صحة العراقيين في خطر.. تحذيرات من تداعيات الأزمة البيئية
تلوث الهواء في العاصمة بغداد/ عدسة وكالة شفق نيوز
شفق
نيوز- بغداد
تشهد
المدن العراقية، وعلى رأسها العاصمة بغداد، تصاعداً ملحوظاً في التدهور البيئي،
حيث تتفاقم أزمة التلوث الهوائي وتراجع المساحات الخضراء، في ظل تغير المناخ
وزيادة النشاط العمراني غير المخطط.
وتشير
تقارير محلية ودولية إلى أن بغداد أصبحت من المدن الأعلى عالمياً في مستويات
التلوث، فيما يهدد التدهور البيئي المتسارع صحة السكان ونوعية حياتهم، ويضع البلاد
أمام تحديات تنموية وإستراتيجية طويلة الأمد.
وعلى
الرغم من الإجراءات الحكومية الأخيرة لمراقبة المنشآت الصناعية ومعالجة النفايات
الخطرة، يظل الخبراء البيئيون قلقين من محدودية القدرات الفنية والرقابية.
تدهور
الهواء
وفي
هذا السياق، يشير مرصد "العراق الأخضر"، المتخصص بشؤون البيئة، إلى أن
تراجع المساحات الخضراء وزيادة التلوث وغياب التخطيط الحضري أثر بشكل كبير على
جودة الهواء في المدن، وانعكس ذلك بشكل مباشر على صحة الإنسان والنباتات.
ويضيف
عضو المرصد عمر عبد اللطيف لوكالة شفق نيوز أن الغازات المنبعثة مثل ثاني أكسيد
النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت تسبب الغثيان وآلام المعدة على المدى القصير، فيما
تؤدي على المدى الطويل إلى مشاكل في القلب والأوعية الدموية، إضافة إلى الأمطار
الحمضية التي تؤثر على طبيعة التربة والنباتات.
ويؤكد
عبد اللطيف أن هذه التحديات تأتي لتزيد من معاناة البلاد جراء تغير المناخ
المتسارع.
تحديات
المياه
من
جهتها، تقول وزارة البيئة العراقية، إن البلاد تواجه تحديات بيئية حقيقية، أهمها
تغير المناخ الذي أدى إلى انخفاض مستويات المياه وزيادة الجفاف، خصوصاً أن العراق
يعتمد على دول الجوار لتوفير جزء كبير من المياه.
ويوضح
المتحدث باسم الوزارة لؤي المختار لوكالة شفق نيوز أن الوضع يتطلب وضع خطة وطنية
محكمة للتكيف، تشمل ترشيد استهلاك المياه وتطوير نظم الزراعة والري وزيادة البنى
التحتية لمعالجة مياه الصرف والاستفادة المثلى من الموارد المائية، بما يسهم في
مواجهة أزمة شح المياه وتحسين نوعيتها.
التوسع
العمراني
بدورها،
ترى الخبيرة في التلوث البيئي، إقبال لطيف جابر، أن الهجرة من الريف إلى المدن
وزيادة النشاط العمراني أدت إلى تضاؤل المساحات الخضراء لصالح الأبنية، مما زاد من
الانبعاثات الكربونية والنفايات، وخلق ترسبات كيميائية وتلوثاً بلاستيكياً.
وتشير
جابر خلال حديثها لوكالة شفق نيوز إلى أن ارتفاع مستويات التلوث يؤدي إلى انهيار
النظام البيئي، متسبباً في تلوث التربة واختفاء الجداول والفروع الطبيعية التي
تدعم الحياة النباتية والحيوانية في المدن.
وتؤكد
البيانات الرسمية أن العراق فقد نحو 30% من الأراضي الزراعية المنتجة خلال
الثلاثين سنة الأخيرة نتيجة التغيرات المناخية والجفاف، فيما وصلت أزمة المياه في
السنوات الأربع الأخيرة إلى مستويات غير مسبوقة.
تحركات
وعقبات
وفي
ظل هذه الأزمة، بدأت وزارة البيئة تنفيذ سلسلة تحركات لمراقبة منشآت معالجة
النفايات الخطرة، شملت إعادة تقييم التراخيص وتشديد إجراءات المتابعة وتحسين نظم
العزل ومنع تسرب الملوثات واعتماد أدوات رقمية لرصد عمليات التخلص من النفايات،
بهدف الحد من المخاطر الناجمة عن المخلفات الصناعية والنفطية على البيئة والصحة
العامة.
ومع
ذلك، يرى الخبراء أن غياب القدرة التقنية والمؤسسية يمثل عقبة رئيسية أمام تطبيق
المعايير بشكل فعال، خاصة مع اعتماد بعض المنشآت على تقنيات قديمة واستغلالها لضعف
الرقابة الرسمية.
ويشدد
المختصون على أن العراق بحاجة إلى خطة تنمية خضراء تقلل الاعتماد على الكربون
وتعيد تأهيل الغطاء النباتي، بما في ذلك زراعة 15 مليار شجرة للحد من التصحر
وتحسين جودة الهواء.
كما
أن تحسين إدارة المياه ومراقبة المنشآت الصناعية سيكون مفتاحاً لتقليل التلوث
وحماية الصحة العامة، في ظل أزمة تراجع المساحات الخضراء وارتفاع درجات
الحرارة والجفاف.