أزمة "ساكو" تتصاعد في "البيت المسيحي": قرار ليس "لطيفاً" ولا "رشيداً"
شفق نيوز/ لم تهدأ "غضبة" المسيحيين العراقيين من قرار رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد بحسب المرسوم الجمهوري من بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم الكاردينال لويس ساكو، ومن ثم صدور أمر باستدعاء ساكو للمثول أمام القضاء، ما اضطره إلى نقل سلطاته الدينية إلى أربيل عاصمة إقليم كوردستان.
وبعد أن كانت ردود الأفعال على قرار الرئيس استنكار وإدانة ومطالبات بالتراجع عن قراره، باتت لهجتها الآن أكثر حدة وإحراجاً ما يشير إلى أن الأمور قد تأخذ منحى آخر.
وقبل أيام قرر الرئيس رشيد سحب المرسوم الجمهوري رقم 147 لسنة 2013، الخاص بساكو، ما أثار ردود أفعال غاضبة وجدلاً في الأوساط العراقية.
وفي أحدث تصريح لرئيس الجمهورية، عبد اللطيف جمال رشيد، أكد خلال استقباله القائم بأعمال سفارة دولة الفاتيكان لدى العراق، يوم أمس الإثنين، أن "سحب مرسوم البطريرك لويس ساكو جاء لتصحيح وضع دستوري إذ صدر المرسوم المذكور دون سند دستوري أو قانوني".
"ليس له ضرر"
وفي هذا السياق، يقول المتحدث باسم كتلة "بابليون" النيابية، النائب دريد جميل، إن "المرسوم الجمهوري كان غير دستوري من ناحيتين بحسب ما وضحته رئاسة الجمهورية، الأولى لم يوقّع عليه رئيس الجمهورية وإنما نائبه، وهذا ليس من صلاحيته".
ويضيف جميل لوكالة شفق نيوز "أما الناحية الثانية فقد كان هناك عُرف غير رسمي، على اعتبار أن غبطة الكاردينال ليس موظفاً عند الدولة ليعطى له مرسوماً جمهورياً، فهذه المراسيم خاصة لموظفي الدولة".
ويؤكد، أن "ساكو شخص له مكانته الدينية ومنتخب من الفاتيكان، ويوجد قانون يستطيع من خلاله إدارة الأوقاف المسؤول عليها، وبالتالي سحب المرسوم ليس له ضرر من الناحية الإدارية للوقف، فهو لن يسلب دور البطريرك في إدارته لأوقاف الكنيسة الكلدانية، وفي الوقت نفسه لن يسلب هيبته ومكانته".
مقرّا الصيف والشتاء
وعن قرار ساكو بالانسحاب من بغداد، يشير جميل إلى أن "هناك مقرّين للبطريرك في بغداد وأربيل، الأول شتوي والآخر صيفي، بحسب ما يُقال، وبالتالي لن يؤثر سواء كان في بغداد أو أربيل، فهو يستطيع إدارة الأوقاف من أي مكان، ولن ينتج عنه أي ضرر".
دعوة لإصدار مراسيم
في المقابل يرى رئيس ائتلاف الرافدين، يونادم كنّا، أن "رئاسة الجمهورية لم تُوفق في حجة سحب المرسوم التي أدعت أنه لخلفية دستورية، في حين أن الدستور يشير إلى هذه القضية في المادتين 43 و23".
ويضيف كنّا لوكالة شفق نيوز، أن "الكاردينال أو رئيس الطائفة صحيح ليس موظفاً في الحكومة، لكنه متولياً على أوقاف الطائفة، وهناك قضايا وخصومات يحتاج فيها إلى هذا المرسوم".
ويبيّن، أن "هذا المرسوم هو عُرف منذ عهد نجران بعد لقاء النبي محمد ببطريرك ذلك الزمان وأصدر له مرسوماً واستمر الأمر منذ ذلك التاريخ مروراً بزمن العباسيين والعثمانيين والملكية والنظام السابق".
ويتابع كنّا "لذلك على رئاسة الجمهورية مراجعة قرارها وإصدار مرسوم آخر بديلاً ليس فقط لغبطة الكاردينال، وإنما لرؤساء طوائف آخرين، كون القرار يرتد سلباً على سمعة العراق، وعلى أوضاع المسيحيين في البلاد".
