رياح التغيير أسرع من "صناديق الاقتراع".. هل انتفت الحاجة لثورة البنفسج في العراق؟
شفق نيوز/ تصاعدت في الآونة الأخيرة، دعوات لتأجيل الانتخابات البرلمانية في العراق وتعديل قانون الانتخابات في ظل الأحداث التي تشهدها المنطقة، في وقت يجد بعض السياسيين أن عاصفة التغيير والتأسيس لنظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط، قد تكون أسرع بكثير من أي موعد لإجراء الانتخابات.
وتقترح تلك الدعوات "في حال تأزم الوضع بالمنطقة"، تأجيل الانتخابات التي من المتوقع إجراءها بحلول تشرين الأول 2025، إلى حين استقرار الوضع الأمني والسياسي، على أن تكون الحكومة الحالية تصريف أعمال.
فيما يرى مراقبون، أن الطبقة السياسية ليس في بالها بالوقت الحالي الانتخابات، وإنما كيفية تفادي "رياح التغيير" والخطر الحاصل في الشرق الأوسط وإمكانية شمولهم به.
ورغم تلك التحذيرات، تؤكد أوساط سياسية عدم وجود مبررات سياسية وقانونية وحتى أمنية من تأخير إجراء الانتخابات، بل تشدد على أن إجراءها مسألة دستورية وقانونية، وستمكن الشارع العراقي من الثقة بالنظام السياسي الحالي.
في هذا الصدد، قال محمد الشمري، النائب عن ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، إن "البرنامج الحكومي كان يتضمن تقديم الانتخابات، لكن انتفت دعوى التقديم، وستقام الانتخابات في وقتها المحدد".
تعديل قانون الانتخابات
وعن تعديل قانون الانتخابات، بين الشمري، أن "هناك إمكانيات عديدة للتعديل، لكن من غير الواضح أيهما سيوقع عليه الاختيار، هل سيتم وفق قانون سانت ليغو أو وفق الدوائر المتعددة، أم قانون جديد يشمل دوائر متعددة مع سانت ليغو بعدد أقل من الدوائر".
وأكد الشمري، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "نظام سانت ليغو يخدم الكتل الكبيرة لذلك هي معه، أما قانون الدوائر المتعددة فهو يخدم الفرد والكتل الصغيرة".
وكان عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب العراقي، عارف الحمامي، قال عن آخر المستجدات المتعلقة بتعديل قانون الانتخابات، إن "هناك الكثير من المقترحات السياسية المقدمة لتعديل قانون الانتخابات، ومن ضمن هذه المقترحات العودة إلى نظام الدوائر المتعددة في المحافظة الواحدة، كما جرى في الانتخابات التشريعية للعام 2021".
وأضاف الحمامي في تصريح سابق لوكالة شفق نيوز، أن "هناك مقترحاً آخر مقدماً من أحد الجهات، وهي تقسيم بعض المحافظات ذات الكثافة السكانية العالية إلى دائرتين انتخابيتين، مثل العاصمة بغداد، تكون دائرة انتخابية في الكرخ ودائرة انتخابية أخرى في الرصافة".
وأشار إلى أن "هناك مقترحات أخرى من ضمنها تعديل نظام (سانت ليغو) واحتساب أصوات الناخبين حسب النظام الانتخابي"، مؤكداً أن "جميع المقترحات المقدمة بشأن تعديل القانون قيد المناقشة وغير رسمية ولم يتم حسمها بعد، وسيتم التطرق لها في الفصل التشريعي المقبل لمجلس النواب".
ووفق نواب في البرلمان العراقي، فإن هناك صعوبة كبيرة ستواجه تعديل قانون الانتخابات، بسبب الانقسام السياسي بين الكتل الكبيرة، خصوصاً أن كل طرف سياسي سيعمل على تمرير القانون وفق ما يخدم مصلحته الحزبية.
وشهد العراق تغييرات متكررة في نظامه الانتخابي خلال خمس دورات تشريعية، إذ اعتمدت غالبية تلك الانتخابات على نظام "سانت ليغو" بمعادلة 1.7.
