شفق نيوز تفكك أزمات ثالث أفقر محافظات العراق

شفق نيوز/ تعاني محافظة الديوانية، من تحديات عديدة منها نقص في المستشفيات والمدارس وتلكؤ في إنجاز المشاريع وارتفاع البطالة، ما أثر على واقعها الصحي والتربوي وفرص العمل وحياة السكان عموماً.
وتعود أغلب تلك التحديات إلى التأخر المستمر في إنشاء المشاريع التنموية والبنية التحتية والرعاية الصحية والتعليم بسبب النقص في التمويل وتلكؤ الشركات المنفذة للمشاريع.
وتضم محافظة الديوانية 13 قضاءً و3 نواحٍ، أما الأقضية فهي (الديوانية، الشافعية، السنية، الدغارة، سومر، الشامية، غمّاس، المهناوية، عفك، ال بدير، الحمزة الشرقي، الشنافية، السدير)، والنواحي هي (الصلاحية، نفر، البسامية).
وأكبر الأقضية في المحافظة من حيث الكثافة السكانية هي (الديوانية) مركز المحافظة، أولاً، ثم (الحمزة الشرقي) ثانياً، ثم (غمّاس) ثالثاً.
وعن النسبة السكانية للمحافظة، يقول مدير إحصاء القادسية (الديوانية)، محمد عبد مرشد الزيادي لشفق نيوز، إن "نتائج التعداد السكاني الأخير لم يعلن عن سكان كل محافظة، وإنما كان الإعلان لكل العراق، وكذلك في نسب الأمية والبطالة".
ثالث أفقر محافظة
ويضيف الزيادي، قائلاً "أما نسبة الفقر، فقد كانت الديوانية ثاني أعلى المحافظات بعد المثنى في الفقر بنسبة 47.8 بالمائة، لكنها أصبحت حالياً ثالث محافظة بعد تراجع النسبة إلى 29 بالمائة، فهي حالياً بعد المثنى التي لا تزال بالمركز الأول، فيما جاءت بابل في المركز الثاني".
وعن الجانب الصحي، يوضح، أن "الديوانية تعاني من نقص حاد في عدد المستشفيات، ففيها 5 مستشفيات فقط، فيما تشير احصائيات دولية إلى تخصيص مستشفى لكل 50 ألف شخص، لذلك هناك حاجة إلى عدد من المستشفيات".
ويشرح مدير إحصاء المحافظة، أن "في الديوانية 13 قضاءً، وهناك مستشفيين في قضاءي عفك والشامية، أما في الأقضية الأخرى فليس فيها مستشفيات، لذلك هناك حاجة إلى 11 مستشفى ليكون هناك مستشفى لكل قضاء".
ويتابع الزيادي، "أما المركز (قضاء الديوانية)، فهو بحاجة إلى 3 مستشفيات على الأقل، لوجود زيادة سكانية فيه تسبب بالضغط على المؤسسات الصحية".
ويلفت النظر الى، أن "هذه الزيادة السكانية جاءت نتيجة الهجرة التي حصلت من الريف إلى الحضر بسبب التصحر الذي أدى إلى انخفاض الزراعة إلى درجة كبيرة رغم أن الطابع الاقتصادي للمحافظة هو زراعي، وبالتالي أصبح عدد سكان المركز أعلى بكثير من الأقضية والنواحي التابعة له".
ويبين المسؤول المحلي، أن "في المركز، مستشفى عام واحد، ومستشفى نسائية وأطفال واحد، ومستشفى ثالث صغير يسمى (مستشفى الحسين)، وهذه تعتبر قليلة قياساً بالعدد الموجود بمركز المحافظة الذي يتجاوز 500 ألف نسمة".
وعن ملف التعليم، يقول مدير إحصاء المحافظة، إن "هناك مشاريع مدرسية، منها المدارس الصينية التي اكتمل قسم منها، لكن الآخر لا يزال غير كامل، وعموماً الديوانية بحاجة إلى العديد من المدارس خاصة فيما يتعلق بالمناطق الريفية والمناطق المزدحمة في المدينة سواء بالتعليم الابتدائي أو الثانوي، رغم أن نسبة الالتحاق بالمدارس عالية تصل إلى نسبة 95 بالمائة".
