرت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية إن الانتخابات التركية تسبب "الصداع النصفي" لأثينا، وأن اليونانيين، بعد الاتراك، هم الأكثر متابعة للانتخابات التركية التي تجري الأحد المقبل، إلا أن توقعاتهم محدودة بان تؤدي الى نتيجة وردية مع "العدو القديم"، وإنما الشريك ضمن حلف الناتو، الواقع قبالة سواحلهم في بحر إيجة، وذلك بغض النظر عمن سيخرج فائزا في صناديق الاقتراع.
واوضحت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها من اثينا، ترجمته وكالة شفق نيوز، ان زعيم المعارضة كمال كليجدار اوغلو يتخذ نبرة أكثر ليونة من الرئيس رجب طيب اردوغان، غير ان "الخطوط الحمراء" الاستراتيجية لأنقرة في شرق البحر المتوسط، ستظل مشكلة.
ومع ذلك، فإن ذلك لا يعني ان اليونانيين لن يكونوا سعداء برؤية أردوغان مغادرا موقعه، وهو الذي مارس لعبة حافة الهاوية مع المقاتلات الجوية اليونانية في سماء بحر ايجة، بل والمح الى انه قد يستولي على جزيرة يونانية بليلة واحدة، كما سبق له أن هدد اثينا باستهدافها بصاروخ.
وبحسب التقرير فان قرار أردوغان تحويل ايا صوفيا في اسطنبول، وهي أعظم كنيسة في القسطنطينية الناطقة باليونانية، من متحف إلى مسجد في العام 2020، ادى الى جرح ثقافي خطير بالنسبة لليونانيين خصوصا.
ولهذا، فإنه من المؤكد ان زعيم المعارضة كمال كليجدار أوغلو، البيروقراطي السابق البالغ من العمر 74 عاما، ويتميز بكلامه اللطيف، سيكون شريكا دبلوماسيا اسهل، إلا أن كثيرين في اليونان يعتقدون انه قد يطرح تغييرا في الأسلوب وليس في الجوهر، حيث انه فيما يتعلق الأمر بالصراعات الإقليمية الكبيرة كقضايا الحدود البحرية وموارد الطاقة في شرق البحر المتوسط وقبرص، فان من المرجح أن تفتقر الأولويات الاستراتيجية الرئيسية لتركيا للمرونة.
وبرغم أن التقرير أشار إلى أن علاقات اليونان مع تركيا تحسنت خلال الشهور الأخيرة ، حيث أظهر أردوغان لهجة أكثر مرونة بعد ان تعهدت اثينا بدعم تركيا في جهود الاغاثة من كارثة الزلزال، إلا أنه من غير المؤكد الى متى سيستمر هذا التحسن، مضيفا أن أردوغان خلال حملته الانتخابية ، تعهد بالمضي قدما في "ازعاج" اليونان من خلال انفاق تركيا بسخاء على قدراتها العسكرية.
وتابع التقرير أنه عندما سئل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس حول الانتخابات التركية، قال إن هناك احتمالا ضئيلا في حدوث تغيير شامل، حيث رحب بالتحسن النسبي في الاجواء بين البلدين بعد الزلزال المدمر، الا انه اكد انه ليس لديه أوهام.
وقال في مقابلة تلفزيونية ان السياسة التركية لن تتغير بين ليلة وضحاها، وأشار في هذا السياق الى استراتيجية "الوطن الازرق" التي تطبقها تركيا وتسعى من خلالها الى اظهار التفوق البحري التركي في شرق المتوسط.
ونقل التقرير عن مدير معهد الشؤون العالمية وأستاذ العلاقات الدولية في الكلية الامريكية في اليونان كونستانتينوس فيليس قوله ان هناك اختلافا ملحوظا في الأسلوب بين المتنافسين في الانتخابات، الا انه حذر من ان مواقفهم لن تكون مختلفة كثيرا حول القضية الأساسية المتعلقة بأمن بحر ايجة.
وذكر فيليس بأن "عقيدة" الوطن الازرق "كانت من ابتكار الكماليين (ينحدر كيليجدار أوغلو من الحزب الذي أسسه مصطفى كمال اتاتورك) وكذلك قضية نزع السلاح من الجزر اليونانية، مضيفا ان الموقف الرسمي لتركيا يتمثل مطالبة اثينا بنزع السلاح من جزر بحر ايجه الشرقية، في حين يخشى العديد من اليونانيين ان يكون لتركيا طموحات إقليمية للسيطرة عليها.
وأوضح الباحث اليوناني "لا اعلم مدى سهولة تغيير كيليجدار اوغلو لخطابه، بعدما رفع أردوغان مستوى اللهجة عاليا".
وحول قضية قبرص، قال التقرير إن الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليديس يتوقع ان يتم إحياء المحادثات حول اعادة توحيد الجزيرة المقسمة بعد الانتخابات التركية، لكنه لا يعتقد ان اردوغان وكليجدار أوغلو ستكون مواقفهما متباعدة كثيرا في نهجهما تجاه قبرص.
ونقل التقرير عن الخبير التركي والاتحاد الأوروبي في تحليل المخاطر في شركة "أوراسيا جروب" امري بيكر قوله انه "في حال اعيد انتخاب اردوغان، فمن غير المرجح أن يتغير نهج تركيا في النزاعات الطويلة مع اليونان"، مضيفا أن أردوغان سيكون منفتحا على الحوار ولكن سريعا ايضا في اتخاذ موقف عدواني إذا واجهت المحادثات مشكلة. واضاف انه "اذا فاز كمال كليجدار اوغلو، فسيكون نهج انقرة تجاه اثينا اكثر ودية، حتى لو لم تتغير الخطوط الحمراء لتركيا".
وبحسب الباحث في "معهد واشنطن" الأمريكي سونر جاغابتاي فان الاختلاف بين الخصمين في الانتخابات التركية كان أكثر اهمية بالنسبة للأمن اليوناني، موضحا انه "بالنسبة لليونان، فإن الخيار بين وجود ديمقراطية او استبداد في الجوار في المستقبل المنظور"، مضيفا ان الحكام المستبدين يستخدمون السياسة الخارجية لتشتيت انتباه الرأي العام عن مشاكلهم، بينما سيسعى كيليجدار اوغلو الى تعميق العلاقات مع أوروبا وعلاقاتها التجارية من خلال الاتحاد الجمركي بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة.
ويتوقع العديد من المحللين السياسيين انه حتى أردوغان المنتصر سيعاني في ضائقة اقتصادية بعد الانتخابات للدرجة التي ستجعله يحتاج الى التركيز على الإصلاحات الرئيسية وجذب الاستثمار الأجنبي، بدلا من خوض المزيد من المعارك مع اليونان.
وذكر التقرير بموقف للسفير الأمريكي لدى اليونان جورج تسونيس قال فيه إن "هناك رغبة على جانبي بحر ايجه في السعي لتحقيق السلام والتوصل إلى حل وسط"، وان واشنطن ستساعد في حال طلب منها، مشيرا الى ان الدبلوماسية افضل من خيار الحرب حيث "نأتي بأكياس الجثث".
ترجمة : شفق نيوز