يذكر أن مجلس النواب صوت في آذار/ مارس 2023 على قانون "التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والأقضية رقم (12) لعام 2018".
وشملت التعديلات الأخيرة اعتماد نظام الدوائر المتعددة وقسم البلاد جغرافياً إلى 83 دائرة بدل النظام القديم الذي حدد أن كل محافظة تمثل دائرة انتخابية واحدة.
مبررات التأجيل
من جهته، نبه عضو تحالف عزم، عزام الحمداني، إلى أن "على المستوى القرار السياسي والرسمي لم يتم التطرق إلى تأجيل الانتخابات لغاية هذه اللحظة، بل على العكس، هناك من يرغب بإجراء انتخابات مبكرة".
وأشار الحمداني، خلال حديثه للوكالة، إلى أن "الأوضاع في سوريا والمنطقة بدأت بالاستقرار وزيارة رئيس المخابرات العراقي إلى دمشق هي لطموح العراق بعلاقات مشتركة على مستوى القرار الأمني".
وأوضح الحمداني أن "العراق جزء من القرار الدولي الذي يعمل على تأسيس نظام سياسي في سوريا، وزيارة رئيس المخابرات العراقي هي لتأسيس محطات أولى للعلاقة بين الجانبين".
وخلص إلى القول: "لذلك لا توجد مبررات سياسية وقانونية وحتى أمنية من تأخير إجراء الانتخابات، بل إن إجراءها في موعدها مسألة دستورية وقانونية، وستمكن الشارع العراقي من الثقة بالنظام السياسي الحالي وبجميع مؤسسات الدولة العراقية".
يذكر أن البرنامج العام لحكومة السوداني، التي منحها البرلمان العراقي الثقة في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2022، يتضمن مجموعة بنود ومحاور منها بند ينص على إجراء انتخابات برلمانية مبكرة.
رياح التغيير
بدوره، رأى المحلل السياسي، داود الحلفي، أن "التطورات في المنطقة خطرة وغير مريحة للطبقة السياسية العراقية، لذلك ليس في بالها حالياً الانتخابات وإنما كيفية تفادي الخطر والتغيير الحاصل في الشرق الأوسط وفق تصورات المنظومة الدولية".
وتوقع الحلفي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "التغيير قادم نحو العراق بكل الأحوال إلا إذا رضخت الحكومة العراقية والأحزاب السياسية لكل مطالب الدول الغربية بما فيها أمريكا والدول الأخرى".
وزاد بالقول: "في حال عدم تقديم الطبقة السياسية التنازلات فإن النظام السياسي الموجود سوف يحصل عليه تغيير كبير وتتأجل الانتخابات لوقت طويل".
وأضاف أن "النظام السياسي الحالي عليه شكاوى عديدة من الداخل العراقي لنظره إلى المنظومة الطائفية قبل الهوية الوطنية، وأيضاً ينظر إلى حسابات الماضي وعدم التسامح والتصالح ويبني عليها قراراته السياسية، ما تسبب بمظلومية للكوادر الوطنية".
وواصل الحلفي حديثه: "يلاحظ أن أغلب القيادات هي قيادات حزبية وأكثرها فاشلة وغير قادرة على تنظيم الإدارة الموكلة إليها، وبالتالي أوصلوا البلاد إلى خراب مستدام وفساد وسوء إدارة، وسط عزوف عن الانتخابات".
وأكد أن "هذه المؤشرات تتطلب الإصلاح والتجاوب مع الجو الجديد وإعادة العراق إلى دوره المحوري كقائد عربي وليس تابع أو ظل لدول معينة، ما عداها لن ينجو العراق من التغيير القادم سواء بأفكار ترامب أو غيره".
واختتم الحلفي، حديثه بالقول إن "على الأحزاب تدارك الأمور والتصالح مع نفسها والحكم بالهوية الوطنية وبالمؤسسات القضائية وترك الماضي وعدم الانصياع خلف الهوية الطائفية والرغبات الإقليمية".