ويكشف الزيادي، أن "المحافظة تخلو من المراكز الترفيهية، ورغم وجود آثار في الديوانية تعود إلى 6 آلاف عام وهي آثار حضارة (نيبور) لكن لا يوجد اهتمام بها، لذلك يلجأ السكان إلى محافظة بابل المجاورة لزيارة المناطق الأثرية فيها للترفيه".
البنى التحتية
وعن مشاريع البنى التحتية في الديوانية، يقول عضو مجلس المحافظة، أحمد البديري، إن "الديوانية كان فيها مشروع وزاري للبنى التحتية منذ عام 2011 تحت مسمى (مشروع مجاري الديوانية الكبير) لشركة (الرافدين)، وبقى هذا المشروع متلكئاً لغاية عام 2021-2022".
ويضيف البديري خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "عدم تهيئة البنية التحتية حال دون المباشرة بأي أعمال فوقها من تبليط وأرصفة ومياه وغير ذلك، لذلك حصل تدخل من رئاسة الوزراء لإنهاء أعمال شركة (الرافدين) وإحالة المشروع إلى شركة (نور الأفق) التي استمرت بنفس التلكؤ".
وينوّه، إلى أن "هذا المشروع من المشاريع الوزارية، أي ليس للمحافظة أي سطوة أو سلطة عليها، بل لا يمكن للمحافظة التدخل حتى في المهندس المقيم، وهو ما انعكس على واقع المحافظة مقارنة بالمحافظات المجاورة التي قطعت أشواطاً بالبنى التحتية، وبالتالي عندما كانت هناك أموال الأمن الغذائي وغيرها، عملت تلك المحافظات على إكمال مشاريعها".
ويتابع البديري، ان "هناك 42 حياً، تمت إحالتها إلى شركة إسبانية عليها تحفظات منذ بداية عملها حيث تم رصد سوء المواد التي كانت تستخدمها لمد أنابيب المنازل، ولا يزال عملها ركيكاً ومتلكئاً، مع محدودية آلياتها وكوادرها الفنية التي لا تتناسب مع حجم المشروع والمبالغ المخصصة له".
ويستدرك عضو مجلس المحافظة، أنه "لكون هذا المشروع وزارياً وهو محال على شركة واحدة، حصل ضغط للحكومة المحلية على بغداد وتم عقد لقاء مع رئيس الوزراء ومكتبه ووزير الاعمار والاسكان، بنكين ريكاني، لأكثر من 3 مرات، وتمت المطالبة بتجزئة هذا العمل لأكثر من شركة للتنافس على تقديم الخدمة وتوزيع الأدوار".
ويضيف، "كما حصل مؤخراً حراك شعبي وصل إلى 9 أحياء، كل حي يتظاهر في منطقته أحياناً يومياً وفي كل جمعة، للضغط على حكومة بغداد، وعلى إثر ذلك قررت رئاسة الوزراء في خطوة جريئة فسخ عقد الشركة الإسبانية".
وينوه المسؤول المحلي، إلى أن "الشركة الإسبانية كانت قد سلمت 12 حياً من اصل 42 حياً بالمحافظة، لذلك تقرر الإبقاء على ما بحوزتها من أحياء لإنجاز أعمالها خلال فترة 6 أشهر، أما الأحياء الباقية الـ30، فقد أعلن وزير الإعمار خلال الاجتماع معه الشهر الحالي بالمضي بالاتفاق مع شركات رصينة لإنجازها".
ويؤكد عضو مجلس المحافظة، أن "الديوانية متراجعة في عدد المدارس، ومشروع رقم واحد متلكئ منذ عام 2009، وكذلك هناك تراجع في عدد المستشفيات".
ويؤكد أن "مؤشر نمو المحافظات وخاصة في الوسط والجنوب بدأ بعد عام 2021 عقب التظاهرات، وحينها تم إطلاق أموال الأمن الغذائي، ومضاعفة مبالغ المحافظات الأشد فقراً (الديوانية والسماوة وبابل)".
ويتابع، "على إثرها كانت هناك مشاريع كبرى في الوحدات الإدارية، منها مشاريع مجاري (غمّاس وعفك والشنافية) وهي مستمرة منذ عام 2023، إضافة إلى الجهد الخدمي الذي خفف من أزمة الخدمات بتنفيذ حوالي 35 مشروعاً، وبلغت موازنته لعام 2025 ما يقارب من 41 مليار دينار".
