سجون داعش في الأنبار.. جدران الرعب تنبض بالألوان
شفق نيوز/ رغم مرور سنوات من تحرير مدن محافظة الانبار غربي العراق، من داعش، إلا أنها آثار وركام الحرب لا تزال تذكر السكان بالكثير من مشاهد الرعب والخوف والتعذيب والجثث، ولا سيما السجون التي اتخذها التنظيم مكاناً لشتى أنواع التعذيب والتنكيل بحق كل من خالف معتقداته وقراراته، ابان سيطرته على المحافظة.
ويعد قصر الشباب، والمساحة الآمنة في قضاء الرمادي مركز المحافظة، ومعهد الفنون الجميلة في قضاء الفلوجة شرقي الانبار، من أبرز معتقلات التنظيم، إذ تمكنت مجموعة من المتطوعين وبالتعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية، تحويل تلك المواقع إلى أماكن مخصصة للرسم والعزف والتعليم.
ويقول قائممقام قضاء الرمادي، أبراهيم العوسج، أن "مدينة الرمادي بشكل عام، كانت سجنا لتنظيم داعش الإرهابي، حيث أن الكثير من البنايات الحكومية تحولت إلى سجون ومعتقلات وأماكن للتحقيق وغيرها، واحد من هذه الأماكن هو ما يسمى (قصر الشباب)، حيث كانت سابقاً مركزا للاعتقال والسجن والتعذيب وغيرها، وعند عودتنا للمدينة وجدنا أن نصفها قد تدمر".
وأضاف في حديث له لوكالة شفق نيوز، أنه "تم اعادة تأهيل المبنى، بالاتفاق مع المنظمات الدولية، ليكون مركزا شبابيا لتعليم الموسيقى وغيرها من الفنون، وتم افتتاحها قبل يومين بدعم خاص من الأمم المتحدة".
وأشار العوسج، بالقول "نحن نسير وفق خطة لإنهاء داعش وأفكاره ومخلفاته التي نعاني منها في الفترة الماضية، لكننا اليوم بدأنا بالتعافي من هذه المرحلة ووصلنا لمراحل متقدمة من تغيير القناعات والأفكار، والتي نتج عنها اليوم هو تربع الرمادي على عرش الإعمار على مستوى العراق وإعادة الرمادي مدينة مدنية بجهود أبناؤها أولاً والحكومة ثانياً".
وختم حديثه بالقول، إن "بناء الإنسان هو أهم مقومات الإعمار، لذلك نضغط بشكل كبير على عملية التغيير الفكري، وإعادة قصر الشباب لسابق عهده هو واحد من هذه المنجزات وهناك منجزات أخرى سترى النور قريباً".
وأما مسؤول المساحة الآمنة في الانبار، ليث الخطيب، فيقول "المكان كان لتجمع اللاعبين والشخصيات التابعة لوزارة الشباب القادمين للأنبار، وتم افتتاحه عام 2012 ، ولم يتم تنشيطه بشكل جيد بسبب سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على المحافظة سنة 2013 ، واتخاذه مقرا له لتنفيذ عملياته الإرهابية، وبعد تحرير المدينة تم اتخاذه كمقر عسكري من قبل أحد أفواج الطوارئ التابعة لمديرية شرطة الانبار، وبعد عام 2017 بدأوا بإخلائه تدريجياً".
وأوضح الخطيب في تصريح لوكالة شفق نيوز، "كنا آنذاك نعمل كمتطوعين، وطلبنا الحكومة المحلية أن تسمح لنا بإعادة تأهيل المبنى على حسابنا الخاص، وتزويده بمعدات لغرض إلقاء دروس ومحاضرات مجانية دعماً للعوائل المتعففة، وتمت الموافقة من قبل الوزارة، وفي عام 2018 قامت أحدى المنظمات التابعة لصندوق الأمم المتحدة للسكان بدعمنا بمبلغ بسيط لغرض التأهيل".
وأضاف أنه "في بداية الأمر اقتصر الأمر على الدورات الدراسية ثم تطور الأمر لدورات بناء سلام وتطوير مهارات وبرامج تمكين وإسعافات أولية، ثم مسرح تفاعلي وقسم تايكوندو وأقسام رياضية أخرى".
ولخص الخطيب، بأن "فكرة المساحة الآمنة هي فكرة فريدة من نوعها لم تنفذ في أماكن أخرى، والتسمية توحي بأن هذا المكان آمن فكرياً وتستطيع ممارسة ما تحب بحرية ومجاناً"، مشيراً، إلى أن "المكان يدار إدارة بحتة من الشباب منذ اربعة سنوات ولا تدخل للحكومة بأي جانب سواء فني أو إدارة، لا وجود لأي تعزيزات وأي دعم للعاملين على المكان، كون فكرة المكان هي أنك لست بحاجة لأموال حتى تقدم ما يسعد مدينتك، كما أن المتطوع غير محدد بوقت معين إنما يأتي بالوقت الذي يحب".
وفي قضاء الفلوجة شرقي الانبار، حول التنظيم العديد من المنازل والممتلكات الحكومية والعامة، إلى سجون ومعتقلات لتعذيب المعتقلين ومن يخالف معتقداته من ابناء المدينة، ولعل من ابرز تلك الاماكن، هو معهد الفنون الجميلة، إذ يقول شهود عيان، أن "المكان كان مليئا بجثث متعفنة وآثار دماء ابرياء عذبهم داعش في هذا المكان".
ويقول الرسام مصطفى الجميلي، وهو احد الكوادر التدريسية في المعهد، أنه "عند عودتنا من ارض المهجر إلى مدينتنا الفلوجة، بعد طرد داعش منها، والمباشرة بأولويات العودة من سكن ووظيفة، ومن خلال مباشرتي كتدريسي في معهد الفنون الجميلة، وأثناء تجوالي في اروقتها ، تفاجأنا والإدارة وأصحاب الشأن، بحفرة عمقها ما يقارب 150 سم، تضم قرابة 16 جثه على وشك التحلل".
واضاف الجميلي في حديثه لوكالة شفق نيوز"، "قام فريق طبي متخصص وبرفقة القوات الامنية آنذاك، بانتشال الجثث واتخاذ اللازم، وعلى هامش تلك المجزرة، قمنا بدورنا نحن كإدارة ومدرسين في المعد بتخليد تلك المجزرة من خلال عمل جداري تشكيلي وفي نفس المكان، تعبيرا وشجبا عما حصل وهذا اقل الوفاء".