رمز أمل وصمود.. منتدى "بني سعد" يعيد الحياة لآلاف الشباب العراقيين (صور)
شفق نيوز / هي مساحات آمنة تلك التي وفرها منتدى بني سعد للشباب والرياضة في محافظة ديالى، هذا المنتدى قل نظيره في جميع أنحاء العراق، وعلى وجه الخصوص المحافظات المحررة التي لم تزل تنفض غبار الحرب وعمليات التحرير، إذ يسمح هذا المنتدى للشباب والشابات باللعب والتعبير عن أنفسهم والتدرب وتعلم المهن وصقل المواهب.
يقع منتدى بني سعد للشباب والرياضة في قلب مدينة المقدادية شمال شرق محافظة ديالى، وتأسس عام 1986 وتطور على مر السنين وقدم فرص لا حصر لها من خلال برامجه المختلفة.
وساعد هذا المنتدى، العديد من الرياضيين الذين لعبوا في ملاعب المنتدى وفازوا بالبطولات الوطنية، حيث يعتبر مركزاً للأنشطة الفنية والثقافية التي تُعزز الإبداع وتوفر فرصاً للنمو الشخصي.
ويرأس هذه المؤسسة التمكينية أحمد حسن عمري، ويدير نشاطات المنتدى، منذ عام 2014، إذ يقضي أحمد 10 ساعات في المركز كل يوم، ويكرس حياته لتغيير حياة الشباب في مجتمعه، كما يقوم بعمله بشغف، فتنوع نشاط المركز بإدارتهِ من تنظيم أمسيات شعرية وتدريب كرة القدم إلى التخطيط لمشاريع جديدة، بحسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة، اطلعته عليه وكالة شفق نيوز.
ونقل التقرير الأممي، عن أحمد حسن قوله: "أرى شخصي من خلال هؤلاء الشباب، عندما كنت في سنوات المراهقة لم أستطع متابعة حبي للرياضة والفنون لصعوبة تحمل عائلتي تكاليفها، لا أريد أن تمر الأجيال الشابة في مجتمعي بما مررت به، لدى الكثير منهم عملاً مؤقتاً وهم بحاجة إلى الدعم والتوجيه، لذلك أساعدهم على الوصول إلى قدراتهم الكاملة لكي يتمكنوا من تحويل أحلامهم إلى حقيقة".
ووفق التقرير، يزور ما لا يقل عن 800 شخص لا تتجاوز أعمارهم الـ 10 سنوات كل يوم اثنين، منتدى بني سعد للشباب والرياضة، ويلعبون كرة القدم والكرة الطائرة وكرة السلة وكرة المنضدة والبليارد والشطرنج، كما يجتمع الرسامون والنحاتون والشعراء والمصورون في المركز لمناقشة الفن والتعاون في المشاريع، في حين يأتي البعض لتشغيل الموسيقى والتمثيل على المسرح، ويشارك آخرون في التدريب على المهارات ويتعلمون الخياطة والحياكة والحِرف اليدوية.
وعن هذا التنوع والكم، أضاف حسن: "أعِدهم جميعاً كأبنائي وبناتي، فنحن نرحب بالجميع ونشجعهم على الاشتراك في نشاطاتنا، يعمل فريقنا بجد لوضع أفكارٍ جديدة وإيجاد طرق أفضل لخدمة سكان ديالى".
رمز أمل وصمود
ولطالما كان منتدى بني سعد للشباب والرياضة رمزاً للأمل والصمود في ديالى، فبعد أن نجا من التفجير في عام 2007، أصبح المركز في حاجة ماسة إلى إعادة التأهيل، وبسبب نقص التمويل، لم تبدأ إعادة إعماره إلا في عام 2011 وأعاق الصراع ضد داعش في عام 2014 إكمال عملية إعادة التأهيل.
وأغلق أحمد المركز الذي كان قد تولى إدارته للتو في ذلك العام وعلق جميع الأنشطة، وعلى الرغم من التهديدات الأمنية، كان يتفقد المركز باستمرار بمساعدة فريقه، وفق التقرير الأممي.
وعن تلك الفترة، قال أحمد: "كان علينا حماية المركز بأي ثمن، كان يمثل كل ما نملُك"، حيث اختار وفريقه البقاء في ديالى ورعاية مركز الشباب، مصممين على عدم السماح للخوف بردعهم، وبمساعدة فريقه، أعاد بعض أنشطة المركز بعد أشهر من انتهاء الصراع حتى بمحدودية الموارد والتجهيزات والمشاركين.
في عام 2021، عمل برنامج إعادة الاستقرار للمناطق المحررة التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مع أحمد وفريقه ومحافظة ديالى لإعادة بناء وتحديث منتدى بني سعد للشباب والرياضة، وفق تقرير "UNDP".
وأعيد افتتاح مركز الشباب في شهر تشرين الثاني لعام 2022، ويضم الآن صالات جديدة متخصصة وقاعة المسرح الكبير وكرة السلة وجميع الملاعب والحدائق، وتعمل جميعها بالطاقة الشمسية.
وأكد أحمد في هذا الصدد، أن "الشباب هم مستقبل العراق.. أود أن يكون المنتدى ملاذاً يُمكن للشباب في ديالى من أن يجدوا الإلهام فيه لتحقيق أهدافهم وأحلامهم".
ومع توسيع المركز، أصبح أحمد وفريقه الآن قادرين على استيعاب أكثر من 1000 زائر يومياً، ويعمل على تمكينهم من خلال تقديم أنشطة جديدة مثل الخياطة لجذب المزيد من الناس، بحسب التقرير الأممي.
وأوضح أحمد، أن "هذا المركز يعمل على مساعدة الناس ليتغلبوا على التحديات وليحققوا أحلامهم وأن يحتضنوا شغفهم"، مرجحاً أن "مركز بني سعد سيلعب دوراً حيوياً في مستقبل المجتمع، وليس للشباب فقط، وسيواصل العمل بجد لتزويد المتدربين بالأدوات اللازمة للارتقاء بحياتهم".
بناء الحياة
على صعيد آخر، تقضي شيماء أحمد، 48 عاماً، ونور خالد أحمد، 28 عاماً، ثلاث ساعات على الأقل يومياً في منتدى بني سعد للشباب والرياضة حيث تُخيطان الملابس الجميلة وتتعلمان تقنيات جديدة وتتواصلان مع زميلاتهُن.
ولمواجهة تحديات العيش في مرحلة ما بعد داعش، وجدت شيماء ونور إحساساً جديداً بهدفهما من خلال شغفهما المشترك بالخياطة، والذي اكتشفتاه أثناء مشاركتهما في التدريب على المهارات في منتدى بني سعد، وفق التقرير.
أُعيد تأهيل منتدى بني سعد للشباب والرياضة في ديالى من قبل برنامج إعادة الاستقرار التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بدعم من حكومة ألمانيا.
وتم بناء المركز باستخدام وسائل مستدامة وصديقة للبيئة، ويعمل بالطاقة الشمسية ولديه أنظمة لتقليل استهلاك الطاقة والمياه، وخفض انبعاثات الكربون وإدارة النفايات بشكل صحيح. ويخدم المركز اليوم أكثر من 50,000 شخص.
المصدر: UNDP