سياسة "تكميم الأفواه" تسبب عزوفا عن "مهنة المتاعب" في الأنبار
شفق نيوز / يعاني صحفيون في محافظة الأنبار غربي العراق، من صعوبة الحصول على المعلومات التي يتم على ضوئها إعداد التقارير والأخبار الصحفية، فضلا عن "تهرب" غالبية المسؤولين والسياسيين ومدراء الدوائر في المحافظة عن الإدلاء بمعلومات للصحفيين، مما تسبب بإعاقة العمل الصحفي الذي دفع بالعديد منهم إلى ترك المهنة، وفق صحفيين محليين.
وذكر صحفيون وإعلاميون خلال حديثهم لوكالة شفق نيوز، أنه "بات من الصعب العمل في الأنبار، كون عدم تعاون السلطات المتنفذة يدفعنا بالتواصل مع أحزاب وشخصيات سياسية منافسة للمتنفذين، بهدف الحصول على المعلومة او التصريحات، وبهذا تتخذ بعض الشخصيات السياسية إجراءات تهدف إلى تكميم الأفواه كالاعتقال، وإذا كان الصحفي موظفاً لدى الدولة، فيتم قطع راتبه ونقله من مكان إلى آخر".
وفي هذا السياق، يقول الصحفي سلام خالد، إن "العمل الإعلامي في الأنبار يواجه تحديات كبيرة، أبرزها هو عدم فهم المسؤولين في المحافظة لدور الإعلام والصحافة ومكانتهما وتأثيرهما، رغم أن الكثير من المسؤولين يهرولون نحو الصحفيين والإعلاميين عندما تكون لديهم حاجة عندهم، لكن عندما يبحث الصحفي عن تصريح او معلومة أو رأي منهم، نرى المسؤولين يتجاهلون الصحفيين ولا يتعاونون معهم، فضلا عن استخدام بعض المسؤولين المحليين لصلاحياتهم ونفوذهم في الإيقاع بالصحفي او إلحاق الأذى بهم، وذلك من أجل فرض وجودهم او أنهم غير راضين عن بعض ما ينشره الصحفي".
وأضاف خالد، "أنا شخصيا حدثت معي مشكلة خلال العام الماضي، وذلك بسبب تقرير خدمي عملت على إعداده في الأنبار، ولم يرق لأحد المسؤولين، مما دفعه لاستخدام صلاحياته ووجه بنقلي من إحدى الدوائر في مدينة الفلوجة شرق الأنبار، إلى قضاء عنه غربي المحافظة، وهدف ذلك هو إيصال رسالة بأن عملي الصحفي لا يرقى إلى مستوى طموح الإدارة المحلية".
وأشار إلى أن "الإعلامي في الانبار ليس لديه خيار إما أن يكون معارضا للحكومة المحلية أو مؤيداً لها، وإذا كان يريد العمل بمهنية مطلقة فسيواجه الكثير من المشاكل، بسبب ان الكثير من المسؤولين لا يفهمون معنى الحقيقة الصحفية، كونهم يعتقدوا بأن كل إعلامي او صحفي هو تابع لجهة معينة".
ويختتم، قائلاً "سياسة تكميم الأفواه مستمرة على قدم وساق، واعتقد بأن المرحلة المقبلة وهي مرحلة الانتخابات، ستكون سياسة تكميم الأفواه أوسع من ما هي عليها الآن، وعلى الصحفيين ان يكونوا حريصين جداً، كون الأيام القادمة ستكون حبلى بالمفاجئات".
وأما الصحفي عدنان احمد، فيقول "حفاظاً على سلامتي وسلامة عائلتي تركت العمل في مهنة الصحافة قبل خمسة أشهر تقريباً، والسبب هو أنني كنت اعمل لدى إحدى الوكالات الإخبارية، ومطالب بعمل تقارير وأخبار بشكل يومي، وأعتقد أن هذا الأمر محال في الانبار، كون السلطات المنفذة في المحافظة ليست متعاونة وتتهرب من التصريح أو إعطاء المعلومة الحقيقية، وإذا لم يكتمل الخبر او التقرير الذي تعمل على إعداده، بتصريح المسؤول او مدير الدائرة، فلا ينجز العمل".
واضاف أحمد، في حديثه لوكالة شفق نيوز"، أن "المسؤولين والسياسيين ومدراء الدوائر التابعين للسلطات المتنفذة في الأنبار لا يتعاونوا مع الصحفي، وإذا تمكنت من الحصول على تصريح من قبل أحد أعضاء الأحزاب المنافسة لتلك المتنفذة فتعد صحفي مأجور، وتتم محاربتك ومقاطعتك وربما اعتقالك، وإذا لم تتمكن من إعداد إنجاز العمل فستم اقصائك من المؤسسة التي تعمل لها".
من جهته قال نقيب الصحفيين في محافظة الأنبار، احمد الراشد، إن "صحفيين الانبار مهنيين ويوصلون الخبر بصورة مهنية، وتحمل الرأي والرأي الآخر، وما يواجهونه من عدم تعاون غالبية المسؤولين ومدراء الدوائر يجعل في عملهم نقص، وإذا لم يحتوي التقرير أو الخبر على رأي المسؤول فسيتم اتهامه بعدم المهنية، مع أن التقصير جاء من المسؤول او مدير الدائرة".
وفيما يخص اقصاء الصحفيين من وظائفهم الحكومية او نقلهم بسبب إعدادهم لتقارير او اخبار لا تروق للمسؤولين، ودور النقابة في مثل هذه الحالات، أوضح الراشد لوكالة شفق نيوز، أن "نقابة الصحفيين دائما ما تتدخل لحل مثل هذه الأمور وما شابه، لكن نتمنى أن لا تكون هناك عقوبات للصحفيين، ولا أعتقد أن هناك صحفيا يعمل على إعداد خبر مخالف للمهنية او يكون ضد محافظته، لكن إن فهم المسؤولين للدور الحقيقي للصحافة فلن تحدث مثل هذه الحالات مرة أخرى".
وأضاف الراشد، قائلاً "اتمنى من جميع المسؤولين في الأنبار، أن يعو دور الصحافية والإعلام، فهو دور تقويمي يحمل رسالة المواطن، ويوضح الصورة لهم، ونرجوا من المسؤولين التعاون مع الصحفي حينما يطرق بابه ومستقبله بصدر رحب ويقدم ما يحتاجه الصحفي من توضيح او تصريح وغيرها، وان نرفع هذه المعاناة عن كاهل الصحفيين".