"إرضاءً للكلداني"
وكان الرئيس العراقي، قد سحب مرسوم الجمهورية، من ساكو، "تحقيقا لرغبة" زعيم فصيل "بابليون" المنضوي في الحشد الشعبي ريان الكلداني لتعيينه متولياً لأوقاف الكنيسة وإشراك أشقائه في الأمر من خلال منحهم مناصب، بحسب الكاردينال لويس ساكو.
ومنذ أشهر، يدور خلاف بين ساكو والكلداني، ويتبادل الاثنان اتهامات بمحاولة الاستيلاء على مقدّرات المسيحيين في البلاد، ويندد الكلداني بدور "سياسي" للكاردينال ساكو، في حين يتهم الأخير الكلداني بمحاولة الاستحواذ على التمثيل المسيحي.
تنديد خارجي
وفي رسالة تنديد واستنكار موقعة من قبل المطران توما ميرم، من اورميا في ايران، والمطران فرنسيس قلابات، من ديترويت الأمريكية، والمطران عمانوئيل شليطا، في كالفورنيا الامريكية، موجهة إلى رئيس الجمهورية، ورد لوكالة شفق نيوز.
وجاءت رسالة المطارنة الثلاثة، بعد الانتهاء من مراسيم دينية التي جرت في العاصمة التركية اسطنبول يوم الاحد 16 تموز/ يوليو الجاري، وحضرها لفيف من الأساقفة من طوائف عديدة من الولايات المتحدة الامريكية واوروبا وآسيا وغيرها.
قال المطارنة "من هذا المنبر الاسقفي العراقي والعالمي، نرفع صوتنا واستنكارنا وشجبنا بشدة ونقول: ان ما قمتم به باستهداف مرجعية كنيستنا الكلدانية الاعلى في العراق والعالم، ليس إلا تعنيفاً لشعبنا واستهانة بمقدسات رموزنا. قرارك هذا يا أبا العراق، عبد اللطيف رشيد، للأسف لم يكن لطيفاً ولا رشيداً".
وحذر المطارنة من ان "هذا القرار يتفاقم بنتائجه يوماً بعد يوم، وقد ينفجر ويشكل خطر نشوب فتنة طائفية لا يحمد عقباها".
ويوم أمس الاثنين، قالت ردت سفارة الفاتيكان لدى العراق في بيان نشره موقع البطريركية الكلدانية؛ واطلعت عليه وكالة شفق نيوز، ان "السفارة الرسولية في العراق تأسف لسوء الفهم والتعامل غير اللائق فيما يتعلق بدور غبطة البطريرك مار لويس ساكو كوصي على ممتلكات الكنيسة الكلدانية. بالإضافة إلى بعض التقارير المنحازة والمضللة حول هذه القضية، والتي غالبًا ما تتجاهلها كشخصية دينية تحظى بتقدير كبير".
وأوضحت السفارة الرسولية؛ ان "رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد طلب لقاء القائم بأعمال السفارة الرسولية (سفارة الكرسي الرسولي/ الفاتيكان) لدى جمهورية العراق، الأب تشارلز لوانغا سوونا، بخصوص أمر المرسوم الأخير بشأن غبطة البطريرك لويس ساكو بطريرك الكنيسة الكلدانية".
وشدد الأب سوونا على أن إدارة ممتلكات الكنيسة – على النحو المنصوص عليه في الدستور العراقي – يجب أن تستمر بحرية من قبل رؤساء الكنائس وعلى المستوى العملي، أي أمام المحاكم العراقية والمكاتب الحكومية، في حين أن السفارة الرسولية لا تعلق على ما إذا كان سيتم ضمان ذلك من خلال المراسيم الرئاسية أو بأي طريقة أخرى مناسبة، بحسب البيان.
ووزعت رئاسة الجمهورية في وقت سابق من يوم امس الاثنين بيانا عن لقاء رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد والقائم بأعمال سفارة الفاتيكان.
ونقل البيان عن القائم بأعمال سفارة الفاتيكان في بغداد الأب تشارلز لاوانغا سونا أن السفارة ليست لديها أية ملاحظات على إجراءات رئاسة الجمهورية بشأن سحب المرسوم الجمهوري الخاص بالكاردينال لويس ساكو.