ويضيف البديري، "كما حصّلتُ على موافقة رئيس الوزراء بشمول 9 أحياء في محافظة الديوانية بالجهد الخدمي ليحصل تقدم في وضع المحافظة".
"مشاريع مشلولة"
ويتفق قائممقام قضاء غمّاس في محافظة الديوانية، محمد الخزاعي، مع ما ذهب إليه المتحدثيْن السابقيْن بأن مشاريع البنى التحتية تسببت بتوقف المشاريع التي فوقها، فضلاً عن الهوية الزراعية للمحافظة وضعف السياحة فيها مع قلة المستشفيات.
وعن مشاريع البنى التحتية، يبين الخزاعي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "مشروع مجاري غمّاس الكبير الذي يغطي كل القضاء، أوقف تأهيل الشوارع لأنه لا يمكن التبليط في ظل وجود مشروع للمجاري".
وفيما يتعلق بالجانب الصحي، يقول الخزاعي، إن "هناك مستشفيات في مركز المحافظة و(الحمزة) و(عفك) و(الشامية) ويجري العمل حالياً على مستشفى سعة 100 سرير، وهي في نسبة إنجاز تصل إلى 95 بالمائة".
ويضيف، "كما هناك مركزين صحيين نموذجين وفيهما جناح خاص بالطوارئ وصالة ولادة، لكنهما ليستا بالمستوى المطلوب، لذلك هناك دور للمأذونات، وقد يتم إحالة النساء الحوامل إلى (الشامية) أو إلى مدينة (أبو صخير) بمحافظة النجف المجاورة التي تبعد 22 كم، وذلك في الحالات المستعصية".
وعن الملف الزراعي، يوضح الخزاعي، أن "الديوانية هويتها زراعية، وتصل نسبة المزارعين فيها إلى 60 بالمائة من السكان، والباقي موظفين، وتمت زراعة موسمين في هذه السنة (صيفي وشتوي)".
ويبين،قائلا "حيث تمت زراعة 55 ألف دونم (حنطة وشعير)، وكذلك زراعة 45 ألف دونم من محصول (الشلب) الاستراتيجي، عدا بقية المحاصيل، حيث هناك بساتين نخيل وخضروات، أما نقص التجهيزات من مبيد وسماد وغيرها فهي قضية عامة تتحملها وزارة الزراعة".
وفيما يتعلق بملف السياحة، يقول الخزاعي، إن "الديوانية تحتوي على مواقع أثرية منها مدينة (سومر) أو قلعة (شخير)، و(نفر) أو (نيبور)، وهناك الكثير من المواقع الأثرية والتراثية غير مُعلّمة، ففي غماس هناك بحدود 25 موقعاً أثرياً، ورغم ذلك لا توجد حركة سياحية عدا بعض الزيارات للمسيحيين وغيرهم".
ويشير الخزاعي، إلى أن "المحافظة فيها هور (الدلمج) المشترك بين الكوت والناصرية والديوانية، وهو صالح ليكون مسطحاً سياحياً، لكن هناك معوقات ومشاكل كثيرة وإهمال يحول دون ذلك".
ويذكر أن "هناك مشروعاً بإعداد هيكلية تنظيمية إدارية للأقضية والنواحي، لأن في القانون، العراق دولة اتحادية ومحافظات غير منتظمة بإقليم وفق مبدأ لا مركزية، أي الوحدات الإدارية (الأقضية والنواحي) لديها استقلال مالي وإداري، لكن ومنذ 22 عاماً لم تعطِ هذه الوحدات استحقاقها لتتمكن من إدارة نفسها".
ويؤكد الخزاعي في نهاية حديثه، أن "هذا المقترح يتم إعداده وهو في مراحل صياغته الأخيرة، كما ان هناك تعديل للصلاحيات الممنوحة لرئيس كل وحدة إدارية لمواجهة الفوضى الحالية من مخالفات وتجاوزات وضعف لهيبة الدولة، وقد يصادق على هذا التعديل المقترح خلال الأيام المقبلة، ما قد يُحدث تغييراً ونقلة نوعية بمستوى الخدمات والتنظيم والترتيب في المحافظة".