زيارة العراق أظهرت "طبيعته الحديدية".. فرانسيس ينافس باباوات روما في رحلاته الخارجية
شفق نيوز/ وضع موقع "كروكس" المتخصص بالأخبار المسيحية زيارة البابا فرانسيس إلى العراق في العام 2021، على أنها كانت من أكثر زياراته الخارجية صعوبة وأنها كانت بمثابة اختبار لإرادته الحديدية، وذلك في تقرير لمناسبة اقتراب الذكرى السنوية العاشرة لتولي البابا زعامة الكنيسة الكاثوليكية في العالم.
وقال التقرير، الذي نشر باللغة الإنجليزية، وترجمته وكالة شفق نيوز، إن البابا فرانسيس سيحتفل خلال أيام بالذكرى العاشرة لانتخابه، موضحاً أن البابا، واسمه الحقيقي، "خورخي ماريو بيرغوليو" القادم من الارجنتين الى البابوية، بالرغم أنه كان يحمل سمعة رغبته بالتزام البيت وتجنب السفر قدر المستطاع، حيث تجنب السفر خلال السنوات التي أمضاها في بوينس آيرس.
وذكر التقرير أن البابا برهن برغم ذلك، أنه بعد انتخابه، بمقدوره التجول تماما مثل سلفه المسافر الأسطوري البابا يوحنا بولس الثاني الذي قام بـ 104 رحلات دولية طوال 26 سنة، وذلك بمعدل 4 سفرات سنويا.
وفي المقابل، فإن البابا فرانسيس قام بـ40 رحلة خارجية في غضون 10 سنوات، بمعدل أربع سفرات سنويا.
وبالإجمال، بين التقرير أن البابا يوحنا بولس الثاني قام بزيارة 129 دولة، مما يعني حوالي خمسة زيارات كل عام، بينما زار البابا فرانسيس 61 دولة حتى الآن، بمتوسط سنوي يزيد عن ستة.
ولفت التقرير إلى أن البابا فرانسيس عاد قبل أسبوعين فقط من رحلة شاقة استمرت ستة أيام إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية والى دولة جنوب السودان، وهي الجولة الثالثة له إلى أفريقيا جنوب الصحراء، رغم أنه يعاني من آلام التهاب المفاصل المزمن في ركبته اليمنى ما أجبره على الجلوس على كرسي متحرك في معظم مناسبات ظهوره أمام الناس.
الى ذلك، استعرض التقرير قائمة بأهم خمس رحلات بابوية على مدار العقد الماضي، وذلك استنادا الى معايير المصلحة العامة والتغطية الاعلامية وتأثيرها المستدام، حيث كان العراق من بينها.
وبعدما ذكر التقرير، أن كل رحلة بابوية هي بمثابة تمرين في رواية القصص حيث ان البابا يختار السفر إلى مكان معين جزئيا لانه يعتقد ان هناك قصة يجب على العالم أن يسمعها، ويظل يسلط عليها الضوء على مدى عدة ايام، قال ان زيارة البابا الى العراق في آذار/مارس العام 2021، "ربما كانت أفضل مثال على السفر كرواية قدمها اي بابا بالمطلق".
ولهذا، اوضح التقرير ان "القصة الخاصة بالعراق مروعة، وهي عبارة عن اضطرابات وعنف ومعاناة انسانية لا يمكن تصورها، وكل ذلك يضاعفه الإهمال العالمي"، مضيفا ان الاقلية المسيحية تضررت بشكل خاص، وهي مسألة اشار اليها البابا عندما زار قرية قرقوش المسيحية التي دمرت في ظل احتلال داعش من 2014 إلى 2017.
وبالاضافة الى ذلك، اشار التقرير الى ان الزيارة البابوية الى العراق أظهرت "الطبيعة الحديدية لإرادة البابا فرانسيس"، مذكرا بأن المشرفين على ترتيب الزيارة البابوية، كانوا قد توقعوا ألا تتم الزيارة بالنظر الى الوضع المشبوه امنيا، وذروة تفشي وباء كورونا، وصحة البابا نفسه بالاضافة الى التكاليف، الا ان البابا فرانسيس كان مصمما على الذهاب الى العراق.
واعتبر التقرير أن الذروة في زيارة البابا كانت في مجيئه الى مدينة النجف المقدسة في 6 آذار/ مارس 2021 ، للقاء آية الله العظمى علي السيستاني الذي يمكن القول أنه من بين أهم المراجع في الشرق الأوسط بأكمله.
وتابع التقرير أنه سرعان ما اصبحت صور الزعيمين الدينيين وهما يحتضنان بعضهما البعض وينددان بالتطرف والعنف معا، صورا ايقونية، حيث اعلن العراق السادس من اذار/مارس من كل عام "يوما وطنيا للتسامح والتعايش".
وذكر التقرير بما قالته طالبة عراقية في روما للتلفزيون الايطالي بأنها "لم تر بلدها ابدا موحدا ومتحمسا قائلة "لقد صنع البابا معجزة!"
ورغم أن التقرير قال إن زيارة البابا لم تحل كل مشاكل العراق، الا ان الزيارة قدمت رواية مضادة قوية حول حاضر العراق ومستقبله المحتمل، وأنه أصبح من الصعب تصور أي تجربة أخرى كان من الممكن ان تفعل ذلك بهذا الشكل المقنع.
وبالاضافة الى زيارة البابا الى العراق، اعتبر التقرير ان من زيارته الخارجية المهمة، كانت زيارته الى دولة الامارات في شباط/ فبراير العام 2019، حيث جرى الإعلان عن "وثيقة الاخوة الانسانية" الصادرة عن البابا والامام الاكبر للازهر الشيخ أحمد الطيب، حيث وقعا الوثيقة في 4 شباط/فبراير 2019 ، في أبوظبي.
ولفت التقرير الى أنه منذ بداية عهده البابوي، فإن قضية التواصل مع العالم الاسلامي كانت بمثابة حجر الزاوية في اجندة فرانسيس للحوار عبر الأديان، مضيفا أن الوثيقة تمثل عنصرا أساسيا لهذا الجهد، وان توقيعها في هذا البلد المسلم بغالبيته يشكل حدثا مهما، ولهذا سارع الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس الى اعلان 4 فبراير/شباط "اليوم الدولي للاخوة الانسانية".
إلى جانب ذلك، تناول التقرير زيارات البابا الى جمهورية افريقيا الوسطى في نوفمبر/تشرين الثاني العام 2015، في اول زيارة له الى افريقيا جنوب الصحراء. واشار الى ان البابا كان يقوم بزيارة معتادة ليبارك طاقم قمرة القيادة، ويمازحهم حول نهاية الرحلة التي كانت ستصل الى جمهورية افريقيا الوسطى التي دمرتها الحروب، وقال للطيار أنه إذا لم يشعر بالامان اثناء الهبوط، فبإمكانه أن يسلم البابا مظلة القفز.
كما تناول التقرير زيارة البابا، وهو أول بابا في التاريخ يتحدر من اميركا اللاتينية، الى تشيلي في الفترة من 16 إلى 18 يناير/كانون الثاني العام 2018. واستعرض أيضا اهمية زيارته الى منطقة لامبيدوزا على ساحل جزيرة صقلية في تموز/يوليو العام 2013، وهي تعتبر أول زيارة له خارج روما بعد انتخابه، وتعكس ايضا أجندته بالكامل وإنما بصورة مصغرة، حيث ان هذه المنطقة كانت نقطة الوصول الرئيسية واحتجاز موجات المهاجرين واللاجئين الذين يحاولون شق طريقهم إلى أوروبا من أفريقيا والشرق الأوسط.