أزمة الغذاء في العراق.. دولار "رخيص" لتفكيك "قنبلة موقوتة"

أزمة الغذاء في العراق.. دولار "رخيص" لتفكيك "قنبلة موقوتة"
2022-03-09T10:59:40+00:00

شفق نيوز/ حلول ترقيعية لأزمة متجذرة في الاقتصاد العراقي، هكذا وصف مختصون بالشأن الاقتصادي، القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء لاحتواء أزمة الغذاء التي ضربت معظم دول العالم ومنها العراق وخاصة ما يتعلق بالحنطة والزيوت النباتية، لاسيما أنها ستبقي ارتفاع الأسعار مستمراً من خلال شرائها للحنطة من الفلاحين بأسعار تزيد عن السعر العالمي.

قصيرة المدى

الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان، أوضح في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "القرارات التي يتم اتخاذها من قبل الحكومة لا يتم متابعتها أو يجري تنفيذها بشكل حقيقي وفق آلية تعمل على حل جزء من المشكلة مثلاً"، مبدياً استغرابه من "تأخر الحكومة عن اتخاذ القرارات ومعالجة الأزمة قبل استفحالها".

وقال أنطوان، إن "في كل أزمة داخلية مستعجلة هناك حلول طويلة الأمد ومتوسطة الأمد وقصيرة الأمد"، لافتاً إلى أن "الحكومة تطرقت لحلول قصيرة الأمد وابتعدت عن الحل الجذري، وهو خلق قطاع انتاجي بالداخل وصناعي وزراعي من أجل تحقيق الأمن الغذائي على المدى البعيد، وبالتالي ليس هناك جدية بالموضوع لأن العراق تحول إلى سوق استهلاكي لسلع دول الجوار".

قنبلة موقوتة

بدوره، رأى الخبير الاقتصادي، ضرغام محمد علي، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "جميع القرارات التي تم اتخاذها من قبل مجلس الوزراء لمعالجة أزمة الغذاء هي ارتجالية تعكس غياب الرؤية وانعدام الحلول الاستراتيجية"، مبيناً أن "كل القرارات هي رد فعل قصير الأمد لا يحل مشكلات انفلات الأسواق وقوة المضاربين بغياب سلطة الدولة وأدواتها".

وأضاف محمد علي، أن "هذه القرارات لا تمنح أي ضمانات للأسواق"، مبينا أن "الأسواق ستبقى قنبلة موقوتة بسبب سذاجة الاجراءات وانعدام العلمية في المعالجات، حيث التاجر سيظل المضارب وهو القوة المهيمنة في ظل عجز رؤية الدولة وأدواتها".

وتابع أن "من المفترض أن تقوم الدولة بتوفير مواد غذائية بسعر تجاري مدعوم عبر وكلاء التموينية بشكل متوازي مع الحصة التموينية ويكون الاستيراد بإشراف الوزارة وبذلك يمكن توفير السلع الأساسية بسعر التكلفة في الأسواق دون التدخل بشكل مباشر في عمل التجار او ارهاق الموازنة وإنما تدخل الدولة كمنافس شريف في توفير السلع بشكل يتناسب مع السعر العالمي".

وشدد الخبير الاقتصادي، على ضرورة أن تقوم الدولة أيضاً بـ"توفير دولار رخيص فقط لعقود استيراد المواد الأساسية وباعتمادات مستندية حقيقية وبإشراف من هيئات رقابية لضمان عدم تسريب الدولار الرخيص للسوق السوداء".

اغتيال الإنتاج المحلي

من جانبه، نوه الخبير الاقتصادي منير الأحمد، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "القرارات الحكومية التي اتخذتها بشأن أزمة الغذاء، اذا استثني منها شراء الحنطة المحلية، فإنها لا تشجع على الإنتاج المحلي وتركز اهتمامها على الاستيراد فقط".

وأضاف أن "جميع القرارات التي اتخذتها الحكومة آنية، ليس لها بعد مدى"، مبيناً أن "هناك معامل زيوت حكومية معطلة وهناك أراض زراعية صالحة للزراعة من الممكن أن يتم استغلالها في زراعة الذرة وعباد الشمس والمحاصيل العلفية ومن ثم الاستغناء عن الاستيراد".

ولفت الأحمد، إلى أن "الحكومة تتخذ قرارات حالها حال بعض الدول التي لا تتوافر بها مقومات الزراعة من ماء وأراض صالحة للزراعة وتعتمد على الاستيراد منطلقا لسد حاجة المستهلك".

دولار رخيص

من جهته، كشف رئيس غرفة تجارة بغداد، فراس الحمداني في حديث لوكالة شفق نيوز، عن وجود "فقرتين مهمتين يجب تعديلها ضمن القرارات لاستقرار السوق المحلية وامكانية محاسبة المحتكر، أولهما قرار الشهرين الذي وضع لاستيراد المواد الغذائية الذي يعتبر غير كاف لاستيراد هذه المواد الغذائية".

وأوضح الحمداني، أن "استيراد مثل هذه المواد تحتاج ما بين 6 أشهر إلى سنة واحدة"، مبينا أن "وضع شرط شهرين لاستيراد المواد الغذائية ستورط التجار وستضعهم في مشكلات لا يمكن حلها".

وأضاف أن "التجار يحتاجون أيضاً إلى أسعار دولار مخفضة، يحصل عليها من البنك المركزي بعد تقديم اعتمادات مستندية"، لافتاً إلى أن "سعر الدولار الذي يجب أن يحصل عليه التاجر 141000 دينار يقل أو يزداد قليلا، لكي يتمكن من استيراد البضاعة بسعر رخيص وبيعها في البلد بأسعار مناسبة".

حزمة متكاملة

في المقابل، أثنى مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، مظهر محمد صالح، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، على القرارات التي اتخذت لمعالجة أزمة الغذاء، مؤكداً أن القرارات كانت "حزمة متكاملة" لعلاج أزمة الغذاء في هذا الظرف الحساس.

ونوه صالح، إلى عدم وجود "علاج يأتي دفعة واحدة، إلا أن السياسة التي اعتمدت من خلال هذه القرارات على تعديل الدخل النقدي للشرائح الفقيرة بشكل عام، إضافة إلى رفع الضرائب الجمركية وتعديل ضرائب الدخل على مستوردي المواد الغذائية"، لافتاً إلى أن "كل ذلك ستخفف من الأسعار وتسمح حرية دخول السلع ومن المواد الغذائية بارخص الاسعار وباسرع وقت ممكن".

أزمة عالمية

وقفزت أسعار المواد الغذائية بعد وباء كورونا لترتفع بعدها أسعار الحبوب والزيوت النباتية إلى مستويات قياسية جديدة مع عدة مع الحرب في أوكرانيا، هذه الارتفاعات كان لها أثراً كبيراً على العراق باعتباره أكثر دول العالم استيراداً لمواده الغذائية من دول العالم.

وتمثل أوكرانيا وروسيا حوالي 30% من القمح، إذ أعلنت أوكرانيا أنها ستوقف تصدير الحبوب نتيجة هذه الحرب.

ومن جهتها، أعلنت منظمة الغذاء والزراعة" الفاو" في نهاية العام الحالي، ان 44 دولة بينها العراق تحتاج إلى مساعدة خارجية من أجل الحصول على الغذاء، فيما أكدت أن النزاعات والجفاف أديا إلى تفاقم ظروف انعدام الأمن الغذائي في العالم.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon